بقلم - سليمان جودة
دخلنا فى أيام المهزلة السنوية مع امتحانات الثانوية العامة، وأصبح علينا أن نستيقظ مرة على الدموع التى تسيل على وجوه الطلبة بسبب امتحان الكيمياء، ثم مرةً ثانية على الابتسامة التى رسمتها الفيزياء على وجوه الطلاب!.. ولا يتوقف هذا المسلسل السخيف طوال أيام الامتحانات، فإذا جرى الإعلان عن النتيجة توقفت المهزلة مؤقتا، على أمل أن تتجدد فى السنة المقبلة بإذن الله!.
وقد تابعنا امتحان اللغة العربية أمس الأول، وقرأنا فى صحف اليوم التالى أن حالات من البكاء والإغماء رافقت الامتحان، وأن السبب أنه كان صعبا وغير متوقع، فسقط طالب هنا وهو يبكى وينتحب، وسقطت طالبة هناك وهى مغمىً عليها!.
وقبل أيام كانت مدرسة إعدادية فى بنى سويف قد سقط جميع طلاب السنة الثالثة فيها إلا طالبة واحدة، وسارعت وسائل الإعلام تلتقى الطالبة وتنشر صورها، وكانت وسائل الإعلام تفعل ذلك ولسان حالها يقول إن الطالبة الناجحة هى الناجية الوحيدة، وإنها تستحق بالتأكيد أن ترى صورتها فى كل وسيلة إعلام!.
حدث هذا وتابعناه بتفاصيله، مع أن الطبيعى أن ينجح الطالب لا أن يرسب، فإذا نجح فالأمر لا يحتاج إلى تصويره ولا إلى نشر أخباره.. اللهم إلا إذا حقق تفوقاً لافتاً، أو حصل على درجة متقدمة غير مسبوقة.
وليس أغرب من هذا كله، إلا أن يخرج مسؤول فى وزارة التربية والتعليم، فيقول إن الامتحانات كانت فى مستوى الطالب المتوسط!.. مع أن الأصل أن تكون فى مستوى الطالب المتفوق، وإلا، فكيف يمكن للمتفوق أن يُثبت تفوقه؟ وكيف يمكن لنا أن نميز المتفوق من الطالب الخائب الذى لا يريد غير شهادة تقول إنه متخرج فى سنة كذا فى كلية كذا؟.. أما أن يكون قد تعلم شيئاً، أو اكتسب مهارة، أو حصل على شىء يؤهله لعمل حقيقى، فهذا آخر ما فى الموضوع!.
والأشد غرابة أن الطلاب إذا اشتكوا من صعوبة فى مادة معينة، فإن الوزارة سرعان ما تقول إنها ستراعى ذلك عند تصحيح هذه المادة.. ولا يكون ذلك إلا دعوة صريحة للاستسهال لدى أى طالب، لأنه يعرف مسبقاً أن المادة الصعبة ستراعيها الوزارة بدرجات الرأفة!
التعليم الذى يتخرج فيه الرجال ليس من هذا النوع، والدول التى وصلت إلى مراحل متقدمة بين الأمم لا تعرف هذا التعليم.