كفى فلسفةً

كفى فلسفةً

المغرب اليوم -

كفى فلسفةً

سمير عطا الله
بقلم - سمير عطا الله

كلما حمل ابني إليَّ مجموعةً جديدة من الكتب لا بد أن يكون فيها إصدارٌ جديدٌ لفيلسوف «المساعدة الذاتية». ويفترض أن السيد دوبوتون من فلاسفة العصر الحديث. أو عصر الاختصار. أو عصر السرعة كما كان يسمى في الماضي. ولكن السؤال البديهي: هل هناك فلسفة مع السرعة؟ أليس من المتفق عليه أنها تقوم على التأمل، والبطء، والإعادة، والاستعادة، والأفكار الغامضة التي تبعثُ المهابة في الناس؟ ذكر معهدُ أبحاثٍ جامعيّ في أستراليا أن علم «الإنسانيات» المتضمن دروس الفلسفة قد قارب نسبة الانقراض بالمقارنة مع الطلب على الأبحاث الهندسية والرقمية والطبية وغيرها من العلوم. كانت للفلسفة لغتان أساسيتان: اللاتينية واليونانية. وقد أصبحت اللاتينية شبه معدومة حتى في المعاهد الكُبرى ومدارس اللغات القديمة، أما اليونانية التي كانت لغة أوروبا والحضارة الأوروبية، فقد تحولت إلى لغةٍ محليةٍ ضيقة تكادُ تصبح لهجة من اللهجات.

حتى الفلاسفة المعاصرون لم يعد لهم تلك المكانة، سواء للحياة الأكاديمية أو الحياة العادية. لا بيرتراند راسل في بريطانيا، ولا هنري بيركسون في فرنسا، ولا شوبنهاور في هولندا، ولا عبد الرحمن بدوي في مصر، ولا نيتشه في ألمانيا. وها هي الفلسفة تذوي قبل أن يتم الاتفاق على تعريفها: هل هي التعليم بالحوار كما كان يفعل سقراط، أم هي العظة الماكرة كما كان نيكولو مكيافيللي يعلّمُ أصول الحكم، أم هي الإباحة التي منحها لنفسه جون بول سارتر. استساغ فلاسفة بريطانيا أسلوب الحوار كما في رواية توماس مور وتوماس هوبز. واختار جون جاك روسو أسلوب السرد المبسّط عبر «الاعترافات». فهل هي فلسفةٌ أيضاً. وهل كان نيتشه عالماً أم شاعراً كما أصر الكثيرون ومنهم سارس الذي قال إن نيتشه «شاعرٌ اعتُبِر فيلسوفاً بسبب سوء حظه».

كان البريطاني ستيفن هوكينغ أكثر العلماء نقداً للفلسفة في التاريخ الحديث إذ أعلن في العام 2010 «وفاة الفلسفة إلى غير عودة»، لأنها غير قادرة على اللحاق بطاقات العلم. وقال الناقد ألبرت بورغمان (1987) إن العلم أرفعُ بكثيرٍ من الإنسانيات، قاصداً بالتحديد الفلسفة. ولعل هذا الاختلاف هو ما أدى في نهاية المطاف إلى ظهور فلاسفة «المساعدة الذاتية»، التي يمثلها ألان دوبوتون الآن، حيث ترى في المكتبات مؤلفاته معروضة في أجنحة بعيدة جداً عن حِكم سقراط، وحوارات أفلاطون. ومن عناوينه على سبيل المثال «كيف يستطيع بروست أن يغيّر حياتك» (1997). غنيٌّ عن التذكير بأن مارسيل بروست هو الفرنسي الذي غيّر في الرواية وفي الفلسفة، محوّلاً السرد اليوميّ إلى صناعةٍ أدبية تجاوزت كل الحداثة في الأدب الفرنسي.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

كفى فلسفةً كفى فلسفةً



GMT 08:38 2025 الأحد ,09 شباط / فبراير

اختلاف الدرجة لا النوع

GMT 20:02 2025 الأحد ,19 كانون الثاني / يناير

عالم جديد حقًا!

GMT 06:19 2025 الأحد ,12 كانون الثاني / يناير

جانب فخامة الرئيس

GMT 19:43 2025 السبت ,11 كانون الثاني / يناير

أصول النظام السياسى

GMT 19:56 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

عيد سعيد!

النجمات العرب يتألقن بإطلالات أنيقة توحّدت تحت راية الأسود الكلاسيكي

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 02:28 2019 السبت ,28 كانون الأول / ديسمبر

ملامح ميزانية السودان 2020 تتضمن فرص عمل "هائلة"

GMT 03:28 2019 الأربعاء ,04 كانون الأول / ديسمبر

معلومات جديدة عن حياة ديما بياعة في عيد ميلادها الـ43

GMT 21:03 2019 السبت ,26 تشرين الأول / أكتوبر

شنطة الفرو أكّدت عليها شانيل وفندي إطلالة خريف 2019

GMT 04:59 2019 الثلاثاء ,15 تشرين الأول / أكتوبر

تعرف على مواصفات أسطول مطار خليج نيوم الأمني

GMT 02:04 2019 الإثنين ,18 شباط / فبراير

شبيهة هيفاء وهبي تثير ضجة على مواقع التواصل

GMT 06:37 2019 السبت ,09 شباط / فبراير

كيف تعالج مشكلة قضم الأظافر عند الأطفال؟

GMT 03:42 2018 الجمعة ,21 كانون الأول / ديسمبر

تشوبرا تبدو رومانسية خلال استقبال مومباي

GMT 11:51 2018 الخميس ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

شقيق الفنانة ياسمين عبدالعزيز يوجه رسالة لها بعد طلاقها

GMT 03:58 2018 الأحد ,01 إبريل / نيسان

نيسان يحمل في طياته مشاكل جاسوسية ومعارك
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib