الخطر والألق

الخطر والألق

المغرب اليوم -

الخطر والألق

سمير عطا الله
بقلم - سمير عطا الله

ما إن تحصل كارثة حتى أبحث عنهم. ليس في فضول على الإطلاق، بل في غيرة وعطف وقلق، وخصوصاً في إعجاب. وخوف. الخوف على جرأتهم واندفاعهم، وعلى تلك العزيمة العارمة، سواء كان الحدث حرباً طاحنة، أو وباء كاسراً، أو طبيعة اختلّت وفقدت كل توازن. سرعان ما تراهم (أو تراهنَّ) هناك، خلف الكاميرا وأمامها. أعصابهم مجدولة من فولاذ. قبعة حديدية كُتب عليها: «صحافة». وهذا كل شيء. لا أعرف كيف يتدبرون فندقاً وأين يعثرون على مطعم في مدينة يصلون إليها للمرة الأولى. وكيف يعرفون إلى أين يذهبون وإلى أين يعودون، وكيف يبقى لهم وعي وذاكرة وهم يروون للمشاهد، «وهو يشاهد على أريكة في منزله»، ما يشاهدون على بعد أمتار من نار وقتل وموت وأطفال تبكي أو تموت. ونساء تولول وتطفق بين المنازل المدمرة، والبيوت المحترقة. جحيم ما فوق الأرض.

يبحثون بكل شجاعة، عن لحظات وساعات الخطر. عملهم ليس خلف المكاتب. مكاتبهم في حقائبهم. مواعيدهم عند صانعي الأخبار وحملة المدافع ومهندسي الجبهات. وخصوصاً الفتيات منهنَّ. أو لعلهنّ أمهات في عمر الصبايا. وغداً يكبرن في هذه المهنة الشاقة، وبعضهن إلى سن النجومية والقليل من المشيب.

بعض المراسلين والمراسلات أعطوا أسماءهم للأحداث، تماماً مثل المراسلين الصحافيين من قبل. ومنهم من تحولت رسائله إلى مدارس أو إلى تحف أدبية. أندريه مالرو، أديب فرنسا، واحد منهم. همنغواي، أديب أميركا، أشهرهم. ماركيز، ساحر أميركا اللاتينية، أكثرهم براعة.

يضرع جوّالو الأخطار هؤلاء، ألّا يصبحوا يوماً هم الخبر. مهنة، العودة فيها، أهم من الذهاب. مثل رجال الإطفاء، مثل رجال الإنقاذ. إرنست همنغواي كان سائق سيارة إسعاف في الحرب. عاش حروباً ضارية ولم يمت إلّا انتحاراً بيده، في كوبا، حيث وضع الرواية التي أعطته «نوبل»: «الشيخ والبحر».

في العالم العربي لم يشتهر الكثيرون في هذه الفئة من الصحافيين. محمد حسنين هيكل سعى إلى النجاح المبكر من خلال المغامرة. ذهب أولاً إلى حرب الكوريتين. غسان تويني ذهب أولاً إلى القدس. كامل مروة ذهب أولاً إلى برلين. أشهر مراسل لـ«الأهرام» خلال الحرب العالمية الثانية كان المصري - اللبناني إميل خوري. الجيل التالي من المراسلين خرج من «النهار»: فؤاد مطر من جبهات مصر، ورياض نجيب الريس من أوروبا الشرقية، ووفيق رمضان من جبهة الفدائيين في الأردن، وعبد الكريم أبو النصر من أوروبا الشرقية أيضاً، وربيع براغ. الأخير كان أمين معلوف: أعلن نهاية حرب فيتنام من سايغون وفرّ عائداً إلى بيروت.

كانت الحروب والاضطرابات طريقاً سريعاً وقصيراً إلى الشهرة. وميزت الصحافي المحلي عن المغامر. ووضع رياض نجيب الريس مذكراته تحت عنوان: «صحافي المسافات الطويلة».

حين تبحث على «غوغل» الآن، عن «الإعلاميين»، لا تجد صحافياً واحداً. جميعهم وجوه تلفزيونية. والأوائل بينها لا علاقة مباشرة لها في صحافة الزمن الماضي. وجوه لامعة «بالبودرة»، ووجوه لامعة بالذكاء، ووجوه لامعة بحفظ عناوين الصحف، ووجوه لها حضور وصدى. واللهم زد وبارك.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الخطر والألق الخطر والألق



GMT 08:38 2025 الأحد ,09 شباط / فبراير

اختلاف الدرجة لا النوع

GMT 20:02 2025 الأحد ,19 كانون الثاني / يناير

عالم جديد حقًا!

GMT 06:19 2025 الأحد ,12 كانون الثاني / يناير

جانب فخامة الرئيس

GMT 19:43 2025 السبت ,11 كانون الثاني / يناير

أصول النظام السياسى

GMT 19:56 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

عيد سعيد!

النجمات العرب يتألقن بإطلالات أنيقة توحّدت تحت راية الأسود الكلاسيكي

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 12:24 2020 السبت ,26 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم برج الحمل السبت26-9-2020

GMT 07:07 2020 الإثنين ,02 آذار/ مارس

شائعة تبعد "مقالب رامز" عن بركان في الفلبين

GMT 19:46 2019 الأربعاء ,11 كانون الأول / ديسمبر

البرلمان المغربي يصادق على مشروع قانون المالية لسنة 2020

GMT 12:54 2019 الجمعة ,06 كانون الأول / ديسمبر

تعرف على مواصفات برج القوس ووضعه في حركة الكواكب

GMT 11:02 2019 الثلاثاء ,15 تشرين الأول / أكتوبر

غاريدو يحمل فتحي جمال مسؤولية مغادرته للرجاء

GMT 00:38 2019 الثلاثاء ,03 أيلول / سبتمبر

سيدة ميتة دماغيًا منذ أربعة أشهر تنجب طفلة سليمة

GMT 00:01 2019 الإثنين ,29 إبريل / نيسان

فان دايك يتوج بجائزة أفضل لاعب في إنجلترا

GMT 00:16 2019 الأحد ,07 إبريل / نيسان

أمل الفتح يتوج بطلا ويحقق الصعود

GMT 01:30 2019 الخميس ,24 كانون الثاني / يناير

بيع أوّل نسخة في العالم من "تويوتا سوبرا GR"

GMT 01:30 2019 الإثنين ,21 كانون الثاني / يناير

تعرفي على أفكار لحديقة الزهور ولمسة من الجمال

GMT 10:18 2018 الخميس ,13 كانون الأول / ديسمبر

تفاصيل حياة الدوقة كيت ميدلتون قبل زواجها من الأمير هاري

GMT 01:36 2018 الإثنين ,08 تشرين الأول / أكتوبر

وفاء عامر تبدي ألمها بإصابة فاروق الفيشاوي بالسرطان

GMT 07:55 2018 السبت ,15 أيلول / سبتمبر

الأثاث البني موضة لن تنتهي في عالم الديكور

GMT 20:54 2018 الأربعاء ,05 أيلول / سبتمبر

قائمة افضل لاعب في العالم بدون جريزمان
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib