غزة وبيان القوة الدبلوماسية السعودية الناعمة

غزة... وبيان القوة الدبلوماسية السعودية الناعمة

المغرب اليوم -

غزة وبيان القوة الدبلوماسية السعودية الناعمة

إميل أمين
بقلم - إميل أمين

كرجع صدى، جاء البيان السعودي، بعد الموقف الأميركي الأخير من قطاع غزة، والذي أعلنه الرئيس الأميركي دونالد ترمب، خلال المؤتمر الصحافي، الذي جمعه مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو.

جاءت المقترحات الترمبية لتشكل التحول الأكثر جذرية في الموقف الأميركي من المنطقة منذ إنشاء دولة إسرائيل في عام 1948، وحرب عام 1967، التي شهدت بداية الاحتلال العسكري الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية بما في ذلك قطاع غزة، موطن الفلسطينيين الذين أُجبروا على ترك منازلهم في الحروب التي أحاطت بقيام الدولة العبرية.

بسرعة محمودة، أكدت المملكة العربية السعودية على سردية موقفها الثابت من القضية الفلسطينية، وفي مواجهة واضحة «لزمن فرص السلام الضائع»، بين إسرائيل وبقية العالم العربي، عبر عقود طوال.

جاء البيان السعودي، الذي يعبر بحسم وحزم عن رفض كل الأفكار التي طرحت في ذلك المؤتمر، ليجد ترحيباً واسعاً في العالم العربي، وبصورة تجعل منه دعماً وسنداً لكل من دولتَي مصر والأردن، اللتين تحاك من حولهما المؤامرات الديموغرافية، عبر تفريغ غزة من سكانها، بذريعة تعميرها أول الأمر، وهو حديث ما انفك يتحول إلى قصة «الريفييرا المتوسطية»، الأمر المنافي والمجافي للنواميس الإلهية، والقوانين والشرائع الوضعية كافة، وقرارات مجلس الأمن، وشرعة حقوق الإنسان.

يلفت الانتباه في بيان المملكة أنه يجمع بين اللغة الراقية، التي تفتح الطريق لبناء الجسور مع العالم برمته، وفي مقدمته الولايات المتحدة الأميركية، كقوة إمبراطورية فاعلة في حاضرات أيامنا، ومن غير أي نبرات لصاغر النفس أو تنازل عن الحقوق، ومن دون التراجع عن مناصرة الحق حاضراً ومستقبلاً.

ارتفع صوت الدبلوماسية السعودية الراسخ والثابت بسرعة، من دون إبطاء أو انتظار، ما يعني أن المملكة ومواطنيها، في حالة تلاحم وتماس مع أوجاع الأمتين العربية والإسلامية، وفي يقظة كاملة تجاه كل ما يمس أمنهما ومقدساتهما، وهو الموقف الذي أكده ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، بشكل واضح وصريح ولا يحتمل التأويل، خلال الخطاب الذي ألقاه في افتتاح أعمال السنة الأولى من الدورة التاسعة لمجلس الشيوخ في سبتمبر (أيلول) 2024.

منذ بدايات النكبة في عام 1948، والمملكة لا تتوقف عن عملها الدؤوب في سبيل قيام دولة فلسطينية مستقلة، وعاصمتها القدس الشريف.

في هذا السياق، ما كان للصمت أن يخيم على المشهد، ومع السرعة كان الجزم برفض سيناريوهات التهجير لأهالي غزة، أو تهجير أي فلسطيني خارج أرضه.

هنا تبدو لغة البيان جامعة ووافية لا تقبل التأويل، ولا تحتمل اللبس، ما يعني أن الحقوق الجوهرية، ليست مجالاً للتفاوض أو المقايضة، كما أنها لا تقبل المزايدات تحت أي ضغوط، أو في مقابل أي إغراءات.

هذا الموقف السعودي يمثل، وعن حق، نقطة ارتكاز جوهرية تدعم وتزخم المواقف المستقبلية للقاهرة وعمان، وبهدوء وتؤدة في مقابل حالة الانفلات القانوني، والخروج عن سياقات الرؤى الويستفالية منذ عام 1648 وحتى الساعة.

تفاءل الجميع، شرقاً وغرباً، حين نجحت مساعي الرئيس ترمب في التوصل إلى اتفاق وقف إطلاق النار في غزة، وزادت نبرة التفاؤل بحديثه في خطاب التنصيب عن رغبته في أن تكون أميركا عظيمة مرة أخرى، لا من خلال الحروب التي تشعلها، بل التي تسهم في إطفائها.

غير أن حساب الحصاد السريع، جاء منافياً ومجافياً لحساب البيدر، ولا يتفق إلا مع رؤى اليمين الإسرائيلي الذي عدّ مقترحات سيد البيت الأبيض خطوة حاسمة ونهائية في طريق القضاء على ما سمّوها «الفكرة الخطيرة»، أي قيام دولة فلسطينية مستقلة.

القراءة المعمقة والمتأنية للبيان السعودي، ناجزة بعدالة هائلة، لا سيما لجهة انتفاء فكرة إقامة علاقات دبلوماسية مع إسرائيل من غير دولة فلسطينية على حدود 1967 وعاصمتها القدس الشريف.

الدبلوماسية السعودية الناضجة، تبرع اليوم في حث مزيد من الدول المحِبة للسلام في اتخاذ مواقف واضحة وصريحة، تعلي صوت الحق من خلال دعم حقوق الشعب الفلسطيني، وتنفيذ قرارات الجمعية العامة للأمم المتحدة ورفع المعاناة عن «المعذبين في غزة» المتمسكين بأرضهم.

يحق للرياض أن تذكِّر العالم برمته بالأكلاف التي دفعها الجميع من أمنهم وسلامهم جراء إفشال إسرائيل وتضييعها مبادرة السلام العربية التي تبنتها المملكة في قمة بيروت 2002.

وفي كل الأحوال، فإنه من دون عدالة لا سلام، أما مقترحات الفوقية الإمبريالية فلا محل لها، مهما بدت نوازع القوة ظاهرة كأنياب الأسد، ذلك أن انتقام الجغرافيا، رابض خلف الباب، ونقمة التاريخ لا تخلف أبداً الخارجين عن النواميس.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

غزة وبيان القوة الدبلوماسية السعودية الناعمة غزة وبيان القوة الدبلوماسية السعودية الناعمة



GMT 17:00 2025 الأربعاء ,24 أيلول / سبتمبر

يوم فلسطيني بامتياز..ماذا بعد

GMT 16:59 2025 الأربعاء ,24 أيلول / سبتمبر

تَوَهان المشتغلين في الإعلام

GMT 16:58 2025 الأربعاء ,24 أيلول / سبتمبر

هل تغير الزمن فعلا ؟!

GMT 15:35 2025 الثلاثاء ,23 أيلول / سبتمبر

الاعتراف بفلسطينَ اعتراف بإسرائيل

GMT 15:32 2025 الثلاثاء ,23 أيلول / سبتمبر

دراميات صانعي السلام

GMT 15:27 2025 الثلاثاء ,23 أيلول / سبتمبر

تحقيقٌ صحافي عن عبد العزيز ومن عبد العزيز

GMT 15:18 2025 الثلاثاء ,23 أيلول / سبتمبر

من يسار الصحوة الأميركية إلى يمين الترمبية

GMT 15:15 2025 الثلاثاء ,23 أيلول / سبتمبر

حكاية الطبيب والأميرة ديانا!

الأناقة الكلاسيكية تجمع الملكة رانيا وميلانيا ترامب في لقاء يعكس ذوقًا راقيًا وأسلوبًا مميزًا

نيويورك - المغرب اليوم
المغرب اليوم - أنواع النباتات المثمرة المناسبة في بلكونة المنزل

GMT 07:42 2018 السبت ,06 تشرين الأول / أكتوبر

مرسيدس تطلق سيارة رياضية بمواصفات فائقة

GMT 15:45 2018 الأربعاء ,01 آب / أغسطس

المصري محمد صفوت يودع بطولة لوس كابوس للتنس

GMT 23:22 2018 السبت ,14 إبريل / نيسان

طرق بسيطة لاختيار ساعات عصرية تناسب الرجال

GMT 04:08 2018 الأحد ,18 آذار/ مارس

... مَن قال ليس حقيبة؟

GMT 01:12 2018 الأربعاء ,24 كانون الثاني / يناير

"نيس" الفرنسي يظهر اهتمامه بضم المغربي أمين باسي

GMT 13:19 2018 الإثنين ,01 كانون الثاني / يناير

لاس بالماس الإسبانية المدينة المثالية لقضاء أحلى شهر عسل

GMT 08:40 2017 الثلاثاء ,24 تشرين الأول / أكتوبر

الطقس و الحالة الجوية في جبل العياشي

GMT 00:43 2016 الجمعة ,23 أيلول / سبتمبر

شاطئ "الكزيرة" في المغرب جوهرة شمال غرب إفريقيا

GMT 00:02 2017 الثلاثاء ,17 تشرين الأول / أكتوبر

عمرو السنباطي يعلن عن رؤيته لمستقبل نادي هليوبوليس

GMT 07:58 2017 الخميس ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

مطعم ماهيكا مانو في طوكيو لمحبي الأماكن الرائعة والمختلفة
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
RUE MOHAMED SMIHA ETG 6 APPT 602 ANG DE TOURS CASABLANCA MOROCCO
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib