مفكرة القرية يَذُرّ الغبطة ذَراً

مفكرة القرية: يَذُرّ الغبطة ذَراً

المغرب اليوم -

مفكرة القرية يَذُرّ الغبطة ذَراً

سمير عطا الله
بقلم - سمير عطا الله

أجل ضياء، إنه الصيف، درسك الأول، أنا لم يكن الصيف درسي الأول في الفصول، كان لهواً وعدواً وارتماءً في جنة الطفولة. وكانت ترافقنا الشمس وتحرقنا، ويبللنا العرق كأنه ينبع منا. ولقد وصلت الأفواج الأولى من العائدين. وسوف تمتلئ البيوت التي تفرغ في الشتاء. وتفيض الحركة والحياة من تلقائها. وتكثر الابتسامات، خصوصاً بين المتصادفين والمتصادفات. إنه فصل امتلاء يا ضياء. الأغصان مثقلة، والخضار يانعة، والكرز أحمر مثل كرز الصيف الماضي. لا تخذلنا أشجار إلّا عندما تسبقنا إليها العصافير، العائدة هي أيضاً من طي المسافات، لاهثة إلى مواعيدها مع حبات الفرح وطعم اللذة. تجرد العصافير الشجر مثل برق عاصف. وتمضي في طريقها إلى موسم آخر عند مزارعين أُخر.

يتململ المزارعون قليلاً. ثم يتضاحكون. لا أحد يغضب من الصيف. فإذا حَلقت العصافير رؤوس الكرز، فغداً يوم الاستواء. تين، وأعناب، وعنّاب، وجوز، واللوز كان هنا في أواخر الربيع. زهره جميل مثل رقة الورد.

تزدحم الحركة قليلاً عند العصر. تخرج الناس من البيوت إلى متعة الأنس والخمول، يتجمع اليافعون عند الإسكافي. وهو ليس إسكافياً فحسب، هو مثل الإسكافيين في روايات الريف البريطاني. ينكب فوق السندان، ومروّضاً جلد الحذاء، ويتابع في الوقت نفسه قصصه. تساليه وذكرياته. ويحلل الأحداث ويعود دائماً إلى التاريخ. دوماً على مسؤوليته وعلى ذمته. ويرسم ابتسامة ماكرة قليلاً إذا ورد في الحكاية ذِكر امرأةٍ ما. لكنه لا يلبث أن يتجاوز الذكرى الممتعة سريعاً، خوف الوشاية.

أحياناً تكون في الإسكافية كتب قديمة للبيع. وعندما يبدأ الفصل الدراسي تتحول إلى دكان لبيع الدفاتر والأقلام وكتب العام الماضي. الإسكافية مليئة دائماً بالأفكار الجديدة. منها ما يفيد ثقافة الحضور، ومنها ما يفيد تجارة الدكان. والجميع فرحون بالصيف، يفرش في كل مكان الغبطة، ويَذُرّها ذَراً في كل صوب.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مفكرة القرية يَذُرّ الغبطة ذَراً مفكرة القرية يَذُرّ الغبطة ذَراً



GMT 08:38 2025 الأحد ,09 شباط / فبراير

اختلاف الدرجة لا النوع

GMT 20:02 2025 الأحد ,19 كانون الثاني / يناير

عالم جديد حقًا!

GMT 06:19 2025 الأحد ,12 كانون الثاني / يناير

جانب فخامة الرئيس

GMT 19:43 2025 السبت ,11 كانون الثاني / يناير

أصول النظام السياسى

GMT 19:56 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

عيد سعيد!

النجمات العرب يتألقن بإطلالات أنيقة توحّدت تحت راية الأسود الكلاسيكي

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 13:53 2025 السبت ,26 إبريل / نيسان

جدول ترتيب الدوري الإسباني بعد ختام الجولة 33

GMT 22:12 2022 الأربعاء ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

تفاصيل نسبة ملء السدود الرئيسية في المغرب

GMT 19:03 2020 الإثنين ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

تشعر بالإرهاق وتدرك أن الحلول يجب أن تأتي من داخلك

GMT 12:40 2020 السبت ,26 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم برج الأسد السبت 26-9-2020
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib