بقلم - عبد المنعم سعيد
كيف يمكن فهم ما يحدث فى منطقتنا؟ فى العادة فإن مثل هذه الأسئلة الكبرى تكون عصية على الإجابة اللهم إلا إذا كانت الإجابة المطلوبة وصفا متسرعا يكون عادة «سيئة» أو «جيدة» أو «تتحسن»؛ وكلها لا تشفى غليلا، ولا تزيد فهما، وتقود إلى تأكيد معتقدات سابقة. الأمر هنا يحتاج قدرا من التفصيل، فى منطقتنا يشار لها فى العالم على أنها «الشرق الأوسط» وبين العرب يقال عنها العالم العربى إذا كنت تتحدث عن مجمع من الدول التى تتشارك فى اللغة والثقافة وتختلف فى كل شيء آخر وأهمها المصالح «الجيوسياسية» و«الجيو اقتصادية». أما إذا قلت عنها أنها الوطن العربى، فهنا فإن هذه المصالح المختلف عليها من قبل تختفى حيث تضاف إلى ما هو مشترك ويتلوها بعد ذلك مفردات مثل «الأمة العربية» و«القومية العربية» و«الأمن القومى العربي». وسواء كنا نتحدث عن العالم العربى أو الوطن العربى فإن الإقليم أو «منطقتنا» فإنها سوف تعرف بأنها مجموعة الدول العربية مضافا لها دول الجوار الجغرافى المتفاعلة تاريخيا بالصداقة والعداء معها: إيران وتركيا وإسرائيل. هذه هى منطقتنا كما نعرفها؛ بعد ذلك فإن السؤال حول ما يحدث فيها يستوجب نوعا آخر من التصنيف؛ وهذه ثلاث مجموعات: دول الجوار ، والدول العربية الوطنية التى تعرف التماسك الوطنى والاستقرار الداخلى والنزوع إلى التنمية، والدول العربية التى تفككت أو فى طريقها إلى ذلك.
الفهم يحتاج نقطة بداية، خاصة فى منطقة غائصة فى محيط التاريخ غازية ومغزوة، وسارت فى ثلاث مراحل الأولى الخلاص من الهيمنة العثمانية، والثانية الاستقلال للدولة العربية، والثالثة كيف تعاملت الدولة مع «الربيع العربي». وإجابة السؤال الأخير هي: الدول الناجية وتشمل الملكيات العربية ومصر وتونس والجزائر والعراق؛ والدول التى لم تنج ودخلت مرحلة طويلة من النزاع الداخلى والحرب الأهلية والتدخلات الخارجية وهذه تشمل سوريا ولبنان وفلسطين حتى قبل أن تقيم دولتها واليمن وليبيا والسودان.