3 في مسرح السلام

3 في مسرح السلام

المغرب اليوم -

3 في مسرح السلام

سليمان جودة
بقلم - سليمان جودة

وصفوا المسرح دائمًا بأنه «أبوالفنون»، ولا يزال كذلك طبعًا، وسوف يظل، وربما يعود هذا الوصف إلى أن التفاعل بين الفنان والجمهور فى المسرح تفاعل مباشر، لا حجاب فيه بين الطرفين، وهذا ما لا يحدث فى السينما، ولا فى التليفزيون، ولا فى أى وسيلة تخاطب الجمهور.

ولا شىء يُسعد الفنان إلا أن يرى أثر ما يقدمه على جمهور الفن أمامه بشكل مباشر، ولا شىء يجعله يشعر بأنه يقدم ما يخدم فكرة أو قضية إلا أن يحس بأن جمهور القاعة متفاعل معه، ومتحمس له، ومُقبل على ما يراه أمام عينيه على خشبة المسرح وجهًا لوجه.

وإذا شئتَ أن ترى شيئًا من هذا التفاعل المباشر فاذهب إلى مسرح السلام، الذى يعرض مسرحية «يوم عاصم جدًّا»، هذه الأيام.. المسرحية يقوم بها عدد من الفنانين الشباب المتألقين، الذين جمعهم نص للمؤلف أيمن النمر، مع رؤية للمخرج عمرو حسان.

الفكرة فى النص المكتوب أن ثلاثة أجيال تعيش وتتحرك أمامك على المسرح، من جيل الأجداد إلى الأبناء إلى الأحفاد، وفى كل مرة يلتقى الثلاثة يبقى كل جيل مندهشًا من أن حياة الجيل الآخر مضت أو تمضى على ما هى عليه مما لا يعرفه ولا يكاد يفهمه.

وربما كان هذا هو السبب الذى جعل المخرج يستدعى أغنية «فكرونى» لأم كلثوم بصوتها على المسرح، فهذه الأغنية الشهيرة هى الخلفية التى تظهر من وقت إلى وقت على امتداد العرض، وهى التى تُعيد تذكير جيل الأجداد بأنهم مروا يومًا من هنا، وأن حياتهم التى عاشوها بتفاصيلها الحية فى أعماقهم ليست هى الحياة التى يعرفها الأبناء، ولا هى الأسلوب الذى يمشى به الأحفاد.

أما الملمح الأهم فى حياة الأحفاد فهو جهاز الموبايل، الذى استحوذ على الناس وسرق حياتهم وزحف عليها فكأنه يؤممها لصالحه، والذى شد أبناء العصر إلى شاشته على نحو لا يتخيله الأجداد مطلقًا، ولا يتصوره جيل الآباء نسبيًّا، ولا يعرفون منذ متى تسلل هذا الجهاز إلى عصرنا، فجعل كل الناس مربوطين به، كما لم يربطهم شىء من قبل.. إنهم مربوطون به، لا مجرد مرتبطين بما يقدمه لهم من خدمات فى الاتصال أو فى التواصل، وهناك فارق كبير جدًّا بين أن يكون الشخص مربوطًا بالموبايل وبين أن يكون مرتبطًا به.. ففى الحالة الأولى يبدو الأمر وكأن الجهاز هو الذى يقود صاحبه لا العكس، ولكن فى الحالة الثانية تظل هناك مساحة لأن يمارس فيها الإنسان حريته بعيدًا عن استعباد الموبايل له واستيلائه على كل ما لديه من انتباه!.

المسرحية تصنع من هذه الفكرة موضوعًا على المسرح أمام الجمهور، وتدور حولها من أول العرض إلى آخره، ولا ينسى المخرج أن يُغلف الفكرة بإبهار المسرح الذى يعرفه جمهوره، وبكل ما يوظفه الإبهار من عناصر، بدءًا من الموسيقى، إلى الديكور، إلى الأزياء، إلى الأضواء، إلى الحركة نفسها، التى لا تتوقف أمامك من بدء إزاحة الستار عن نجوم العرض إلى لحظة الإسدال.

يخرج الجمهور من المسرح، وقد ضحك، فغسل بعض هموم الحياة، ويخرج وهو منتبه إلى أن فى حياته ما يستحق أن يعيشه بعيدًا عن قبضة الموبايل، التى تزداد تمكنًا من رقاب الناس.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

3 في مسرح السلام 3 في مسرح السلام



GMT 08:38 2025 الأحد ,09 شباط / فبراير

اختلاف الدرجة لا النوع

GMT 20:02 2025 الأحد ,19 كانون الثاني / يناير

عالم جديد حقًا!

GMT 06:19 2025 الأحد ,12 كانون الثاني / يناير

جانب فخامة الرئيس

GMT 19:43 2025 السبت ,11 كانون الثاني / يناير

أصول النظام السياسى

GMT 19:56 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

عيد سعيد!

النجمات العرب يتألقن بإطلالات أنيقة توحّدت تحت راية الأسود الكلاسيكي

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 10:26 2015 الثلاثاء ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

منزل ريفي في بريطانيا من وحي تصميمات روبرت ويلش

GMT 11:35 2017 الخميس ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

زيّن حديقة منزلك مع هذه الفكرة الرائعة بأقل تكلفة

GMT 17:00 2023 الإثنين ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

ديوكوفيتش يسعى للفوز بذهبية أولمبياد باريس

GMT 06:20 2023 الأربعاء ,04 كانون الثاني / يناير

230 ألف شخص يشيعون بيليه إلى مثواه الأخير

GMT 15:10 2022 الأربعاء ,23 آذار/ مارس

شركة "توتال" الفرنسية توقف شراء النفط من روسيا

GMT 20:10 2022 الجمعة ,07 كانون الثاني / يناير

مشروع قانون لتنظيم أسعار المحروقات في المملكة المغربية

GMT 14:16 2021 السبت ,31 تموز / يوليو

فساتين سواريه للنحيفات المحجبات

GMT 23:27 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

تعرف على قائمة الأسعار الجديدة للسجائر في المغرب

GMT 15:22 2020 الجمعة ,01 أيار / مايو

أبرز الأحداث اليوميّة

GMT 20:49 2019 السبت ,28 كانون الأول / ديسمبر

أسعار مازدا mazda 3 في مصر

GMT 21:11 2019 الأربعاء ,25 كانون الأول / ديسمبر

شركة أميركية ترصد صورًا لأهم أحداث الكوكب خلال العقد الماضي
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib