«بوسيدون» مفاتيح ترمب الاستراتيجية الخمسة

«بوسيدون»... مفاتيح ترمب الاستراتيجية الخمسة

المغرب اليوم -

«بوسيدون» مفاتيح ترمب الاستراتيجية الخمسة

إميل أمين
بقلم - إميل أمين

منذ القرن الخامس عشر على الأقل، أصبحت القوة البحرية عنصراً أساسياً في القوة الوطنية. لا تقتصر القوة البحرية على بناء أسطول بحري أكبر، ولا تقتصر على مهارة الأدميرالات، فحتى أفضل السفن بقيادة أمهر القباطنة، ستعاني من دون وجود موانٍ في مواقع مناسبة والبنية التحتية التي توفرها.

منذ نهاية الحرب العالمية الثانية، بدت الولايات المتحدة الأميركية، من دون منازع، الوريث الشرعي للإمبراطورية البريطانية التي غربت عنها الشمس، وضمن ذلك الإرث الهيمنة على البحار والمحيطات.

تحدَّث الرئيس الأميركي فرانكلين روزفلت (1933-1945) بالقول: «كل حرية؛ أي حرية العيش وليس حرية غزو الشعوب الأخرى، وإخضاعها، تعتمد على حرية البحار»، ومن هنا يُمكن القطع بأن التاريخ الأميركي المعاصر، ارتبط تاريخياً بفكرة «حرية البحار».

هل هناك اليوم ما يُهدد هذه الحرية، ويختصم من قطبية أميركا المنفردة بالعالم؟

في مؤلفه الأخير «مشروع بوسيدون... الصراع على إدارة محيطات العالم»، يُخبرنا الأكاديمي الأميركي، دافيد بوسكو، بأن هذه الحرية آخذة في التلاشي، فروسيا تُنصب أعلامها في قاع المحيط الأطلسي، والصين تُضايق الصيادين في بحر الصين الجنوبي، وتركيا والهند تُطالبان بحقوق إقليمية بحرية، استناداً إلى جدل حول الجرف القاري.

تقع جميع هذه الدول الناشئة خارج مناطق النفوذ الأميركي، وعليه فإنه إذا اندلع صراع مفتوح في آسيا، فمن المرجح أن يكون شعار «حرية البحار» هو الذي سيترفع في ميادين المعركة.

لم تكن قضية المفاتيح أو الممرات المؤدية للوصل بين محيطات العالم وبحاره، لتغيب عن الاستراتيجيين الثقات، وفي مقدمتهم الأدميرال البريطاني جون فيشر، ففي عام 1904، قدم أفضل تلخيص لأهمية المنافذ البحرية على المياه الدولية، من خلال مقولته الشهيرة: «خمسة مفاتيح تُغلق العالم؛ سنغافورة، رأس الرجاء الصالح، قناة السويس، جبل طارق، مضيق دوفر».

كانت تلك المفاتيح الخمسة ملكاً في أوائل القرن العشرين لملك إنجلترا، فيما اليوم يبدو المشهد العالمي مختلفاً تماماً.

هل باتت تلك المفاتيح الشغل الشاغل للرئيس ترمب؟

ارتفعت علامة الاستفهام المتقدمة مؤخراً بعد تركيز ترمب على التوصل إلى تهدئة واتفاق مع الحوثيين، وبات جلياً أن العقول التي تُفكر من حوله تقطع بأن أي قوة ستسيطر على نقاط الاختناق الاستراتيجية للتجارة البحرية العالمية، ستكون لها الغلبة في بقية مناحي صراع القرن الحادي والعشرين.

ولأن سيد البيت الأبيض يُدرك شهوة قلب الصين في أن تكون حامية وراعية عصرانية لـ«بوسيدون»؛ إله البحار عند اليونان، فلهذا رأينا مشاغبته لكل من قناة بنما في المنطقة المتوسطة للأميركتين الشمالية والجنوبية، ولقناة السويس وباب المندب؛ حيث الشرق الأوسط، والطريق إلى الشرق الأدنى، عطفاً على غرينادا في أقصى الشمال، بالقرب من الممر الشمالي الغربي الممتد من جزيرة بافن إلى بحر بوفرت، وهو خامس أهم ممر استراتيجي وأحدثه، وذلك بفضل تغير المناخ، ويبلغ طوله 900 ميل، مع وجود ما لا يقل عن سبعة مسارات مرور مختلفة، التي قد يستغرق عبورها من ثلاثة إلى ستة أسابيع.

مساءلة الرئيس الأميركي للمفاتيح المائية الاستراتيجية حول العالم، أمر ينم عن فهم دقيق للتخطيط الاستراتيجي الأميركي الشامل، ضمن رؤية الـ«MAGA»، أي أميركا العظيمة مرة أخرى، التي يعمل ترمب على تكريسها قولاً وفعلاً؛ حيث يجب أن تتمتع الولايات المتحدة بإمكانية الوصول بسهولة إلى كل من نقاط البحرية لسفنها التجارية وبحريتها، وذلك لحماية التجارة الأميركية، والحفاظ على صدارتها في المنافسة العالمية مع الصين.

خلال شهر أبريل (نيسان) الماضي، قدرت منظمة الأمم المتحدة للتجارة والتنمية (الأونكتاد)، أن التجارة البحرية تُمثل 80 في المائة من حجم التجارة العالمية. من هنا يتبين لنا لماذا يسعى ترمب لإعادة قناة بنما للوصاية الأميركية، أو ملكيتها من جديد، ومرد أهميتها أن ما بين 5 و6 في المائة من تجارة الاستيراد والتصدير العالمية تمر منها، عطفاً على 40 في المائة من حركة الحاويات الدولية، في حين قناة السويس تمر عبرها 12 في المائة من التجارة العلمية و30 في المائة من حركة الحاويات، ونحو 24 إلى 45 سفينة أميركية عسكرية، بما في ذلك حاملات الطائرات، بينما قلاقل باب المندب أجبرت حركة الملاحة البحرية على الدوران حول أفريقيا، ومضاعفة التكلفة، والتسبب في خسائر لشركات النقل العالمية.

يبدو تجاهل الأهمية الاستراتيجية لتلك الممرات من الجانب الأميركي، يعني ظهور أكثر من «بوسيدون» روسي أو صيني، ما لن يعرض المصالح الأميركية فقط للخطر بل مستقبل الاقتصاد العالمي برمته.

ما الذي يُخطط له ترمب للهيمنة على المفاتيح الخمسة؟

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«بوسيدون» مفاتيح ترمب الاستراتيجية الخمسة «بوسيدون» مفاتيح ترمب الاستراتيجية الخمسة



GMT 19:27 2025 الإثنين ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

الفرح ليس حدثاً

GMT 19:13 2025 الإثنين ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

من نيويورك إلى غزّة

GMT 19:10 2025 الإثنين ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

تلك الصورة في البيت الأبيض

GMT 19:07 2025 الإثنين ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

زغلول النجّار.. ودراما الإعجاز العلمي

GMT 19:04 2025 الإثنين ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

لبنان: المفاوضات وأزمة السيادة المنقوصة

GMT 19:02 2025 الإثنين ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

طيور المحبة بين الرياض والقاهرة

GMT 18:58 2025 الإثنين ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

الخوف على السينما فى مؤتمر النقد!

GMT 18:55 2025 الإثنين ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

السيمفونية الأخيرة

أنغام تتألق بفستان أنيق وتلهم عاشقات الأناقة في سهرات الخريف

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 17:49 2025 الإثنين ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

المتحف المصري الكبير يجذب 19 ألف زائر يوميا
المغرب اليوم - المتحف المصري الكبير يجذب 19 ألف زائر يوميا

GMT 19:51 2025 الإثنين ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

لاريجاني يؤكد رفض إيران التفاوض على برنامجها الصاروخي
المغرب اليوم - لاريجاني يؤكد رفض إيران التفاوض على برنامجها الصاروخي

GMT 09:18 2025 الثلاثاء ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

ناصر بوريطة يتعهد بدعم 350 فاعلاً غير حكومي ماديا خلال سنة 2026
المغرب اليوم - ناصر بوريطة يتعهد بدعم 350 فاعلاً غير حكومي ماديا خلال سنة 2026

GMT 01:06 2025 الثلاثاء ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

بسمة وهبة تدعم زوجة كريم محمود عبد العزيز وتشير لنهايتهم
المغرب اليوم - بسمة وهبة تدعم زوجة كريم محمود عبد العزيز وتشير لنهايتهم

GMT 04:27 2012 الإثنين ,17 أيلول / سبتمبر

زيت نخالة الأرز قادر على خفض الكولسترول

GMT 06:18 2019 الأربعاء ,29 أيار / مايو

موجبات التوظيف المباشر في أسلاك الشرطة

GMT 20:34 2018 الأربعاء ,05 كانون الأول / ديسمبر

موعد انطلاق بطولة مجلس التعاون الخليجي للغولف في مسقط

GMT 03:33 2018 الأربعاء ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

"الموناليزا"النيجيرية تعود إلى موطنها إثر العثور عليها

GMT 18:27 2017 السبت ,16 كانون الأول / ديسمبر

سويسرا تطرد فرنسياً تونسياً بشبهة الإرهاب

GMT 10:45 2017 الجمعة ,13 تشرين الأول / أكتوبر

تعرفي على ديكور الحفلات في الهواء الطلق في الخريف

GMT 03:59 2017 الثلاثاء ,11 تموز / يوليو

ريهانا عارية الصدر في ثوب حريري فضفاض

GMT 07:41 2016 الإثنين ,05 أيلول / سبتمبر

تفاصيل جريمة قتل بشعة في أحد أحياء الدار البيضاء

GMT 16:12 2025 الخميس ,24 إبريل / نيسان

وزير الخارجية الأردني يلتقي نظيره الهنغاري

GMT 01:06 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

بيتكوين تقترب من 100 ألف دولار مدفوعة بفوز ترامب

GMT 05:10 2022 الجمعة ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

كريم بنزيما أفضل لاعب في العام جلوب سوكر 2022
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
RUE MOHAMED SMIHA ETG 6 APPT 602 ANG DE TOURS CASABLANCA MOROCCO
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib