من أجل الفكاك من التفاهة

من أجل الفكاك من التفاهة

المغرب اليوم -

من أجل الفكاك من التفاهة

مشاري الذايدي
بقلم : مشاري الذايدي

ضمن الذين شملهم القرار الملكي السعودي باكتسابهم الجنسية السعودية، أهل صنعة وإتقان فن الخط العربي.
في عام 2021 أطلقت الدولة السعودية من خلال وزارة الثقافة مبادرة كبرى حول الخط العربي، من ضمن أهدافها جعل المملكة حاضنة لفن الخط العربي، وكان من الصورة اللافتة تحويل أسماء لاعبي كرة القدم في دوري المحترفين، بمن فيهم غير العرب إلى الحرف العربي على القمصان.
وزير الثقافة السعودي الأمير بدر بن فرحان علق على هذا الاهتمام السعودي بفن الخط العربي وقال: «قصة ثقافتنا مع الخط العربي تتجاوز كل الحدود التقليدية؛ هي قصة حضارة وإرث وثقافة وحياة».
لماذا أتحدث عن ذلك؟
طافت بخلدي هذه المعاني حين قرأت «مرثية» الزميل عبد الجليل الساعدي التي نشرت بهذه الصحيفة حول منتج الخط العربي وأداته وهو «القلم».
أين القلم الذي على اسمه سورة في التنزيل الكريم وبه أقسم الرب العظيم؟
مع القلم تصبح الكتابة عملاً جاداً ورصيناً، ومع مفاتيح «الكيبورد» تفقد الكتابة رصانتها وأناتها.
قال عبد الجليل: «أصبح الكاتب الآن لا يفكر في قوة مادته ومتانة متنه، ودقة لغته، ورشاقة مفرداته، ولكنه مشغول بتحريك يديه في اتجاهات لا حصر لها من أجل إخراج مادته، حتى وإن افتقدت للنضج. فكيف تكون ناضجةً ولوحة مفاتيح الحروف تتقاسم النضج معها، وتنط أصابعه فوقها كعفريت!؟».
«إن لوحة الحروف وما عليها من علامات الترقيم، وعلامات أخرى كالتنوين مثلاً، كلها تذهب التفكير، وتشتت اللب والأفكار، وتشوش الذهن».
سالت الكلمات بلا قيود ولا مكتوبة بكتاب، ما دام أن من معاني الكتب في لسان العرب قديماً «التقييد» ولذلك يقال كتبت البعير، يعني قيدته.
على ذكر لسان العرب نقل صاحبنا عبد الجليل أن العرب تقول: «عقول الرجال تحت أقلامها» ثم يسأل عن يوم العرب لا أمسهم:
فهل عقول الرجال الآن تحت لوحة مفاتيح الحروف؟
كان من أهم المناصب الحكومية سابقاً في التاريخ الإسلامي وظيفة الكاتب أو صاحب ديوان الإنشاء، وكان من أهم الوزراء العباسيين الخطاط والأديب ابن مقلة. فقدان الكتابة المتقنة، شكلاً وموضوعاً، خطر على صناعة الأفكار العميقة والجديدة، كما هي مصيبة على توليد الصور البديعة، فلا وقت للتمهل وتقليب النظر على نهج الصائغ الحذق، هو وقت الهرولة على الشاشات الملساء، وربما حتى هذا النقر الخفيف لدى فئام من البشر الجديد من العبء الكبير، يكفي تسجيل الصوت والهذر والثرثرة، في البث المباشر والرسائل الصوتية.
هل نحن نقدس الماضي ونبكي على أطلاله فقط؟ أم إننا نتحدث عن خلل حالٍّ وحاضر؟
كيف نصنع كاتباً متقناً وصائغاً ماهراً اليوم؟ لأن وجود هذا الصنف من النخب يعني الارتقاء بوظيفة التفكير في كل مجال... وهذا هو عين المطلوب وغاية المقصود في زمن التفاهة الرقمية.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

من أجل الفكاك من التفاهة من أجل الفكاك من التفاهة



GMT 08:38 2025 الأحد ,09 شباط / فبراير

اختلاف الدرجة لا النوع

GMT 20:02 2025 الأحد ,19 كانون الثاني / يناير

عالم جديد حقًا!

GMT 06:19 2025 الأحد ,12 كانون الثاني / يناير

جانب فخامة الرئيس

GMT 19:43 2025 السبت ,11 كانون الثاني / يناير

أصول النظام السياسى

GMT 19:56 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

عيد سعيد!

أمينة خليل تتألق في الأبيض بإطلالات عصرية ولمسات أنثوية

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 14:41 2023 السبت ,22 إبريل / نيسان

زلزال بقوة 4.5 درجة في اليونان

GMT 07:39 2019 الخميس ,24 تشرين الأول / أكتوبر

"الغجر يحبُّون أيضًا" رواية جديدة لـ"الأعرج"

GMT 15:40 2019 السبت ,21 أيلول / سبتمبر

كيفية اختيار لون المناكير المناسب

GMT 23:58 2018 الجمعة ,14 كانون الأول / ديسمبر

ساني يهزم نيمار في سباق رجل جولة دوري أبطال أوروبا

GMT 19:43 2018 السبت ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

البدواوي يكشف أن "حتا" شهدت إقبالاً كبيراً من السياح

GMT 14:00 2018 الجمعة ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

نادي "إشبيلية" يرغب في التعاقد مع ماركوس يورينتي

GMT 00:51 2018 الجمعة ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

التلفزيون الملون لم يدخل بيوت الآلاف في بريطانيا

GMT 00:29 2018 الخميس ,08 تشرين الثاني / نوفمبر

صفية العمري تؤكّد أنها تبحث عن الأعمال الفنية الجيدة فقط
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib