إعلانات مبوّبة

إعلانات مبوّبة

المغرب اليوم -

إعلانات مبوّبة

سمير عطا الله
بقلم - سمير عطا الله

كأنَّما في مسرحية ساخرة، تجمّعت لهذه التجربة كل أسباب المقالب. وجدت نفسي لبضعة أيام بلا كتب، وبلا صحف، خصوصاً بلا الماكينة السحرية المعروفة بـ«الآيباد» التي هي كل حظي من معجزات التكنولوجيا.

وصلتُ إلى حيث أنا، ومعي نسخة من مجلة «نيويوركر». وواحدة من «نيويورك ريفيو»، وكتاب «رحلة في إنجلترا»، وكتاب أسعد داغر الرائع «حضارة العرب». و«الآيباد». قرأت يوم الوصول شيئاً من كل شيء. وفي اليوم التالي فرغ «الآيباد» وتوقف، ولم نعثر في الفندق على «شاحن» يليق به.

عدت إلى زوادتي الورقية وقرأت فيها مواضيع لا تهمني في العادة. وفي اليوم التالي بدأت في قراءة «رسائل إلى المحرر». وفي الذي تلاه انتقلت إلى «الإعلانات المبوبة»، في انتظار العثور على شاحن. ثم رحتُ أعيد كل ما قرأت وكأنني أحفظ فرضاً مدرسياً.

منذ ضربت جائحة وجائرة «كورونا»، لم تعد الصحف والمجلات مسموحة على الطائرات، أو في الفنادق. وحاولت أن أقرأ أي مطبوعة متوافرة في الفندق، وبعدما قام الموظفون المشفقون بجولة على كل غرفة، عثروا تحت أحد الأسرّة على مجلة طعام فاخرة ولا تزال ملفوفة بالسيلوفان. شكرت الشاب الذي حملها إليّ، وطلبت منه أن يبقيها في غلافها، لأنني أفضل، في هذه الحال، العودة إلى الإعلانات المبوَّبة.

لم أستطع إلا أن أتذكر كبار العرب الذين رموا في السجون، وكل مرادهم من الدنيا قلم وورقة. أكرم الحوراني، والرئيس هاشم الآتاسي، ومصطفى أمين، وإحسان عبد القدوس، ومحمد حسنين هيكل، ومحمد البعلبكي، وغسان تويني، وإلخ، إلخ، ما شئت...

كتّاب وفنّانون وروائيون خافت الأنظمة أن يسقطوها في مقال أو قصة قصيرة. قيل لعباس محمود العقاد مرة، ماذا تخشى في الموت، وأنت ما خلفك أحد؟ لا زوجة ولا أبناء ولا من تفتقد.

قال يعزُّ عليّ أن أترك الكتاب هنا وأذهب. قد يمل الإنسان أهله وأبناءه، لكن هل سمعت مرة أن إنساناً ضجر من القراءة والمعرفة والعلم؟ عاشوا حياتهم في المناهل والينابيع. وقد نبهني الراحل العزيز يوسف الشيراوي إلى أن الناس تعتقد أن النهل هو الشرب الكثير، بينما هو الشرب مرة واحدة!

وماذا تريدنا أن نفعل. لكل شيء مائة اسم، وأحياناً أكثر. لذا يضيع العاديون أمثالنا ويفرح في توبيخنا. وقد يظلون يفرحون إلى أن يأتي يوم يكتشف أحفادنا أن المعنى الخاطئ للنهل أفضل من الصواب.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

إعلانات مبوّبة إعلانات مبوّبة



GMT 08:38 2025 الأحد ,09 شباط / فبراير

اختلاف الدرجة لا النوع

GMT 20:02 2025 الأحد ,19 كانون الثاني / يناير

عالم جديد حقًا!

GMT 06:19 2025 الأحد ,12 كانون الثاني / يناير

جانب فخامة الرئيس

GMT 19:43 2025 السبت ,11 كانون الثاني / يناير

أصول النظام السياسى

GMT 19:56 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

عيد سعيد!

هيفاء وهبي تتألق بتنسيق اللون الزهري والأسود مع لمسة الذهبي

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 06:22 2017 السبت ,23 كانون الأول / ديسمبر

عبير الأنصاري ترصد عيوب أزياء النجمات في مهرجان دبي

GMT 22:33 2016 الأحد ,30 تشرين الأول / أكتوبر

أمال بوكير بنت المنطقة الجبلية تدخل قبة البرلمان

GMT 12:41 2018 الثلاثاء ,02 كانون الثاني / يناير

فتاة أردنية تبتكر طريقة رائعة لاستقبال العام الجديد

GMT 12:07 2012 الخميس ,13 أيلول / سبتمبر

الموسيقى الكلاسيكية و الفنون في براغ البوهيمية

GMT 19:18 2017 الأربعاء ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

المصابون في فاجعة الصويرة يغادرون المستشفى بعد العلاج

GMT 13:03 2016 الأحد ,25 أيلول / سبتمبر

حول العين عن الأطفال الصغار
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib