وحيد حامد أحببنا أيامنا معه

وحيد حامد أحببنا أيامنا معه

المغرب اليوم -

وحيد حامد أحببنا أيامنا معه

طارق الشناوي
بقلم - طارق الشناوي

ظُهرًا بعد الغد احتفالًا بذكراه، يجتمع عدد من أصدقاء وحيد حامد على نفس المائدة التى كانت تضمهم فى الفندق المطل على النيل، إنه المكان المفضل له على مدى ثلاثة عقود من الزمان، لكى يدوّن أفكاره فى الصباح الباكر وهى لا تزال طازجة، وبعدها يستقبل أصدقاءه وتلاميذه ومحبيه، وأيضا من هم ليسوا بأصدقائه ولا تلاميذه، وبعضهم مشاعرهم لم تكن حيادية معه إلا أنه يفتح قلبه للجميع.

عندما ينتهى رصيدنا من الأيام، نكتشف الحقيقة.. وهكذا كانت من بين كلماته الأخيرة (حبيت أيامى).. بقدر ما أحب أيامه معنا، بقدر ما أحببنا أيامنا معه. وحيد كان يقرأنا جيدًا فيكتبنا جيدًا، يعرف بالضبط ما نقوله وما نخشى أن نقوله، امتلك فيضًا من البصيرة منحت نظرته العمق الذى يخترق حاجز الزمن.

ذكرى وحيد الثانية تأتى بينما يتلقى ضربات تحت الحزام وغمزا ولمزا ينهال عليه، رغم أن كل ما كتبه قبل نحو أربع سنوات على صفحات (المصرى اليوم) هو تحديدا ما تعبر عنه الفطرة السليمة؛ مراقبة الدولة للتبرعات التى تذهب للمستشفى الخيرى الكبير، هؤلاء الأطفال فى عيوننا وكانوا هم عيون وحيد، كتب ما اعتقد أنه الصواب، ولم يحرك قلمه سوى الحب، حتى لو رأى البعض أنه أخطأ فى التقدير، إلا أن كل ما تردد بعد ذلك من مبررات على لسان المسؤول لم يكن مرضيا، على الأقل لعقول قسط وافر من المصريين، فكيف نتعامل ببساطة مع تعبير (الرقيب هو الله).. ونعم بالله!، ولكننا فى أمر دنيوى يستحق منا نظرة للمتابعة، أتمنى مخلصًا أن تنهال التبرعات مجددا على مستشفى الأطفال، وأن تحمى الدولة تلك الأموال حتى تصل لمستحقيها، ساعتها سوف تسعد روح وحيد.

يتساءلون: كيف عرف وحيد حامد فى (طيور الظلام) 1995 ما سيحدث فى مصر عام 2012 عندما يملك الإخوان السلطة؟ كيف انتقل فى لحظة إلى 17 عاما، ليفضح هذا التيار الذى يتدثر عنوة بالإسلام، وهو يحاول أن يمتلك مقدرات الوطن، قبل أن تُسقطه الإرادة المصرية قى ثورة 30 يونيو؟!.. إنه الوجدان الخصب الذى يملكه وحيد، فاستطاع أن يُطل على الزمن القادم وحذرنا من توغل الأشرار، إلا أننا لم نأخذ حذرنا بما يكفى.

وحيد لا يمكن أن يضحى بموقفه من أجل رضاء أى فريق حتى لو كانت السلطة، فهو لا يكتب إلا قناعاته وما يمليه عليه ضميره، الأمر ليست له علاقة فقط بالقضايا الكبرى التى يعيشها الوطن، ولكن فى التفاصيل الدقيقة، من الممكن لو تأملتها جيدا تستطيع أن ترسم بعدها «بورتريه صادقًا» لهذا الإنسان.

هناك عادةً مساحة بين الصورة الذهنية الراسخة فى الوجدان للفنان التى نقتنصها من إبداعه وبين وجدان الإنسان، وعند الاقتراب نكتشف الحقيقة التى كثيرا ما تُصبح صادمة.

تعوّدت أن أتقبل الأمر ببساطة، بحكم الدائرة التى جعلتنى قريبًا خلال أربعة عقود من الزمان مع عدد كبير من الشخصيات العامة، لا أشغل نفسى كثيرا بتلك المساحة الفاصلة بين الخيال والحقيقة، بينما مع وحيد حامد لم أجد أبدا أيا من هذه التناقضات، فهو فى إبداعه يدافع عن قيم الحق والخير والجمال، وهو كذلك أيضًا فى حياته.

شىء غامض ربطنى بوحيد حامد، كنت أول من عرف وحيد حامد فى جيلى، كنت ألتقيه فى (البرنامج العام) مع بداياته فى الإذاعة، ويرسم القدر لى معه أيضا مشهد النهاية عندما أدرت آخر لقاء جماهيرى له 6 ديسمبر 2020 فى إطار تكريمه بمهرجان (القاهرة)، فكان هو أعمق وأصدق وداع لفنان بين البداية والنهاية.. ظل وحيد هو وحيد (فلاح مصر الفصيح)، المدافع بشراسة عن حقوق الإنسان، وأولهم الأطفال الذين ينتظرون الشفاء العاجل!.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

وحيد حامد أحببنا أيامنا معه وحيد حامد أحببنا أيامنا معه



GMT 08:38 2025 الأحد ,09 شباط / فبراير

اختلاف الدرجة لا النوع

GMT 20:02 2025 الأحد ,19 كانون الثاني / يناير

عالم جديد حقًا!

GMT 06:19 2025 الأحد ,12 كانون الثاني / يناير

جانب فخامة الرئيس

GMT 19:43 2025 السبت ,11 كانون الثاني / يناير

أصول النظام السياسى

GMT 19:56 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

عيد سعيد!

النجمات العرب يتألقن بإطلالات أنيقة توحّدت تحت راية الأسود الكلاسيكي

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 21:49 2019 الإثنين ,01 تموز / يوليو

تنتظرك أجواء حماسية وجيدة خلال هذا الشهر

GMT 04:44 2020 الثلاثاء ,25 شباط / فبراير

تشدين خاص لسيارات "فيراري دينو" يومي 10 و11 حزيران

GMT 03:22 2019 الجمعة ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

فيليكس يدعم التشكيل الأساسي لأتلتيكو مدريد ضد برشلونة

GMT 10:47 2019 الخميس ,03 تشرين الأول / أكتوبر

الوداد ينهي تحضيراته استعدادا لمواجهة المريخ السوداني

GMT 17:25 2018 الخميس ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

المعكرونة بصوص الجبن الرومي والشيدر اللذيذ
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib