توقيت محمد بن عيسى

توقيت محمد بن عيسى

المغرب اليوم -

توقيت محمد بن عيسى

سليمان جودة
بقلم - سليمان جودة

أول مرة قابلت فيها محمد بن عيسى كانت فى البحرين ٢٠٠٨، ومن بعدها صرت أراه فى كل سنة فى مدينة أصيلة المغربية، عندما يقام موسمها الثقافى السنوى الذى أسسه هو، أو فى القاهرة كلما زارها وهاتفنى لنلتقى، أو فى أكثر من عاصمة عربية كان يتصادف وجودنا فيها.

وإذا كان الرجل قد رحل أول أيام رمضان، فإن الثقافة بمفهومها الشامل قد خسرت واحدا من أبرز الذين انتصروا لها فى بلاده، وفى عالمنا العربى كله، بل وفى العالم على امتداده، لا لشىء، إلا لأن منتدى أصيلة الثقافى كان منتدى دوليا، ولم يكن منتدى مغربيا فى حدود المدينة على شاطئ المحيط الأطلنطى هناك.

كان المنتدى يستقبل ضيوفه فى موعده الصيفى الثابت منذ تأسس فى ١٩٧٨، ثم فى موعده الخريفى الجديد فى سنواته الأخيرة فى مرحلة ما بعد كورونا، وكان الضيوف أشتاتا من المفكرين والمثقفين والمبدعين والسياسيين من أنحاء العالم.

عاش الرجل يوظف الثقافة لتنمية الإنسان وتحسين نوعية حياته، وعاش يؤمن بأن كل عمل يستثمر فى الإنسان لابد أن يبدأ من الثقافة وينطلق منها، لأنها بطبيعتها تعمل على بناء عقل هذا الإنسان ووجدانه. كان إيمانه بالثقافة إيمانا بمفهومها العام، وكان هذا الإيمان من جانبه ينعكس على ملامح كل موسم جديد من مواسم المنتدى، فكان الزائر إلى أصيلة فى موسمها المتجدد يجد فى انتظاره لقاءات الفكر ونقاشاته، ومعارض الفن ولوحاته، وورش الرسم للأطفال وقاعاته.

كانت الثقافة بهذا المفهوم الأشمل هواءً يتنفسه أهل المدينة الصغيرة وضيوفها معا، وكانت المدينة التى لا يتجاوز عدد سكانها ١٥٠ ألفا تستقبل من السياح فى كل سنة ما يفوق عدد سكانها بكثير، وكانت سُمعتها قد راحت تسبقها سنةً بعد سنة.

كان الرجل وزيرا للثقافة فى المغرب لسبع سنوات بدءا من ١٩٨٥، وكانت تلك السنوات هى التى رسخت فى أعماقه يقينا بأن الثقافة هى المبتدأ فى كل عمل يسعى إلى أن ينقل الإنسان من مربع إلى مربع آخر فى حياته.

كثيرا ما كان يروى لى عن الفترة التى قضاها طالبا فى القاهرة، وكانت مدرسته فى الزمالك بداية السبعينيات. وقد عاش من بعدها يذكر أم كلثوم وهى جالسة فى بلكونة بيتها على نيل الزمالك، بينما هو يمر من أمام الڤيلا مُتطلعا إلى «الست» من بعيد. كانت تلك السنين قد خلقت فى داخله غراما بمصر لم يكن يفارقه، وكنت ألح عليه أن يكتب تجربته العريضة الواسعة بين الثقافة والسياسة، وكان هو يستمهلنى ولسان حاله يقول ما كان أنيس منصور يردده كلما طالبوه بأن يكتب قصته مع السادات، فكان يقول: يجب مراعاة فروق التوقيت.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

توقيت محمد بن عيسى توقيت محمد بن عيسى



GMT 17:44 2025 الإثنين ,05 أيار / مايو

الشهادة القاطعة

GMT 17:43 2025 الإثنين ,05 أيار / مايو

دروز سوريا… تاريخ لا يمكن تجاوزه

GMT 17:41 2025 الإثنين ,05 أيار / مايو

لا تطمئنوا كثيرًا..!

GMT 17:36 2025 الإثنين ,05 أيار / مايو

استنزاف الشرع أم تفكيك سوريا؟

GMT 17:34 2025 الإثنين ,05 أيار / مايو

إعادة قراءة لتواريخ بعيون فاحصة

GMT 17:32 2025 الإثنين ,05 أيار / مايو

إيران دون عقوبات: تمكين الحلفاء بديل النووي

GMT 17:30 2025 الإثنين ,05 أيار / مايو

هل عاد زمن العطارين؟

أمينة خليل تتألق في الأبيض بإطلالات عصرية ولمسات أنثوية

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 21:14 2025 الأربعاء ,09 إبريل / نيسان

"غوغل" تطلق وحش الذكاء الاصطناعي السريع Gemini 2.5 Flash

GMT 12:31 2020 السبت ,26 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم برج الجوزاء السبت26-9-2020

GMT 19:53 2019 الجمعة ,03 أيار / مايو

تمتع بالهدوء وقوة التحمل لتخطي المصاعب

GMT 21:07 2025 الأربعاء ,09 إبريل / نيسان

"إنستغرام" تختبر خاصية "الريلز" المقفلة

GMT 21:01 2025 الأربعاء ,09 إبريل / نيسان

"غوغل" تكشف عن أحدث شريحة تسريع الذكاء الاصطناعي

GMT 20:59 2025 الأربعاء ,09 إبريل / نيسان

أوروبا تكشف عن خطة لتصبح قارة الذكاء الاصطناعي

GMT 15:36 2020 الإثنين ,01 حزيران / يونيو

تنفرج السماء لتظهر الحلول والتسويات

GMT 19:17 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

يحاول أحد الزملاء أن يوقعك في مؤامرة خطيرة
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib