ظلم المصطبة

ظلم المصطبة!

المغرب اليوم -

ظلم المصطبة

طارق الشناوي
بقلم - طارق الشناوي

وكأننا أمام الثلاثية الدرامية الشهيرة (زوج وزوجة وعشيق)، إلا أن الشاشة تقول شيئًا أبعد وأعمق.

واجه المسلسل مشكلات أثناء التنفيذ، كاتب ومخرج يتراجعان فى لحظة حرجة عن استكمال التصوير، ينقذ الموقف كاتب ومخرج آخر، تبدو ظاهريًا تفصيلة بعيدة عن التقييم الفنى، إلا أنها كانت وحدها كافية لكى تشعر أن المسلسل يواجه (نيران صديقة) ستقضى عليه لا محالة، بينما الشاشة تقول شيئًا آخر، المسلسل يكتسب يوميًا ومع كل حلقة أرضًا جديدة، بدرجة مصداقية تنضح على كل تفاصيله، وتدفع به فى النصف الثانى من رمضان للمقدمة، ولا أشعر أبدًا بأننى أمام منهجين أو أسلوبين، فى مثل هذه الحالات التى يتغير فيها المخرج، تشعر بأن مفتاح الشخصيات كفن أداء يتم تغييره واستبداله، إلا أن هناك ثباتًا وعمقًا فى فهم الشخصيات لطبيعة أدائها.

المخرج هانى خليفة والكاتب محمد رجاء هما أصحاب ضربة البداية لقصة ومعالجة درامية كتبها المخرج أحمد فوزى صالح، صار المسلسل بعد ذلك يحمل توقيع محمد على ومعه مشاركة فنية عمرو موسى، تسكين الأدوار ومفتاح الشخصيات، بديهى أنها اختيار المخرج الأول، هناك استكمال لثبات منهج الأداء، ولم يخرج أى ممثل بعيدًا عن جدران ومحددات الشخصية، ولم أشعر حتى الحلقة السادسة أن هناك رؤيتين بل رؤية واحدة.

المسلسل يحلل المساحة التى يتحرك فيها القانون الوضعى الذى يحكمنا أمام الدولة والناس، إلا أن هناك عرفًا اجتماعيًّا، له كلمة موازية، يبلغ ذروته فى استخدام (البشعة) من يكذب سيحرق لسانه الحديد الملتهب، وهى عادة لا تزال لها تنويعات، الدائرة التى تتحرك فيها الدراما تستند إلى مثل شائع (ظلم المصطبة ولا عدل المحكمة) تعنى أننا حتى الآن ننصت لما يراه المجتمع فى تحديد الخط الفاصل بين الحق والظلم والحلال والحرام، المهم هو إرضاء المجتمع، فهو الذى يملك الكلمة العليا.

المجتمع له قانونه ولا يمكن تجاهل سطوته، المسلسل بدأ من وجه بحرى، وأثناء رحلة هروب ريهام عبدالغفور وإياد نصار من تبعات جريمة قتل الزوج، نصل للصعيد، وكأنها رؤية بانورامية للوطن مع تعدد أطيافه.

جريمة قتل ولكنك تتعاطف مع القاتلة أو بالأحرى ما تعتقد أنها قاتلة زوجها فتحى عبدالوهاب، رمز للظلم المطلق فهو يصدر فى ثوانٍ أشد أنواع العقاب، وتمتد سطوته حتى على أخته بسمة وزوجها محمد على رزق، كل شىء فى قبضته.

صار يجسد (المصطبة) التى ينازعها فى هذا الزمن (السوشيال ميديا)، فهى طرف فى كل تفاصيل حياتنا ولا نستطيع تجاهلها، وهى امتداد صاخب وزاعق للمصطبة.

ومن هنا تأتى خصوصية الفكرة، فهى تتعمق فى الأحكام التى تشكل حياتنا حتى إن كانت البداية هى الأعراف، الأمر بات الآن أشد تعقيدًا، لأننا بصدد قاضٍ آخر ربما لا تراه مباشرة ولا يسمح لك بأن تترافع عن نفسك أو حتى تكلف محاميًا، أحكام (السوشيال ميديا) جاهزة ولا تتوانى أبدًا عن المسارعة بالإدانة، أمام ما تراه من معطيات خارجية. براعة فى فن الأداء يمنح الأبطال الثلاثة الذين يتصدرون (الأفيش) مكانة فى المنافسة، ريهام وإياد وفتحى، هناك قدر ملحوظ من الاقتصاد فى التعبير، برغم أن الشخصيات تملك لو أرادت ما يسمح بالمبالغة.

تتألق الأدوار الموازية مثل بسمة وأحمد عزمى ومحمد على رزق، ومحمد السويسى وأحمد عبدالحميد.

ولدينا إطلالة مميزة لضياء عبدالخالق، الذى صار يتواجد فى أدوار أقرب لضيف شرف إلا أنها تمنح العمل الفنى ألقًا خاصًّا، الموسيقى والديكور والملابس من عناصر البطولة.

المسلسل بدأ من نقطة ساخنة ولا يزال محتفظًا بقدرته على مواصلة الجذب بقضية لا تعرف أبدًا نهاية، ومستحيل أن تنتهى مع (تترات) النهاية.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ظلم المصطبة ظلم المصطبة



GMT 19:25 2025 الأربعاء ,07 أيار / مايو

السلاح الذي دمّر غزّة… ويهدد لبنان!

GMT 19:24 2025 الأربعاء ,07 أيار / مايو

شاهد عيان على الاستطلاع

GMT 19:23 2025 الأربعاء ,07 أيار / مايو

يوم الفرار الرهيب

GMT 19:21 2025 الأربعاء ,07 أيار / مايو

الفرق بين ترمب ونتنياهو

GMT 19:20 2025 الأربعاء ,07 أيار / مايو

اعتدال «طالبان» ولمْع السراب

GMT 19:19 2025 الأربعاء ,07 أيار / مايو

هل السلام مستحيل حقّاً؟

GMT 19:18 2025 الأربعاء ,07 أيار / مايو

الأخطر من تسجيل عبد الناصر

GMT 19:17 2025 الأربعاء ,07 أيار / مايو

«الكونكلاف» والبابوية... نظرة تاريخية

النجمات العرب يتألقن بإطلالات أنيقة توحّدت تحت راية الأسود الكلاسيكي

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 18:50 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

تتمتع بالنشاط والثقة الكافيين لإكمال مهامك بامتياز

GMT 21:08 2019 الجمعة ,06 أيلول / سبتمبر

الأحداث المشجعة تدفعك?إلى?الأمام?وتنسيك?الماضي

GMT 03:15 2019 الأربعاء ,25 كانون الأول / ديسمبر

نجاة ممثل كوميدي شهير من محاولة اغتيال وسط بغداد العراقية

GMT 08:02 2019 الأربعاء ,29 أيار / مايو

آرسين فينغر الأقرب لتدريب ميلان خلفًا لغاتوزو

GMT 04:11 2017 الإثنين ,25 كانون الأول / ديسمبر

صابرين سعيدة بـ"الجماعة" وتكريمها بجائزة دير جيست

GMT 14:57 2017 الثلاثاء ,19 كانون الأول / ديسمبر

عمرو الليثي يستضيف مدحت صالح في "بوضوح" الأربعاء

GMT 14:14 2017 الخميس ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

المدن المغربية تسجّل أعلى نسبة أمطار متساقطة خلال 24 ساعة

GMT 03:21 2017 الجمعة ,20 كانون الثاني / يناير

ظروف مشحونة ترافق الميزان ويشهد فترات متقلبة وضاغطة

GMT 06:15 2017 الجمعة ,24 آذار/ مارس

ورم الكتابة

GMT 12:25 2017 الأربعاء ,25 تشرين الأول / أكتوبر

نصائح منزلية لتنظيف وتلميع الأرضيات من بقع طلاء الجدران

GMT 06:32 2017 الأربعاء ,22 آذار/ مارس

مجرد درس مغربي آخر !

GMT 01:26 2016 الخميس ,07 كانون الثاني / يناير

ريم مصطفى تؤكد أنها ستنتهي من "نصيبي وقسمتك" بعد أسبوع

GMT 11:30 2017 الأحد ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

هزة أرضية بقوة 4 درجات شعر بها سكان الحسيمة
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib