المليار الذهبي وتناقص سكان العالم

المليار الذهبي وتناقص سكان العالم

المغرب اليوم -

المليار الذهبي وتناقص سكان العالم

إميل أمين
بقلم - إميل أمين

من بين عديد النظريات المختلف عليها، ما بين الحقيقة والمؤامرات، ترتفع قضية المليار الذهبي، الروسية الأصول والتي تقول بأن هناك مَن يسعى بالفعل إلى إنقاص عدد سكان العالم بصورة كبيرة، حتى تتمتع البقيّة الباقية بنوعٍ من أنواع رفاهية الحياة.

الحديث عن نظرية المليار الذهبي تكاد تدعمه بعض مقرَّرات المؤتمرات واللقاءات الدولية ومن بينها قمة لوغانو في سويسرا، والتي جَرَتْ في العام 1996، وفيها الكثير من الأحاديث عن حتمية تراجع عدد سكان العالم، وكان وقتها في حدود المليارات السبعة، وقد توقع الجميع أن يصل الرقم إلى عشرة مليارات بحلول العام 2100، أي خلال ستة عقود من الآن.

غير أنه وبعيدًا عن حديث المؤامرات والمؤتمرات، يبدو أن البشرية وبالفعل في طريقها لما أطلق عليه بعض العلماء "عصر تناقص السكان"، وذلك للمرة الأولى منذ تفشّي مرض الطاعون الأسود في القرن الرابع عشر، والذي أدَّى إلى تراجع عدد السكان حول العالم بنحو الربع تقريبا.

على أن المفارقة المثيرة، هي أن البراغيث كانت السبب في انتشار الطاعون، أمّا اليوم، فإن تناقص عدد سكان الكرة الأرضية سيكون مرجعه الخيارات التي اتّخذها البشر والعهدة هنا على الراوي، البروفيسور "نيكولاس إيبرشتات"، رئيس كرسي هنري ويندت للاقتصاد السياسي في معهد أميركان إنتربرايز.

ما الذي ينتظر ديموغرافية العالم، وهل من مناطق بعينها ستتراجع فيها أعداد السكان بشكلٍ مخيف، في حين ستحتفظ بقاعٌ أخرى بكثافة سكانها أم أن الأمر سينسحب على الجميع؟

من المؤكّد أن هناك بالفعل تكتّلات بشرية تتعرض إلى التراجع بشكلٍ مثير وربّما خطير، في مقدّمها القارة الأوروبية والتي تعاني من حالة الشتاء الديموغرافي بشكلٍ مؤكّد، حيث يتناقص عدد سكّانها بصورة ملحوظة.

عطفًا على أوروبا، تبدو دولةٌ كبرى مثل روسيا الاتّحادية، في مواجهة ذات الإشكاليّة، ولم تفلح كافّة التسهيلات التي وفّرتْها الدولة لمواطنيها، في الدفع نحو زيادة عدد سكانها.

ولعل المفاجأة الكبرى تتجلى في الصين، التي سيتراجع عدد سكانها بالوصول إلى عام 2050 إلى نحو سبعمائه وخمسين مليون نسمة فقط، ما يعني أن الهند سوف تسبقها في التعداد السكاني، مع ما لذلك من تغير في الأوزان الاستراتيجية لدول شرق آسيا.

هل ستتغير القاعدة التي تحكم العلاقة بين المواليد والوفيات؟

مؤكّد أن ذلك هو ما ستجري به المقادير، بمعنى أن عدد الوفيات سوف يفوق عدد المواليد، فيما السبب الرئيس سيكون تراجع معدلات الخصوبة والإنجاب من جهة، وتفضيلات البشر في تقليل عدد أفراد الأسرة والامتناع عن الزواج من جهة ثانية، وعليه سوف تصبح هياكل الأسرة التقليدية والترتيبات المعاشية التي لم تكن متخيَّلة حتى الآن، إلا في روايات الخيال العلمي، سمات عادية وغير ملحوظة في الحياة اليومية.

لقد انخفضت معدلات الخصوبة العالمية منذ الانفجار السكاني في ستينات القرن العشرين. وعلى مدى أكثر من جيلين، اتّجهتْ مستويات الإنجاب المتوسطة في العالم إلى الانخفاض بلا هوادة، حيث انضمّتْ دولةٌ تلو الأخرى إلى هذا الانخفاض. ووفقًا لقسم السكان التابع للأمم المتحدة، كان معدَّل الخصوبة الإجماليّ للكوكب في عام 2015 أعلى بمقدار النصف فقط ممّا كان عليه في عام 1965. أمّا حسابات شعبة السكان التابعة للأمم المتحدة، فقد شهدتْ كلُّ دولة انخفاض معدَّلات المواليد خلال تلك الفترة.

وبمزيد من التفصيل، يفيد برنامج الأمم المتحدة الإنمائيّ أن منطقة شرق آسيا بأكملها انزلقت إلى حالةٍ من الانكماش السكاني في عام 2021. وبحلول عام 2022، كان كل السكان الرئيسيّين هناك في الصين واليابان وكوريا الجنوبية وتايوان، يتقلَّصون.

وبحلول عام 2023، كانت مستويات الخصوبة أقل بنسبة 40% عن مستوى الإحلال في اليابان، وأكثر من 50% عن مستوى الإحلال في الصين، وبنحو 60% عن مستوى الإحلال في تايوان، ونحو 65% عن مستوى الإحلال في كوريا الجنوبية.

ماذا عن القارة الأوروبية؟

على مدى نصف قرن من الزمان كانت معدَّلات الخصوبة الإجمالية في أوروبا أقل من معدلات الإحلال بشكلٍ مستمرّ. فقد انخفضت معدلات الخصوبة في روسيا لأول مرة إلى ما دون معدلات الإحلال في ستينيات القرن العشرين، خلال عهد بريجنيف، ومنذ سقوط الاتحاد السوفيتي، شهدت روسيا 17 مليون حالة وفاة أكثر من معدلات المواليد، ومثل روسيا، فإن الدول السبع والعشرين الأعضاء في الاتحاد الأوروبي أقل بنحو 30% اليوم من معدّلات الإحلال.

المثير في المشهد أن دول الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، بدورها تأثّرتْ بهذه الموجة من انخفاض السكّان، على عكس ما جرت العادة، حيث الرغبة في الإنجاب وتكوين أسر ذات أعداد من متوسطة إلى كبيرة، وبعيدًا عن الإعداد الصغيرة أو الإضراب عن الزواج.

هل من خروج على هذه القاعدة، أي دولة بعينها لا تتناقص فيها الأعداد بل تتزايد معدلات الخصوبة؟

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

المليار الذهبي وتناقص سكان العالم المليار الذهبي وتناقص سكان العالم



GMT 16:09 2025 الأربعاء ,18 حزيران / يونيو

حرب «عاجل» والغبراء

GMT 16:08 2025 الأربعاء ,18 حزيران / يونيو

الحرب الإسرائيلية ــ الإيرانية إلى أين؟

GMT 16:07 2025 الأربعاء ,18 حزيران / يونيو

عن العقل العربي الغائب

GMT 16:06 2025 الأربعاء ,18 حزيران / يونيو

ترمب... يمتطي حصان الحرب

GMT 16:05 2025 الأربعاء ,18 حزيران / يونيو

المشرق العربي... البولندي

GMT 16:03 2025 الأربعاء ,18 حزيران / يونيو

تأجيلُ مؤتمرِ سلامٍ مؤجَّلٍ

GMT 16:02 2025 الأربعاء ,18 حزيران / يونيو

حسابات توازن القوى

GMT 16:01 2025 الأربعاء ,18 حزيران / يونيو

الإيمان والمستقبل...الدين وبناء السلام

هيفاء وهبي تتألق بتنسيق اللون الزهري والأسود مع لمسة الذهبي

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 18:27 2020 الإثنين ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

تتمتع بسرعة البديهة وبالقدرة على مناقشة أصعب المواضيع

GMT 02:03 2020 الأربعاء ,08 إبريل / نيسان

أجمل موديلات فساتين عروس طبقات 2020

GMT 07:33 2023 الجمعة ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

محمد صلاح يُصبح هداف مصر التاريخي في تصفيات كأس العالم

GMT 14:18 2019 الجمعة ,25 تشرين الأول / أكتوبر

مصر ترد على وكالة "ناسا" بشأن الإعصار المتجه نحو البلاد

GMT 13:10 2019 الأربعاء ,25 أيلول / سبتمبر

طاليب ينتقد معارضيه بعد انتصاره على الوداد

GMT 04:24 2019 الإثنين ,14 كانون الثاني / يناير

برنامج تجسس" يستهدف الهواتف ويسرق محتوياتها في المغرب"

GMT 19:09 2018 الثلاثاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

ليليان تورام يزور أكاديمية نادي الفتح الرياضي

GMT 22:36 2016 الثلاثاء ,15 آذار/ مارس

10 نصائح للعناية بالشعر المعالج بالكيراتين

GMT 03:53 2015 الإثنين ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

روندا روزي تتعرّض لضربة قاضية متوقعة من هولي هولم

GMT 06:38 2014 الأربعاء ,20 آب / أغسطس

توقيف نائب وكيل الملك في ابتدائية الناظور

GMT 19:25 2018 السبت ,27 كانون الثاني / يناير

نور الشريف يكشف حقيقة اشتراكه في فيلم روسي
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib