الإمبراطور وبليد الذهن

الإمبراطور وبليد الذهن

المغرب اليوم -

الإمبراطور وبليد الذهن

سمير عطا الله
بقلم : سمير عطا الله

كتابة السيرة فن مدهش وعلم قديم. البعض يعيد بداياته إلى البابليين والفراعنة، عندما ظهر أولاً في صيغة المرثيات. وكان للمؤرخين الكبار أعمال مهمة في السيرة مثل عميدهم هيرودوتس وأبي التأريخ اليوناني بلوتارك. ومن كتّاب السِيَر المعاصرين البريطاني ونستون تشرشل والفرنسي أندريه موروا. وعلى نحو ما، كان شكسبير كاتب سيرة أيضاً في مسرحيات مثل «ماكبث» و«الملك لير».
ولم يزدهر هذا النوع من الكتابة الأدبية في التراث العربي. ربما بسبب الخوف من ذِكْر الحقائق حتى بعد مرور زمن طويل على وقوعها. وقد غلب الشعر عند العرب كل فن أدبي آخر، ولذا، تأخر ظهور الرواية عن جميع الشعوب الأخرى. ورغم سيطرة الشعر غاب الملحمي، أو الروائي منه، نسبةً إلى الأنواع الأخرى.
في المقابل أعطت الحضارات الأخرى أولوية لتدوين سيرة الرجال وكتابة التاريخ من خلالها. وترى حجم هذه الأعمال في المكتبات والتماثيل المنتشرة في المدن، سواء لرجال السياسة أو الأدباء والفنانين الذين يمثلون عصورهم ومراحلهم.
هل تروي السيرة كل شيء؟ صدرت ألوف الكتب عن نابليون، وعن شكسبير، وعن الملكة فيكتوريا، وعن هتلر، وعن ليوناردو دافنشي... ولا يزال المؤرخون يبحثون عن «جديد» في سيرهم ونتاجهم. بل لا يزال هناك من يكتب ليشكك في أن بعض تلك الشخصيات قد وُجد حقاً وليس خرافة أو أسطورة أو متخيلاً اختبأ خلفه آخرون.
المشكلة، أو المهم في كتابة السيرة، أن مؤلفها يصل دائماً إلى حكم ما، سواء مباشراً أو من خلال السرد. وغالباً ما يؤثر فينا، موضوعياً، أو متحيزاً. المؤرخ البريطاني بول جونسون كان غزيراً وموضوعياً معاً. وفي ذكرى مرور أربعين عاماً على عدوان السويس ترجمت هنا، على حلقات، روايته للحرب، بوصفها أول عمل بريطاني غير عدائي للعرب عن أحداث القناة.
دائماً أعود إلى بول جونسون (94 عاماً) بسبب دقة التحليل وطرافة الشواهد في مقارنة بين نابليون وجورج واشنطن، يقول إن الأول كان رجلاً عبقرياً وعسكرياً استراتيجياً من الدرجة الأولى، فيما كان واشنطن رجلاً عادياً، وعسكرياً عادياً، وفي الحالتين بليد الذهن. الأول لم يعرف كيف يحافظ على إمبراطوريته، وانتهى منفياً وسجيناً عند أعدائه، والآخر أقام دولة صار عمرها ربع ألفية.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الإمبراطور وبليد الذهن الإمبراطور وبليد الذهن



GMT 08:38 2025 الأحد ,09 شباط / فبراير

اختلاف الدرجة لا النوع

GMT 20:02 2025 الأحد ,19 كانون الثاني / يناير

عالم جديد حقًا!

GMT 06:19 2025 الأحد ,12 كانون الثاني / يناير

جانب فخامة الرئيس

GMT 19:43 2025 السبت ,11 كانون الثاني / يناير

أصول النظام السياسى

GMT 19:56 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

عيد سعيد!

النجمات العرب يتألقن بإطلالات أنيقة توحّدت تحت راية الأسود الكلاسيكي

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 18:10 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

يبدأ الشهر بيوم مناسب لك ويتناغم مع طموحاتك

GMT 13:33 2020 السبت ,04 إبريل / نيسان

إصابة نجل جوليا بطرس بفيروس كورونا في لندن

GMT 13:50 2018 الثلاثاء ,25 كانون الأول / ديسمبر

توقيف شقيقين نقلا جثة والدهما إلى منزله في بني سويف

GMT 15:33 2018 الأحد ,23 كانون الأول / ديسمبر

أخطاء شائعة عند تحضير ديكور غرفة المعيشة

GMT 09:10 2018 الثلاثاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

2.9 مليار درهم تصرفات عقارات دبي في أسبوع

GMT 09:46 2018 الإثنين ,17 أيلول / سبتمبر

حفلة لفرقة "رباعي كوينز" في قصر المانسترلي الخميس

GMT 05:29 2018 السبت ,18 آب / أغسطس

كيف تصالح حبيبتك حين تغضب أو تحزن منك
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib