بقلم - سليمان جودة
لم يحدث من قبل أن كان السباق الانتخابى فى نقابة الصحفيين على هذه الدرجة من الحدة والسخونة، وكان السباق دائما بين مرشحين ينتمون إلى مهنة تُسمى «صاحبة الجلالة»، وكان هذا اللقب اسما على مُسمى فى كل سباق.. وهذا ما يريده كل عضو ينتمى إلى النقابة فى سباق الغد، وفى كل سباق من بعد سباق الغد.
وإذا كان الحديث هنا بصيغة «كان» فليس معناه أن ما كان وما عشناه قد انتهى وانقضى.. بالعكس.. فلاتزال هناك بقية يمكن البناء عليها، ولايزال عقلاء المهنة قادرين على أن يضربوا مثالا فى معنى الانتماء إلى مهنة لها مقامها عند الناس.
من حق كل مرشح أن يقدم لأعضاء النقابة ما يراه فى برنامجه الانتخابى، ومن حقه أن يذهب فى الترويج لما يقدمه إلى أبعد حد، ولكن ليس من حقه تسفيه برنامج مرشح آخر، ولا من حقه التقليل مما يقوله مرشحون آخرون.. ولا فرق فى هذا طبعا بين مرشح على مقعد من مقاعد مجلس النقابة، وبين مرشح على مقعد النقيب.
هذه المهنة اشتهرت بأنها مهنة المتاعب، ولأنها اشتهرت بذلك، ولأنها كذلك بالفعل، فليست فى حاجة إلى متاعب مضافة فى هذا الموسم الانتخابى الساخن.
هى فقط فى حاجة إلى مرشح يرتقى بمستوى الأداء فيها، وهى فى حاجة إلى مرشح يعمل على أن تكون صوتا للناس بجد.. وعندما تكون كذلك فليس معنى ذلك أنها ضد الحكومة، فالصحافة بمعناها الواسع ليست فى خناقة مع السُلطة التنفيذية ولا يجب أن تكون، وإنما هى لسان كل مواطن لدى حكومته، وهى عين ترى بها الحكومة ما لا تستطيع رؤيته إلا بها.. الصحافة الحُرة سند للحكومة وليست خصما منها كما قد يقع الظن فى بعض الأوقات.. وإلا.. فكيف يمكن أن تمارس أى حكومة مهمتها فى حياة الناس، إذا لم تكن تفعل ذلك فى النور.. ولا نور أمام أى حكومة بغير صحافة تشير إلى أنحاء الطريق وتُضىء جوانبه.
إننى أحمل الاحترام لكل مرشح، وأدعو الجميع إلى أن يضعوا المهنة فوق كل ما سواها، وأربأ بأى عضو فى النقابة عن أن يعمل لغير ما يضع هذه المهنة العظيمة فى مكانها الذى لا بد أن توضع فيه فى نظر الناس.
العمل النقابى عمل تطوعى بطبيعته، ولأنه تطوعى فالأصل فيه أن صاحبه يريد أن يقدم خدمة للمهنة، وللنقابة التى تقوم على المهنة، وللأعضاء الذين ينتمون إلى هذه النقابة.. والرهان هو على وعى أعضاء الجمعية العمومية وهُم يختارون المجلس والنقيب فى الغد، وإذا كانت صناعة الوعى مهمة أصيلة للصحافة، فالأجدر أن يكون الوعى حاضرا فى الاختيار.