معاوية والتجسيد

(معاوية) والتجسيد!!

المغرب اليوم -

معاوية والتجسيد

طارق الشناوي
بقلم - طارق الشناوي

قبل أن يبدأ عرض مسلسل (معاوية)، أستطيع أن أعلنها بكل ثقة أن الجدل الفقهى الذى بدأ منذ أن تناثر الحديث عن المسلسل سوف يسرق الكاميرا من كل الأعمال الدرامية، على الأقل فى الأيام الأولى من الشهر الكريم. سيدنا (معاوية) صار العنوان.

كثيرًا ما تُثار بين الحين والآخر تلك الأسئلة. الدراما المصرية ملتزمة قطعًا بوجهة نظر الأزهر الشريف فى عدم تجسيد الصحابة وآل البيت والخلفاء.

قبل عشر سنوات، شاركت فى وفد من النقابات الفنية وعدد من النجوم للقاء مع شيخ الأزهر، الذى تفضل مشكورًا بالترحيب بنا.

كان رأى شيخنا الجليل الدكتور أحمد الطيب أنه لا مجال للتجسيد التزامًا بما قررته هيئة كبار العلماء على مدى عشرات من السنين، ملحوظة هيئة كبار العلماء تجدد سنويًّا الرفض.

قلت له يا مولانا وشيخنا الأكبر: (الدراما الإيرانية جسدت سيدنا على والحسن والحسين، ومن حقنا أن نقدم وجهة نظر السنة).

قال لى الإمام الأكبر: (الشيعة لهم تفسيرهم الخاص فى التجسيد، ولنا وجهة نظر مغايرة قائمة على حفاظنا على الإسلام).

قلت له: ولكن مسلسل سيدنا (عمر) حصل على موافقة العديد من علماء السُّنّة، بتجسيد الخلفاء جميعًا؟.

كان من المستحيل أن نحصل على موافقة من الإمام الأكبر، خاصة أنه قال إن الدراما- يقصد بها (الخيال)- سوف تتدخل بإضافة تفاصيل فى الحياة حتى يتم ملء زمن المسلسل، وهو ما لا يمكن أن تعتبره هو بالضبط ما حدث، وهذا يعنى الإضافة والحذف، وهو ما يتعارض مع الإسلام، وقتها كان قد تردد أن هناك مسلسلًا مصريًّا يجرى إعداده عن حياة السيدة (أسماء بنت أبى بكر)، بينما الأزهر الشريف رفض السيناريو بسبب التجسيد.

ولو قلبنا فى صفحات الماضى، فسنكتشف أن رأى الأزهر الشريف بمنع التجسيد تم إقراره قبل نحو 100 عام عندما أشارت الجرائد المصرية إلى أن الفنان الكبير يوسف بك وهبى يستعد لتقديم حياة (سيدنا محمد عليه الصلاة السلام) فى فيلم من إخراج وداد عرفى، وكانت التجارب الأولى للسينما الناطقة قد بدأت فى العالم، أى أنه كان فيلمًا به حوار مسموع وموسيقى تصويرية.

نشرت الصحافة صورًا ليوسف وهبى، تؤكد حماسه للفيلم وتشير إلى أنه سوف يعرض فى كل أنحاء المعمورة لينشر من خلاله الدعوة الإسلامية الصحيحة، وتباينت ردود فعل بعض الصحفيين، فتح بعضهم النيران ضد يوسف وهبى وأعادوا نشر صورة له وهو يؤدى دور الراهب وأيضًا العربيد الروسى راسبوتين، الذى كانت له قداسة فى روسيا القيصرية قبل قيام الثورة البلشفية التى أطاحت بالقياصرة.

ورغم ذلك ظل يوسف وهبى متمسكًا بأداء الفيلم حتى صدر بيان من الأزهر الشريف يحذر من ذلك لأنه ضد الإسلام، ولم يكتفِ رجال الأزهر بالتحذير فقط من تجسيد سيدنا محمد، عليه الصلاة والسلام، بل قرروا منع تجسيد كل الأنبياء والخلفاء والمبشرين وآل البيت والصحابة، وذلك لكى يصبح درعًا واقية لمواجهة شطط السينما.

كان هناك مَن يعتبر السينما الوليدة (رجسًا من عمل الشيطان)، ووجدوا فيها انحلالًا وهكذا كانت كل الاتجاهات ضد السينما فى المطلق، فما بالكم عندما يصبح الحديث عن تجسيد الأنبياء؟!.

كل ما يتعلق بالدين، ولا أقصد فقط الدين الإسلامى، كل الأديان نجد خط الدفاع الأول هو الرفض لأى شىء مستحدث، القهوة مثلًا كانت فى البداية استنادًا إلى رأى فقهاء الدين تُعد من المحرمات، اعتبروها مُغيِّبة للعقل، استخدام الصنبور (الحنفية) فى الوضوء بدلًا من (الكوز) كان رأى أغلب العلماء فى كل المذاهب فى البداية أنه حرام شرعًا، ما عدا المذهب (الحنفى)، وهكذا أطلقنا عليها فى مصر (حنفية)، وانتشر هذا التعريف من بعدها لكل الناطقين بالعربية.

سبق أن جسدنا الخلفاء وآل البيت والصحابة قبل نحو 13 عامًا فى مسلسل (عمر) إخراج حاتم على.

بينما الآن يتساءلون كيف يجسد إياد نصار دور سيدنا على، وكان قد سبق له أداء دور يشتبه أنه مثلى جنسيًّا فى فيلم (أصحاب ولا أعز)، رغم أنه دراميًّا لم يكن مثليًّا؟!، فهل المُشاهد يقطع الخط الفاصل بين الفن والحياة، وتظل تلك الصفة ملتصقة بالممثل، فلماذا إذن تعاطفنا مع محمود المليجى فى فيلم (الأرض)، رغم أنه شرير السينما الأكبر؟!.

أنتظر رأى ورؤية أكثر هدوءًا فى تلك القضية، لسنا بصدد خلاف فكرى بين سُنة وشيعة، ولكن هذه المرة رؤيتان يمثلان السُّنّة، مع كل التقدير لأزهرنا الشريف، وشيخه الجليل، الإمام الأكبر!!.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

معاوية والتجسيد معاوية والتجسيد



GMT 19:27 2025 الإثنين ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

الفرح ليس حدثاً

GMT 19:13 2025 الإثنين ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

من نيويورك إلى غزّة

GMT 19:10 2025 الإثنين ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

تلك الصورة في البيت الأبيض

GMT 19:07 2025 الإثنين ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

زغلول النجّار.. ودراما الإعجاز العلمي

GMT 19:04 2025 الإثنين ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

لبنان: المفاوضات وأزمة السيادة المنقوصة

GMT 19:02 2025 الإثنين ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

طيور المحبة بين الرياض والقاهرة

GMT 18:58 2025 الإثنين ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

الخوف على السينما فى مؤتمر النقد!

GMT 18:55 2025 الإثنين ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

السيمفونية الأخيرة

أنغام تتألق بفستان أنيق وتلهم عاشقات الأناقة في سهرات الخريف

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 17:49 2025 الإثنين ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

المتحف المصري الكبير يجذب 19 ألف زائر يوميا
المغرب اليوم - المتحف المصري الكبير يجذب 19 ألف زائر يوميا

GMT 19:51 2025 الإثنين ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

لاريجاني يؤكد رفض إيران التفاوض على برنامجها الصاروخي
المغرب اليوم - لاريجاني يؤكد رفض إيران التفاوض على برنامجها الصاروخي

GMT 09:18 2025 الثلاثاء ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

ناصر بوريطة يتعهد بدعم 350 فاعلاً غير حكومي ماديا خلال سنة 2026
المغرب اليوم - ناصر بوريطة يتعهد بدعم 350 فاعلاً غير حكومي ماديا خلال سنة 2026

GMT 01:06 2025 الثلاثاء ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

بسمة وهبة تدعم زوجة كريم محمود عبد العزيز وتشير لنهايتهم
المغرب اليوم - بسمة وهبة تدعم زوجة كريم محمود عبد العزيز وتشير لنهايتهم

GMT 04:27 2012 الإثنين ,17 أيلول / سبتمبر

زيت نخالة الأرز قادر على خفض الكولسترول

GMT 06:18 2019 الأربعاء ,29 أيار / مايو

موجبات التوظيف المباشر في أسلاك الشرطة

GMT 20:34 2018 الأربعاء ,05 كانون الأول / ديسمبر

موعد انطلاق بطولة مجلس التعاون الخليجي للغولف في مسقط

GMT 03:33 2018 الأربعاء ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

"الموناليزا"النيجيرية تعود إلى موطنها إثر العثور عليها

GMT 18:27 2017 السبت ,16 كانون الأول / ديسمبر

سويسرا تطرد فرنسياً تونسياً بشبهة الإرهاب

GMT 10:45 2017 الجمعة ,13 تشرين الأول / أكتوبر

تعرفي على ديكور الحفلات في الهواء الطلق في الخريف

GMT 03:59 2017 الثلاثاء ,11 تموز / يوليو

ريهانا عارية الصدر في ثوب حريري فضفاض

GMT 07:41 2016 الإثنين ,05 أيلول / سبتمبر

تفاصيل جريمة قتل بشعة في أحد أحياء الدار البيضاء

GMT 16:12 2025 الخميس ,24 إبريل / نيسان

وزير الخارجية الأردني يلتقي نظيره الهنغاري

GMT 01:06 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

بيتكوين تقترب من 100 ألف دولار مدفوعة بفوز ترامب

GMT 05:10 2022 الجمعة ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

كريم بنزيما أفضل لاعب في العام جلوب سوكر 2022
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
RUE MOHAMED SMIHA ETG 6 APPT 602 ANG DE TOURS CASABLANCA MOROCCO
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib