تواصل جاهلي

تواصل جاهلي

المغرب اليوم -

تواصل جاهلي

سمير عطا الله
بقلم - سمير عطا الله

 

عندما اختُرعت الإذاعة تبيّن أن لها فوائد كثيرة، إضافة إلى بث الأغاني والموسيقى. وكانت أهم تلك الفوائد على الإطلاق نشر الثقافة من خلال البرامج الخاصة، ثم تطورت إلى التعليم، وفتحت حول العالم مدارس كثيرة تعلن «التعليم بالراديو»، ومنها «إذاعة الشرق الأدنى» في البلاد العربية. التي كان مركزها فلسطين. في المقابل، وكما في معظم اختراعات البشر، استُخدمت الإذاعة بأغراض وأهداف سيئة، منها التحريض داخل وعبر الحدود، وغسل الأدمغة الذي أجاده النازيون. وعندما ظهر التلفزيون كان من أبرز فوائده التسلية والترفيه والطرب. ونشر الثقافة العامة حتى في الأدغال البعيدة، وتطوير الفنون وتقريبها إلى الناس في كل مكان. وبعد الإذاعة والتلفزيون، أصبحت البشرية ترى كل العلوم في متناولها. وإنما كما في الإذاعة هكذا استخدم التلفزيون برايات وأغراض غير سليمة. لكنه مهد الطريق أمام ما سُمي في بريطانيا «الجامعات المفتوحة»، التي مكّنت أهالي الأرياف والمناطق النائية من تلقي الدروس، ومن ثم حمل الشهادات الجامعية مثل أي الطلاب الآخرين.

تجاوزت الإنترنت كل هذه السبل، وجمعت بين الناس في أنحاء الأرض. ولم يعد التعليمُ وحده في متناول الجميع، بل أيضاً الطبابة ومجموعة أشياء كان يستحيل على الكثيرين الوصول إليها. غير أن الجانب السيئ الذي حملته حضارة «أونلاين» تجاوز بكثير الإذاعة والتلفزيون، وتحولت مسالك الإنترنت إلى أدوات للتحريض بالكره، والكذب، وبث الخرافات، وتشجيع الأمية، ومحاربة التنوير، وإعلاء شأن الأسطورة. وما كان يبدو بدائياً ومضحكاً أو منفراً، يستخدمه الناس اليوم وكأنه أمر عادي، وجزء من حياة البشر، ولا مجال هنا لإعطاء الأمثال على ذلك، فهي معروفة لدى الجميع. وبعضنا يأنف طبعاً حتى أن يطلع عليها، غير أن تجاهلها وإهمالها لا يقللان إطلاقاً من خطرها على العقول البسيطة، أو أنها عنصر إضافي من عناصر صناعة الشر. إنما ما يجري على منصات التواصل هذه الأيام، في العالم العربي، يجعلنا نشعر بحنين إلى أيام وسنوات العصر الإذاعي الذي اخترع لنا فنوناً مجهولةً وشتائم سوقية، وساهم في إعادة الأمة إلى الوراء وصولاً إلى الجاهلية.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

تواصل جاهلي تواصل جاهلي



GMT 08:38 2025 الأحد ,09 شباط / فبراير

اختلاف الدرجة لا النوع

GMT 20:02 2025 الأحد ,19 كانون الثاني / يناير

عالم جديد حقًا!

GMT 06:19 2025 الأحد ,12 كانون الثاني / يناير

جانب فخامة الرئيس

GMT 19:43 2025 السبت ,11 كانون الثاني / يناير

أصول النظام السياسى

GMT 19:56 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

عيد سعيد!

النجمات العرب يتألقن بإطلالات أنيقة توحّدت تحت راية الأسود الكلاسيكي

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 18:50 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

تتمتع بالنشاط والثقة الكافيين لإكمال مهامك بامتياز

GMT 21:08 2019 الجمعة ,06 أيلول / سبتمبر

الأحداث المشجعة تدفعك?إلى?الأمام?وتنسيك?الماضي

GMT 03:15 2019 الأربعاء ,25 كانون الأول / ديسمبر

نجاة ممثل كوميدي شهير من محاولة اغتيال وسط بغداد العراقية

GMT 08:02 2019 الأربعاء ,29 أيار / مايو

آرسين فينغر الأقرب لتدريب ميلان خلفًا لغاتوزو

GMT 04:11 2017 الإثنين ,25 كانون الأول / ديسمبر

صابرين سعيدة بـ"الجماعة" وتكريمها بجائزة دير جيست

GMT 14:57 2017 الثلاثاء ,19 كانون الأول / ديسمبر

عمرو الليثي يستضيف مدحت صالح في "بوضوح" الأربعاء

GMT 14:14 2017 الخميس ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

المدن المغربية تسجّل أعلى نسبة أمطار متساقطة خلال 24 ساعة

GMT 03:21 2017 الجمعة ,20 كانون الثاني / يناير

ظروف مشحونة ترافق الميزان ويشهد فترات متقلبة وضاغطة

GMT 06:15 2017 الجمعة ,24 آذار/ مارس

ورم الكتابة

GMT 12:25 2017 الأربعاء ,25 تشرين الأول / أكتوبر

نصائح منزلية لتنظيف وتلميع الأرضيات من بقع طلاء الجدران

GMT 06:32 2017 الأربعاء ,22 آذار/ مارس

مجرد درس مغربي آخر !

GMT 01:26 2016 الخميس ,07 كانون الثاني / يناير

ريم مصطفى تؤكد أنها ستنتهي من "نصيبي وقسمتك" بعد أسبوع

GMT 11:30 2017 الأحد ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

هزة أرضية بقوة 4 درجات شعر بها سكان الحسيمة
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib