التعايش السلمى مع البذاءة

التعايش السلمى مع البذاءة!!

المغرب اليوم -

التعايش السلمى مع البذاءة

طارق الشناوي
بقلم - طارق الشناوي

أخطر ما يواجه المجتمع هو فقدان الدهشة فى التعامل مع الفساد، عندما يصبح جزءًا طبيعيًا من تفاصيل الحياة، الفساد ليس فقط سرقة أموال أو هتك أعراض، بذاءة استخدام الألفاظ واحدا من مظاهر تفشى هذا الوباء.

شاهدنا أكثر من فنانة تتجاوز فى استخدام كلمات مقززة، معتقدة أن من حقها أن تفتح الموبايل وتسجل كل ما يعن لها من شتائم، مطمئنة كما يبدو من موقفها، على اعتبار أنها من (أسياد) البلد، وعلى كل العبيد فى هذا البلد والبلاد المحيطة الخضوع المطلق لصاحبة الصولجان، عدد معتبر ممن ينتمون للقبيلة الفنية لديهم مع الثقافة عداء مستحكم، بالمناسبة الثقافة لا تعنى بالضرورة الحصول على مؤهل دراسى، من الممكن أن يحصل أحدهم على شهادة دكتوراة، بينما هو يعيش فى عداء سافر مع الثقافة، ولا وجود فى جدول حياته لشىء اسمه الاطلاع والفهم، ولهذا اعتقدت إحدى الممثلات أن تعبير (المشخصاتية)، توضع تحت طائلة قانون السب والقذف العلنى وانهالت بغشومية منقطعة النظير على من أطلق عليها هذا التوصيف على اعتبار أنها كلمة (أبيحة)، كأنه ينال من شرفها المهنى والشخصى، حرصت الممثلة على أن تكتب مؤخرا اعتذارًا على صفحتها ولا أظنه كافيًا، حتى تمحو من سجلها تلك الحماقة، لم ترتكب خطأ شخصيًا، ينتهى بالاعتذار العلنى، ولكن خطيئة متكاملة الأركان، خاصة أن ردها حمل أيضا تبريرًا بأنها كانت فى حالة دفاع شرعى عن النفس فاستخدمت تلك الموبقات، لا أرى الأمر على هذا النحو، بل هو أكبر بكثير من حالة فردية، فهو يعبر عن تيار صاخب وموجات عاتية كثيرا ما نراها أمامنا ونكتفى بالصمت، وحان الآن توقيت المواجهة.

تضاءل الثقافة يولد من رحم السوقية ليصبح ما نراه أمامنا هو السائد فى العديد من التعاملات والتفاعلات، يجب ملاحظة أن الأمر ليس قاصرا على واقعة محددة ولكنه سلوك عام، ومع الأسف أن قطاعا من المجتمع يطبق مبدأ (إللى تكسب به إلعب به)، ولهذا مثلا تابعنا رئيس إحدى النقابات الفنية وهو يتباهى فى بث مباشر بأنه يستخدم أصابعه ويخرج من أنفه أصواتا يقهر بها كل من يخالفه الرأى، ومفرداته فى أى حوار يجريه عبر (الميديا) هى استخدام كم من البذاءات ضد كل من يقف على الشاطئ الآخر من آرائه التى تضر بالصالح العام، ورغم ذلك فلقد حظى فى الانتخابات بموافقة الأغلبية، وهذا يعنى ضمنا أن هناك تعايشا ومباركة داخل هذا القطاع للسوقية فى التعامل وبأن تصبح واحدة من الأدوات المشروعة.

وهكذا أقرأ حرص رئيس نقابة المهن التمثيلية، الفنان أشرف زكى، على نشر صورة لأعضاء مجلس إدارة نقابة المهن التمثيلية وموافقتهم بالإجماع على إحالة المتجاوزين للتحقيق، أراد من خلال نشر الصورة أن تصل الرسالة إلى الناس بأن الغالبية العظمى، بل الإجماع، يرفضون استخدام تلك ألألفاظ والإيحاءات.

أراها خطوة صحيحة قبل إصدار بيان شجب، وما سوف يعقبه لا محالة من تحقيق مع الممثلة وغيرها ممن دأبوا على ضرب كل القيم فى مقتل.

قطعا نلاحظ تراجعا فى القدرة على إدراك معانى وظلال الكلمات التى يتم تداولها عبر (السوشيال ميديا) التى تحولت إلى سلاح غاشم يمسك به عدد من الشخصيات العامة بلا رقيب أو حسيب، أتصور أن المجتمع ينتظر عقابا رادعا لتلك الممثلة التى لا تستحق لقب (مشخصاتية)، فهى تعنى درجة قصوى من الإجادة الإبداعية لم ولن تصل أبدا إليها!!.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

التعايش السلمى مع البذاءة التعايش السلمى مع البذاءة



GMT 13:41 2025 الجمعة ,15 آب / أغسطس

أين اختفت جماهير إيران العربية؟

GMT 13:36 2025 الجمعة ,15 آب / أغسطس

سوهارتو الشرق الجديد

GMT 11:42 2025 الجمعة ,15 آب / أغسطس

روسيا... الابن الأوروبي الضال

GMT 11:40 2025 الجمعة ,15 آب / أغسطس

ممر زنغزور... استراتيجية القطع والوصل

GMT 11:25 2025 الجمعة ,15 آب / أغسطس

لاريجاني باللبناني

GMT 11:24 2025 الجمعة ,15 آب / أغسطس

«غروك» مثل غيره... يتبرمج!

GMT 11:23 2025 الجمعة ,15 آب / أغسطس

الفاشر: قصة صمود بين الحصار والجوع

GMT 11:22 2025 الجمعة ,15 آب / أغسطس

نهاية فاعلية سلاح «حزب الله»

النجمات يخطفن الأنظار بصيحة الفساتين المونوكروم الملونة لصيف 2025

بيروت ـ المغرب اليوم
المغرب اليوم - 6 طرق بسيطة للحفاظ على صحة المفاصل ومرونتها

GMT 20:16 2025 الأربعاء ,06 آب / أغسطس

جلسة تداول ناجحة في بورصة الدار البيضاء
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
RUE MOHAMED SMIHA ETG 6 APPT 602 ANG DE TOURS CASABLANCA MOROCCO
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib