بقلم - طارق الشناوي
فى سهرة دافئة أقامها مهرجان (أسوان لسينما المرأة) تعقد الدورة تحت شعار (الست)، أقيمت ندوة بدار ثقافة أسوان، شارك فيها وأدارها باقتدار كل من الكاتبة والروائية عزة كامل، والإعلامية نيرمين ماهر، تناولتا فيها عددًا من القصص الوهمية والنكت (المضروبة) التى نسبتاها عنوة للـ(ست).
أم كلثوم خفيفة الظل و(بنت نكتة) تلك حقيقة، إلا أن الوجه الآخر للصورة أنها لا يمكن أن تجرح إنسانًا، ظل بداخلها إحساس الفلاحة التى تعرف الأصول ولا تصدر عنها (العيبة).
مثلًا روى لى عمى الشاعر الغنائى الكبير مأمون الشناوى أنه كان فى استوديو مصر منتصف الأربعينيات للقاء تحية كاريوكا، التى كانت تصور فيلمها (لعبة الست)، والتقى بالصدفة مع أم كلثوم، التى كانت أيضًا على موعد مع تحية، قالت له أم كلثوم: (متى تأتى تحية؟)، أجابها: (سوف تأتى رأسًا) ردت أم كلثوم بسرعة بديهة: (مستحيل تحية تأتى رأسًا أكيد رقصًا)، (قفشة) أو (قلشة) خفيفة الظل تصدر فعلًا عن أم كلثوم.
استمعت قبل سنوات لأغنية (ليلة حب) كررت مقطع (ماتشوقناش ماتعذبناش) مثنى وثلاث ورباع، واستبدت النشوة بأحد السميعة، ترك مقعدة مخترقًا الصفوف، وانطلق مسرعًا إلى خشبة المسرح مرددًا: (أعد يا ست أعد)، أشارت له أم كلثوم قائلة (ماتعذبناش)، وضجت الصالة بالضحك، من يستمع إلى هذا التسجيل، لن يعرف قطعًا لماذا ضحك الجمهور؟، تلك هى سرعة البديهة المغلفة بخفة ظل يتقبلها الجميع، وأولهم هذا المعجب الولهان.
ورغم ذلك انفلتت يومًا ضحكة غير مقصودة من أم كلثوم، عندما رأت بالصدفة نجيب الريحانى لأول مرة وجهاً لوجه قبل رحيله ببضعة أشهر، لم تستطع أن توقف ضحكاتها، فما كان من نجيب الريحانى سوى أن انصرف غاضباً، ولم يتم التعارف بين قمتى الغناء والكوميديا فى مصر؟!.
ستكتشف أيضًا ذيوع نكت لا تصدر أبدًا عن أم كلثوم، مثلًا أنها كانت فى لقاء مع سكان منطقة (الزمالك) حيث تقع فيلتها، قال أحد الجيران بصوت عالٍ: (أنا جار ثومة)، بادرته قائلة (تقصد أنك جرثومة)، تشبيه لا يمكن أن تنطق به أبدًا (الست) تجرح به إنسانا فى أول لقاء بينهما لمجرد (إيفيه).
أحد مؤلفى الأغانى المغمورين أراد أن يشيع عن نفسه أنه كان قريبًا من أم كلثوم، ذكر أنه التقاها لأول مرة فى مبنى الإذاعة، وقدمه لها الملحن محمد القصبجى قائلًا: (فلان شاعر متميز وأنيق يرتدى «كرافت» ثمنه ثلاثة جنيهات)، رقم ضخم فى تلك السنوات، ردت أم كلثوم: (الكرافت فيها زيت على الأقل ب خمسة جنيهات)، وهذا التعبير يشير مباشرة إلى عدم النظافة الشخصية، أيضًا مستبعد أن يصدر عن أم كلثوم.
ينتشر على (النت) لقاء مزعوم بين أم كلثوم وإسماعيل ياسين، سخرت فيه من اتساع فتحة فمه، عندما رأته يوزن نفسه فى إحدى الصيدليات فبادرته: (بتوزن نفسك ببقك ولا من غيره؟)، لقاء من وحى الخيال.
اقتحموا جدران بيتها مع زوجها دكتور حسن الحفناوى، أحد أهم أساتذة الأمراض الجلدية فى العالم العربى، قالوا إنه فى لحظة غضب صفعها، استجارت بجمال عبد الناصر، طلب منه الاعتذار الفورى، هدده بالاعتقال، وتلك هى (كذبة الأكاذيب)، تشير بفجاجة إلى الثقافة الذكورية، التى تعنى خضوع المرأة للرجل، ولو كانت (الست)، ولا تغفل التأكيد أن ناصر يعلم (دبة النملة) وصفعة الزوج للزوجة!!.