واشنطن وأرخبيل ترمب القادم

واشنطن... وأرخبيل ترمب القادم

المغرب اليوم -

واشنطن وأرخبيل ترمب القادم

إميل أمين
بقلم - إميل أمين

بعد انتصار ساحق مدوٍ، ونشوة نصر دامت لنحو أسبوعين، بدأت العاصمة الأميركية، واشنطن، تتساءل عن مآلات الرئيس المنتخب دونالد ترمب وإدارته الترمبية القادمة، وهل ستكون الولاية الثانية مشابهةً للأولى، تلك التي شهدت مستويات قياسية من دوران الموظفين، فعلى سبيل المثال استقال مستشاره للأمن القومي، الجنرال مايكل فلين، بعد 23 يوماً من توليه منصبه، كما كان يطرد كبار المسؤولين بشكل روتيني عبر «تويتر» على مدى سنواته الأربع.

من المؤكد أن ترمب يختار، في كثير من الأحيان، على أسس من الشهرة الإعلامية والولاء الخاص، بأكثر من اعتماده على الخبرة والكفاءة المهنيتين، ما ترك مساحةً واسعةً لدى الأميركيين وغيرهم للتساؤل: ما هدف ترمب من هذه التشكيلة المثيرة للجدل؟.

على سبيل المثال جاء ترشيحه لعضو الكونغرس، مات غيتز، بعيداً عن إمكانية التحقق، فالرجل مكروه من قبل زملائه الجمهوريين، ومتورط أيضاً في تحقيق واسع النطاق في مجلس النواب حول سوء السلوك الجنسي المزعوم وتعاطي المخدرات، ما دفعه للانسحاب بعد ثمانية أيام فقط من ترشحه.

أما مرشح وزارة الدفاع، بيت هيغسيث، مذيع قناة «فوكس»، فتدور التحقيقات الآن حول صدور تقرير للشرطة، يتضمَّن تفاصيل مزاعم اعتداء جنسي.

بينما روبرت كيندي جونيور، المنقلب على الديمقراطيين، يعتذر بدوره عن شغل منصب وزير الصحة، بعد أن كشف تقرير لشبكة «CNN» عن تعليقات من برنامج إذاعي عام 2016 قارن فيه كيندي ترمب بهتلر وأهان أنصاره، وهكذا الحال مع شون دافي نجم تلفزيون الواقع، الذي تم اختياره لمنصب وزير النقل.

يمتد هذا الاتجاه إلى معظم رؤساء الوكالات الكبرى التي ستُشكِّل أذرع ترمب، وكثير منهم عديمو الخبرة أو متطرفون آيديولوجياً، ما يعني أن هدفهم هو تعطيل وظائف الحكومة بدلاً من تحسينها... أهي اختيارات عشوائية أم مقصودة لهدف أبعد؟

يمكن للباحث المحقق والمدقق أن يدرك من خلال اسم بعينه تم اختياره من قبل ترمب ليشغل منصب مكتب الإدارة والميزانية، أن هناك سيناريو ما يتم الترتيب والتدبير له بعناية فائقة، وفي هدوء وسرية تامَّيْن، وغالب الظن أن الاختيارات الظاهرة على السطح، هدفها إثارة الغبار... ما الذي نقصده بذلك؟

المرشح المشار إليه هو راسل فوغت، العقل اليميني، المشرف الرئيس على تقرير مشروع 2025، الواقع في 900 صفحة، والذي سيضحى غالباً، دستور إدارة ترمب الجديدة، رغم نفي الرجل علاقته به.

المشروع هو درة التاج في أفكار ومبتكرات مؤسسة التراث الأميركي «هيريتاغ فاونديشن»، التي يترأسها كيفن روبرتس، الذي يعد الصديق الأقرب والأخلص لنائب الرئيس، جي دي فانس.

كتب راسل فوغت الفصل الخاص بالمكتب التنفيذي لرئيس الولايات المتحدة، وهو أجندة مملوءة بالأولويات المحافظة والرؤى المناهضة لليسار الديمقراطي الذي تجلى في سنوات باراك أوباما الثماني، ومن بعده خيم فوق سماوات أميركا عبر ولاية بايدن اليتيمة.

لا تخلو خيارات ترمب القادمة من علاقة مثيرة برجال الأعمال، من عينة إيلون ماسك، ما يجعل التساؤل عن تضارب المصالح بين الخاص والعام أمراً واجب الوجود، لا سيما مع توافق مصالح ماسك، بما في ذلك مشروع «ستارلينك» التابع لشركة «سبايس إكس»، ومشروع «كوبر» التابع لـ«أمازون» مع الأهداف المحافظة لتوسيع البنية التحتية المخصخصة.

وفي حين يتم الاحتفال بالابتكارات التكنولوجية التي قام بها ماسك، فإن شكل التعاون بين ماسك وإدارة ترمب، يطمس الخطوط الفاصلة بين السياسة العامة وأرباح الشركات، ما يفتح الباب واسعاً لمخاوف أخلاقية مبكرة.

يلفت النظر كذلك في خيارات ترمب، ميله من جانب آخر إلى الاستعانة بعدد من الصقور في تشكيله القادم، لا سيما المرشح لمنصب وزير الخارجية ماركو روبيو، ومايك والتر المرشح لشغل منصب مستشار الأمن القومي.

المختارون حتى الساعة محكومون بالولاء الشخصي لترمب ورغبته في الانتقام من الديمقراطيين، عطفاً على الذين يستخدمون ترمب لتحقيق أهداف آيديولوجية، وكلاهما يقود إلى مزيد من الفوضى والاستقطاب.

يصف جون بولتون إدارة ترمب الأولى بأنها كانت أشبه بالأرخبيل، أي مجموعة الجزر المنفصلة، ولو كانت قريبةً من بعضها بعضاً.

لا يوجد في خيارات ترمب، دين أتشيسون وزير الخارجية الأميركي الأشهر الذي رسم سياسات الحرب الباردة، ولا هنري كيسنجر صاحب دبلوماسية «البنغ بونغ» مع الصين.

ماذا يعني ذلك؟

الهدف هو أن يكون ترمب الكل في الكل... أو هو الدولة، والدولة هو، كمقدمةٍ لفتح الباب أمام «أميركا مغايرة».

كيف سيمضي العالم مع أرخبيل ترمب الآتي من بعيد؟

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

واشنطن وأرخبيل ترمب القادم واشنطن وأرخبيل ترمب القادم



GMT 17:44 2025 الإثنين ,05 أيار / مايو

الشهادة القاطعة

GMT 17:43 2025 الإثنين ,05 أيار / مايو

دروز سوريا… تاريخ لا يمكن تجاوزه

GMT 17:41 2025 الإثنين ,05 أيار / مايو

لا تطمئنوا كثيرًا..!

GMT 17:36 2025 الإثنين ,05 أيار / مايو

استنزاف الشرع أم تفكيك سوريا؟

GMT 17:34 2025 الإثنين ,05 أيار / مايو

إعادة قراءة لتواريخ بعيون فاحصة

GMT 17:32 2025 الإثنين ,05 أيار / مايو

إيران دون عقوبات: تمكين الحلفاء بديل النووي

GMT 17:30 2025 الإثنين ,05 أيار / مايو

هل عاد زمن العطارين؟

أمينة خليل تتألق في الأبيض بإطلالات عصرية ولمسات أنثوية

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 14:41 2023 السبت ,22 إبريل / نيسان

زلزال بقوة 4.5 درجة في اليونان

GMT 07:39 2019 الخميس ,24 تشرين الأول / أكتوبر

"الغجر يحبُّون أيضًا" رواية جديدة لـ"الأعرج"

GMT 15:40 2019 السبت ,21 أيلول / سبتمبر

كيفية اختيار لون المناكير المناسب

GMT 23:58 2018 الجمعة ,14 كانون الأول / ديسمبر

ساني يهزم نيمار في سباق رجل جولة دوري أبطال أوروبا

GMT 19:43 2018 السبت ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

البدواوي يكشف أن "حتا" شهدت إقبالاً كبيراً من السياح

GMT 14:00 2018 الجمعة ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

نادي "إشبيلية" يرغب في التعاقد مع ماركوس يورينتي

GMT 00:51 2018 الجمعة ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

التلفزيون الملون لم يدخل بيوت الآلاف في بريطانيا

GMT 00:29 2018 الخميس ,08 تشرين الثاني / نوفمبر

صفية العمري تؤكّد أنها تبحث عن الأعمال الفنية الجيدة فقط
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib