نظرية ملء الفراغ

نظرية ملء الفراغ

المغرب اليوم -

نظرية ملء الفراغ

سليمان جودة
بقلم - سليمان جودة

رغم أن نظرية ملء الفراغ نظرية علمية فى الأساس، ورغم أنها واحدة من نظريات علم الكيمياء، فإنها اشتهرت بين الناس باعتبارها نظرية سياسية أكثر منها نظرية علمية.

وأساسها أن وجود فراغ فى أى مكان يجد مَنْ يتقدم ليملأه على الفور، ولا يغيب هذا المعنى فى أى وقت، سواء كان الفراغ فى أنبوب أبحاث فى معمل، أو كان فراغًا سياسيًّا على مستوى محلى، أو عربى، أو إقليمى، أو دولى.. لا يغيب المعنى فى كل هذه الأحوال لأن منطق الأمور يقول به، ولأنه من سُنن الطبيعة ومبادئها الثابتة.

وكان الرئيس الأمريكى أيزنهاور هو الذى رفع لواء هذه النظرية فى مرحلة ما بعد تأميم قناة السويس ١٩٥٦ لأنها مرحلة شهدت انسحاب الإنجليز والفرنسيين من المنطقة، وكان من الطبيعى أن ينشأ فراغ عن انسحابهم. ولأن مفعول نظرية الفراغ يظهر على الفور فى مثل هذه الحالة، فإن الأمريكيين تقدموا بقيادة أيزنهاور ليملأوا الفراغ الناشئ عن انسحاب بريطانيا وفرنسا. وقد تكرر الأمر بعد ذلك فى حالات كثيرة على مستوى دول المنطقة وخارجها، ولكن بقيت الحالة الأمريكية فى أيام أيزنهاور هى الأشهر والأكبر.

يتكرر الموضوع من جديد فى الحالة السورية هذه الأيام لأن فراغًا نشأ فى سوريا على أكثر من مستوى بعد سقوط نظام حكم بشار الأسد.. نشأ فراغ عن سقوط الأسد، فجاءت هيئة تحرير الشام، بقيادة أبومحمد الجولانى، الشهير بأحمد الشرع، لتملأه على الفور.. ونشأ فراغ عن انحسار النفوذ الإيرانى فى دمشق ومعه النفوذ الروسى لأن عمق ارتباطهما بنظام الأسد أدى إلى ربط مصيرهما بمصيره، ولأن اختفاءه كان يعنى اختفاءهما بالتالى.

وكان لابد أن يأتى طرف أو أطراف لتملأ الفراغ الذى نشأ فى العاصمة السورية، وكان الطرف التركى جاهزًا من قبل نشأة الفراغ، فكان هو تقريبًا أول الأطراف الحاضرة!.

ومن بعده راحت الأطراف تتقاطر وراء بعضها البعض، وكان الطرف الأمريكى هو الأسبق من خارج المنطقة، وكان حديث أنتونى بلينكن، وزير الخارجية الأمريكى، عن أن بلاده على اتصال مباشر بهيئة تحرير الشام دليلًا لا تخطئه العين على ذلك.. وما كاد يقول ذلك حتى كان الألمان قد جاءوا، ومن ورائهم جاء البريطانيون، ثم جاء من بعد ذلك الفرنسيون.. ولا تزال الأطراف المختلفة تتزاحم فى الحضور لتملأ فراغًا لا بديل عن أن يمتلئ.

تبحث عن حضور عربى وسط كل ذلك فلا تكاد تعثر على شىء، مع أن العرب أوْلَى بسوريا من أى طرف آخر.. ولابد أن الغيورين على سوريا يتطلعون إلى اللحظة التى يجدون فيها مسؤولًا عربيًّا يجتمع مع الشرع فى دمشق كما اجتمع به الذين سبقوا.. إن هذه اللحظة لا يجوز أن تتأخر بأى حال؛ لأن كل طرف يسارع ليحجز مقعده هناك.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

نظرية ملء الفراغ نظرية ملء الفراغ



GMT 17:44 2025 الإثنين ,05 أيار / مايو

الشهادة القاطعة

GMT 17:43 2025 الإثنين ,05 أيار / مايو

دروز سوريا… تاريخ لا يمكن تجاوزه

GMT 17:41 2025 الإثنين ,05 أيار / مايو

لا تطمئنوا كثيرًا..!

GMT 17:36 2025 الإثنين ,05 أيار / مايو

استنزاف الشرع أم تفكيك سوريا؟

GMT 17:34 2025 الإثنين ,05 أيار / مايو

إعادة قراءة لتواريخ بعيون فاحصة

GMT 17:32 2025 الإثنين ,05 أيار / مايو

إيران دون عقوبات: تمكين الحلفاء بديل النووي

GMT 17:30 2025 الإثنين ,05 أيار / مايو

هل عاد زمن العطارين؟

أمينة خليل تتألق في الأبيض بإطلالات عصرية ولمسات أنثوية

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 14:41 2023 السبت ,22 إبريل / نيسان

زلزال بقوة 4.5 درجة في اليونان

GMT 07:39 2019 الخميس ,24 تشرين الأول / أكتوبر

"الغجر يحبُّون أيضًا" رواية جديدة لـ"الأعرج"

GMT 15:40 2019 السبت ,21 أيلول / سبتمبر

كيفية اختيار لون المناكير المناسب

GMT 23:58 2018 الجمعة ,14 كانون الأول / ديسمبر

ساني يهزم نيمار في سباق رجل جولة دوري أبطال أوروبا

GMT 19:43 2018 السبت ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

البدواوي يكشف أن "حتا" شهدت إقبالاً كبيراً من السياح

GMT 14:00 2018 الجمعة ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

نادي "إشبيلية" يرغب في التعاقد مع ماركوس يورينتي

GMT 00:51 2018 الجمعة ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

التلفزيون الملون لم يدخل بيوت الآلاف في بريطانيا

GMT 00:29 2018 الخميس ,08 تشرين الثاني / نوفمبر

صفية العمري تؤكّد أنها تبحث عن الأعمال الفنية الجيدة فقط
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib