إني غلام ولكن حالتي عجبٌ

إني غلام ولكن حالتي عجبٌ!

المغرب اليوم -

إني غلام ولكن حالتي عجبٌ

مشاري الذايدي
بقلم - مشاري الذايدي

الملحّن والفنّان السعودي المبدع «ناصر الصالح» له مآثر شامخة في عالم الموسيقى والأغنية السعودية.

مؤخراً كان يُفترض أن يكون ضيفاً على الزميل «خالد مدخلي» في برنامجه، على أثير إذاعة العربية، لكن الفنّان الصالح اعتذر قبل انطلاقة المقابلة بدقائق، وبثّ حساب البرنامج تسجيل الاعتذار، وكان ممّا جاء فيه قول الفنّان بالدارجة المحكيّة: «والله تعبت وعندي ضغط لأني من زمان ما اتكلمت كتير وحاسس بالإرهاق وودّي ما أطلع للناس وأنا مو كويّس»، ليستجيب مدخلي لطلبه.

الحال أن الاكتئاب، بدرجات متفاوتة، ليس غريباً على بني الإنسان، بل إن الإنسان الذي لا يضيق صدره، ولا تكّدره صروف الدهر، يُنظر له في مرآة الأدب العربي وغيره على أنه إنسان بليد المشاعر، بقَري الإحساس.

غير أن نوبات وموجات من الاكتئاب والضيق ربما تودي بصاحبها في مهاوي الردى، كما جرى مع الشاعر السعودي المبدع، المرحوم «حمد الحجّي»، في أكثر من قطعة له. منها قوله حين مرّ به عِيد من الأعياد:

إني غلام ولكن حالتي عجبٌ ... أُرى كأنيَ في السبعين مولود

كأنني شبح في الليل منتصب ... أرعى النجوم وحلم الليل موؤود.

ومن أجمل وأبدع الصور المعبّرة عن هذا الشعور قطعة الشاعر القطري المختلف «محمد بن فطيس» حين رسم هذه الصورة العجيبة من الشعر العامي أو الشعبي أو النبطي:

الضيقة اللي دايمٍ تالي عصير... وش حيلتي وأردّها لا تجيني

وعقارب الساعة توقّف عن السير... ولاكنّ في الدوحة سِواتي حزيني

والعبَره اللّي تاصل الحلق وتِحير... يا قربها لو قِيل لي يا عويني

أملّ شوف الناس وِرد ومصادير... واللّي يقول اشفيك؟ كنّه يهجيني

أما المتنبي العظيم فله صولات وجولات في هذه الحلبَات، لاحظ هذه الشكوى من أبي محسّد:

أَرَقٌ على أَرَقٍ ومِثلِيَ يَأرَقُ... وجَوًى يزيدُ وعَبرَةٌ تَتَرَقرَقُ

جُهدُ الصَبابَةِ أَن تَكونَ كما أَرى... عينٌ مُسَهَّدَةٌ وقَلبٌ يَخفِقُ.

بالعودة للشعر العامي الشعبي، قال أحد فطاحلة هذا الشعر، القدماء، في نجد «محمد العوني» حين ضاقت به الدنيا واشتدّ عليه الطلب، ولجأ إلى أحد مشايخ البادية الكبار:

لا باس يا عينٍ بِدت تِنكر النوم... عافت سواهيج الكَرى يا ابن هذّال

القلب به سجّات وهموم وغموم... والحال نشّت حالها، ما بها حال.

وبعد، فشيء من الضِيق وبعضٌ من القلق وحفنة من التوجّس ضروري لإنضاج الإبداع، بل للشعور بأنك إنسان ولست حجراً، ألم يقل «تميم بن مقبل» الشاعر الجاهلي الشفيف:

ما أطيب العيش لو أن الفتى حجرٌ... تنبو الحوادث عنهُ وهو ملمومُ.

غير أن كثرته قاتلة، ووفرته ذابحة، وقانا الله وإياكم صروف الزمان وحوادث الحدَثان.

كان الفيلسوف الفرنسي الضخم «رينيه ديكارت» يقول عن نفسه؛ إنه لا يسير قدماً في هذا العالم إلا مقنعاً، أي بحذر شديد.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

إني غلام ولكن حالتي عجبٌ إني غلام ولكن حالتي عجبٌ



GMT 08:38 2025 الأحد ,09 شباط / فبراير

اختلاف الدرجة لا النوع

GMT 20:02 2025 الأحد ,19 كانون الثاني / يناير

عالم جديد حقًا!

GMT 06:19 2025 الأحد ,12 كانون الثاني / يناير

جانب فخامة الرئيس

GMT 19:43 2025 السبت ,11 كانون الثاني / يناير

أصول النظام السياسى

GMT 19:56 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

عيد سعيد!

النجمات العرب يتألقن بإطلالات أنيقة توحّدت تحت راية الأسود الكلاسيكي

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 02:28 2019 السبت ,28 كانون الأول / ديسمبر

ملامح ميزانية السودان 2020 تتضمن فرص عمل "هائلة"

GMT 03:28 2019 الأربعاء ,04 كانون الأول / ديسمبر

معلومات جديدة عن حياة ديما بياعة في عيد ميلادها الـ43

GMT 21:03 2019 السبت ,26 تشرين الأول / أكتوبر

شنطة الفرو أكّدت عليها شانيل وفندي إطلالة خريف 2019

GMT 04:59 2019 الثلاثاء ,15 تشرين الأول / أكتوبر

تعرف على مواصفات أسطول مطار خليج نيوم الأمني

GMT 02:04 2019 الإثنين ,18 شباط / فبراير

شبيهة هيفاء وهبي تثير ضجة على مواقع التواصل

GMT 06:37 2019 السبت ,09 شباط / فبراير

كيف تعالج مشكلة قضم الأظافر عند الأطفال؟

GMT 03:42 2018 الجمعة ,21 كانون الأول / ديسمبر

تشوبرا تبدو رومانسية خلال استقبال مومباي

GMT 11:51 2018 الخميس ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

شقيق الفنانة ياسمين عبدالعزيز يوجه رسالة لها بعد طلاقها

GMT 03:58 2018 الأحد ,01 إبريل / نيسان

نيسان يحمل في طياته مشاكل جاسوسية ومعارك
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib