بصل صعيدي

بصل صعيدي

المغرب اليوم -

بصل صعيدي

سمير عطا الله
بقلم - سمير عطا الله

لست أدري ما الذي حدث تماماً، ولا هو بالأمر المهم. بل ليس هو في الأحداث لأنه لا يعني أحداً سواي. والحال أنه من الأفضل أن أروي كنوع من أنواع الفَرَج. أعترف بأن هناك مخازن كثيرة ألجأ إليها عندما أحتار في العثور عن موضوع أكتب عنه. هناك في الحقيقة مسائل كثيرة تعثر فيها على الطريف والمثير، وهي تراوح بين الجاحظ... وباريس. وهذه أمضيت عمراً أغرف منها، متذرعاً بكوني واحداً من قدامى المتسكعين وقدامى الضفة اليسرى. وفي زماننا كان الانتماء إلى الضفة اليمنى نوعاً من العيوب البورجوازية. وكان من الأحكام الشائعة أن تكون يسارياً، ومفلساً، وتنام أحياناً من دون عشاء. ولم يكن صعباً الحصول على هذه المراتب، إذا عرفت كيف تحوِّل الوقائع إلى قصائد وحكايات. ودائماً إلى أحاديث عن «المنفى» كأنك هنري ميللر، أو جورج أورويل. وأقسى حالات المنفى التي عشتها كانت بين حديقة «لوكسمبورغ» والمقهى المقابل، ويحمل الاسم نفسه.

كانت تمضي أشهر من دون العبور إلى الضفة اليمنى، بلاد الأغنياء والبورجوازيين، حيث ثمن فنجان القهوة ضعف ما هو في ديار التسكع ومكتبات الأرصفة. ثم إن ساكنات الضفة اليمنى يصعب أن يلتفتن إلى رجل له مظهر المنفي أو المتسكع، حتى لو كانت أبسط مشاريعه المستقبلية أن يصبح آرنست همنغواي آخر. وكل ما يلزمه لذلك حرب عالمية ثانية، أو حرب أهلية إسبانية يكتب منها روائعه.

بقيت لسنوات طويلة أغرف من باريس، سواء كنت، أو بالأحرى، كانت مليئة بالمواضيع أو جافة. وبقي الحال على هذا الخصب عندما انتقلت إلى الضفة اليمنى. وغيرت المقهى إلى واحد أكثر نظافة، وسيداته أكثر أناقة. والمكتبات أصبحت أكثر ترتيباً وحداثة، وخالية من كتب اللوعة والنواح، وقصص الحب الفاشلة. رحم الله العملاق عباس محمود العقاد، الذي طلب مرة كمية من البصل الصعيدي كي يقشره وهو يقرأ مصطفى لطفي المنفلوطي، صاحب «العبرات». وذلك في حال لم يكن في النص ما يكفي من مُبكيات.

عبثاً فكرت في باريس بحثاً عن موضوع لهذا النهار. بحثت في دفاتر الذاكرة، وذكريات الضفتين، وآخر أخبار الحملة على كمال داود. لا شيء. حاول مرة أخرى.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

بصل صعيدي بصل صعيدي



GMT 17:44 2025 الإثنين ,05 أيار / مايو

الشهادة القاطعة

GMT 17:43 2025 الإثنين ,05 أيار / مايو

دروز سوريا… تاريخ لا يمكن تجاوزه

GMT 17:41 2025 الإثنين ,05 أيار / مايو

لا تطمئنوا كثيرًا..!

GMT 17:36 2025 الإثنين ,05 أيار / مايو

استنزاف الشرع أم تفكيك سوريا؟

GMT 17:34 2025 الإثنين ,05 أيار / مايو

إعادة قراءة لتواريخ بعيون فاحصة

GMT 17:32 2025 الإثنين ,05 أيار / مايو

إيران دون عقوبات: تمكين الحلفاء بديل النووي

GMT 17:30 2025 الإثنين ,05 أيار / مايو

هل عاد زمن العطارين؟

أمينة خليل تتألق في الأبيض بإطلالات عصرية ولمسات أنثوية

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 14:41 2023 السبت ,22 إبريل / نيسان

زلزال بقوة 4.5 درجة في اليونان

GMT 07:39 2019 الخميس ,24 تشرين الأول / أكتوبر

"الغجر يحبُّون أيضًا" رواية جديدة لـ"الأعرج"

GMT 15:40 2019 السبت ,21 أيلول / سبتمبر

كيفية اختيار لون المناكير المناسب

GMT 23:58 2018 الجمعة ,14 كانون الأول / ديسمبر

ساني يهزم نيمار في سباق رجل جولة دوري أبطال أوروبا

GMT 19:43 2018 السبت ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

البدواوي يكشف أن "حتا" شهدت إقبالاً كبيراً من السياح

GMT 14:00 2018 الجمعة ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

نادي "إشبيلية" يرغب في التعاقد مع ماركوس يورينتي

GMT 00:51 2018 الجمعة ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

التلفزيون الملون لم يدخل بيوت الآلاف في بريطانيا

GMT 00:29 2018 الخميس ,08 تشرين الثاني / نوفمبر

صفية العمري تؤكّد أنها تبحث عن الأعمال الفنية الجيدة فقط
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib