إدارة مفاوضات وقف الحرب

إدارة مفاوضات وقف الحرب؟

المغرب اليوم -

إدارة مفاوضات وقف الحرب

عبد المنعم سعيد
بقلم - عبد المنعم سعيد

قبل أسبوع لم يكن الموقف في حرب غزة الخامسة قد تغير كثيراً عما كان قبل ذلك بأسابيع؛ فالحرب جارية بين إسرائيل و«حماس» كما لو أنه لا توجد مفاوضات جارية بوقف الحرب بصورة تبدو دائمة، ولكنها في الوقت نفسه لا تمنع أي طرف من استئناف القتال في الوقت الذي يبدو له أكثر مناسبة لأهدافه الاستراتيجية. لا أظن أن أحداً في القيادة الإسرائيلية وقد أصبحت الآن صافية ونقية في يد أكثر تيارات اليمين تعصباً وإصراراً على تصفية «حماس» أو شلّها على أقل تقدير، وإبقاء السيطرة على قطاع غزة بشكل آخر لفترة قادمة. ولا أظن أن أحداً في قيادة «حماس» وقد أصبح واضحاً أنها تقع في يد قيادة الأنفاق داخل غزة - يحيي السنوار ورفاقه - وأن هذه القيادة وقد مضت على الحرب أكثر من ثمانية أشهر تبدو قابلة للاستمرار لأشهر وربما سنوات أخرى. إسرائيل تعول، وقد أفاقت عسكرياً على الأقل من مفاجأة الطوفان، على أن لديها القدرة العسكرية على الاستمرار في حرب يشاع أن 80 في المائة من القدرات العسكرية لـ«حماس» قد جرى تدميرها. و«حماس» تعول على أنها وقد استمرت في القتال كما لم يستمر الفلسطينيون في أي من الحروب السابقة، فإن التفكك الإسرائيلي، بخاصة مع استمرار ضغط الزمن ومشاركة «حزب الله» في الجبهة الشمالية، وجماعة الحوثيين في الجبهة الجنوبية. التهديد بإشعال المنطقة في حرب لا يعرف أحد لها نهاية يخلق نوعاً من الثقة لدى «حماس» أن بمقدورها الاستمرار في الحرب لفترة أخرى. الضحية لدى الطرفين هي شعب غزة أياً كان موقعه في جغرافيا القطاع المشتعلة وآخرها مدينة رفح التي كان ثمن تحرير أربعة من الرهائن هو قتل مائتين من الضحايا وأكثر من ضعفهم من الجرحى. اللغة الصادرة من الطرفين ساخنة وحارة بعبارات الفاشية والنازية والإرهاب وإلقاء الاتهام بشنّ الحرب وقتل الأبرياء، ولا يوجد فيها ما يظهر علامة بحث عن سكون أو سلام. حل الدولتين لكلا الطرفين هو حلم دولي لا يمانع أحد من الاستماع إليه؛ ولكنه في كل الأحوال مستحيل.

ومع ذلك، فإن الطرفين لديهما حاجة ومصلحة في قبول هدنة لا تمنع استمرار الحرب، ولكنها مهمة لالتقاط الأنفاس وتحقيق أهداف تقنع الجماعات الداخلية بأن نصراً تحقق. إسرائيل نتنياهو تريد المحتجزين لدى «حماس»، فبعد أشهر من الحرب، فإن ضغط الأهالي مع الشكوك في إمكانية النصر في حرب طبيعتها لا تتوقف ما دام أن الطرف الآخر لديه بضعة صواريخ تكفي للإعلان أن الحرب مستمرة. «حماس» خسرت خسائر فادحة، ولكن نزعاتها الانتحارية تجعل الحرب مباركة بالاستشهاد وجذب المزيد ممن تملكتهم الكراهية والرغبة في الثأر لكي يكون في القتال دائماً يومٌ آخر؛ ومع ذلك فإن تجميع هذه القوى يحتاج إلى زمن يجعل أكثر ما تؤكد عليه أثناء المفاوضات رغم إعلانها عن النصر فإنها تريد وقف إطلاق دائم ويضمنه جميع المشاركين في التفاوض، وهو في تاريخ الحروب ليس شائعاً بين المنتصرين. هذه الحاجة لدى الطرفين تجعلهما أولاً يستمران في التفاوض، وثانياً يتلاعبان بمدى وقف إطلاق النار وعما إذا كان مؤقتاً أم دائماً. اللغة يمكنها بالطبع المراوغة، ولكن الطرفين يعرفان أن الحد الأدنى هو وقف إطلاق النار للهدنة الأولى لمدة ستة أسابيع توقف القتال ويجري تبادل عدد من المحتجزين مع أعداد أكبر من الأسرى. وثالثاً أن ستة أسابيع إضافية في المرحلة الثانية سوف تظل فاتحة لأبواب التفاوض لأنه يجري فيها عمليات التبادل. النتيجة هي 12 أسبوعاً من اللاقتال؛ وذلك بطبيعته يخلق موقفاً يختلف إلى حد كبير عن ذلك الذي ساد في وقت الحرب.

هذه الفترة لا ينبغي أن تضيع سدى، من الوارد بالطبع أن القوى المتعصبة للحرب واستئنافها مرة أخرى على الجانبين يمكنها من ناحية أخرى أن تتيح فسحة لقوى السلام لكي يكون وقف إطلاق النار دائماً ومضافاً إليه الدفع في اتجاه السلام وحل الدولتين. بيان النقاط العشر الذي أذاعته وزارة الخارجية الأميركية يتيح مجالاً واسعاً للحركة، وبينما سوف يكون ذلك قائماً من جانب الولايات المتحدة والدول الأوروبية وربما أيضاً روسيا والصين تجاه إسرائيل، فإن الدول العربية يقع على عاتقها إقناع أو دفع «حماس» للانضمام إلى القوى الفلسطينية الساعية إلى حل القضية الفلسطينية من خلال حل الدولتين المطروح. مثل ذلك يمكن أن يضاف إلى مشروع إقليمي كبير يقوم على التنمية والرخاء للجميع يشبه بقدر الإمكان ذلك الذي جرى في أوروبا بعد الحرب العالمية الثانية، وفي آسيا في أعقاب الحرب الفيتنامية.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

إدارة مفاوضات وقف الحرب إدارة مفاوضات وقف الحرب



GMT 08:38 2025 الأحد ,09 شباط / فبراير

اختلاف الدرجة لا النوع

GMT 20:02 2025 الأحد ,19 كانون الثاني / يناير

عالم جديد حقًا!

GMT 06:19 2025 الأحد ,12 كانون الثاني / يناير

جانب فخامة الرئيس

GMT 19:43 2025 السبت ,11 كانون الثاني / يناير

أصول النظام السياسى

GMT 19:56 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

عيد سعيد!

النجمات العرب يتألقن بإطلالات أنيقة توحّدت تحت راية الأسود الكلاسيكي

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 12:24 2020 السبت ,26 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم برج الحمل السبت26-9-2020

GMT 07:07 2020 الإثنين ,02 آذار/ مارس

شائعة تبعد "مقالب رامز" عن بركان في الفلبين

GMT 19:46 2019 الأربعاء ,11 كانون الأول / ديسمبر

البرلمان المغربي يصادق على مشروع قانون المالية لسنة 2020

GMT 12:54 2019 الجمعة ,06 كانون الأول / ديسمبر

تعرف على مواصفات برج القوس ووضعه في حركة الكواكب

GMT 11:02 2019 الثلاثاء ,15 تشرين الأول / أكتوبر

غاريدو يحمل فتحي جمال مسؤولية مغادرته للرجاء

GMT 00:38 2019 الثلاثاء ,03 أيلول / سبتمبر

سيدة ميتة دماغيًا منذ أربعة أشهر تنجب طفلة سليمة

GMT 00:01 2019 الإثنين ,29 إبريل / نيسان

فان دايك يتوج بجائزة أفضل لاعب في إنجلترا

GMT 00:16 2019 الأحد ,07 إبريل / نيسان

أمل الفتح يتوج بطلا ويحقق الصعود

GMT 01:30 2019 الخميس ,24 كانون الثاني / يناير

بيع أوّل نسخة في العالم من "تويوتا سوبرا GR"

GMT 01:30 2019 الإثنين ,21 كانون الثاني / يناير

تعرفي على أفكار لحديقة الزهور ولمسة من الجمال

GMT 10:18 2018 الخميس ,13 كانون الأول / ديسمبر

تفاصيل حياة الدوقة كيت ميدلتون قبل زواجها من الأمير هاري

GMT 01:36 2018 الإثنين ,08 تشرين الأول / أكتوبر

وفاء عامر تبدي ألمها بإصابة فاروق الفيشاوي بالسرطان

GMT 07:55 2018 السبت ,15 أيلول / سبتمبر

الأثاث البني موضة لن تنتهي في عالم الديكور

GMT 20:54 2018 الأربعاء ,05 أيلول / سبتمبر

قائمة افضل لاعب في العالم بدون جريزمان
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib