الحاج السمّيع

الحاج السمّيع

المغرب اليوم -

الحاج السمّيع

سمير عطا الله
بقلم : سمير عطا الله

في مكرها اللذيذ وذكائها الحاد لم تُقِم أم كلثوم لنفسها عرشاً فحسب، بل أقامت أيضاً بلاطاً في الأسماء تدور في فضاء «كوكب الشرق». ملحنها رياض السنباطي، وشاعرها أحمد رامي، وعازفها الحناوي، ومُعجبها عبد الناصر، وسماعها في أنحاء العالم العربي. الروائي حسن داود اكتشف من خلال صنعته الملهمة، عضواً آخر في ذلك البلاط.

إنه الحاج حسين الطحان الذي لم يكن يقرأ ولا يكتب، وكان ناجحاً جداً في التجارة، وإذ بحث لنفسه عن مكان خاص لا يستطيع أحد أن ينكره عليه، فقد عثر على دور «السميع الأول». ومنذ عام 1935 عندما سمعها للمرة الأولى، اتخذ لنفسه في كل حفلاتها مقعداً أمامياً خاصاً به وإلى جانبه زوجته، بحيث صار المشهد عادياً في كل حفلات أم كلثوم.
يتفحص حسن داود معالم هذا الرجل الخاصة به من خلال الصور القديمة، فيتوقف مرة عنده وهو يخلع طربوشه ويرميه في الهواء طالباً من «الست» أن تُعيد، ثم تُعيد. وما كانت هي تبخل في الإعادة. ويقول حسن داود إن من مفارقات السميع الأول الطالعة من كونه لم يكن ممن ترددوا على المدارس، أنه قال للصحافي المصور الذي أجرى مقابلة معه، إنه يكره أولئك الذين، بأصوات مستفزة يلحون على أم كلثوم أن تعيد وتعيد. الحاج حسين الطحان يستنكر الشيء ولا يتورع عن الإتيان بمثله. كما أنه يقول الشيء ونقيضه. ففي حين يبدو ممثلاً دور المستمع المنطرب، الزاعق بأصوات انطرابه، يقول حيناً آخر بأن صوت أم كلثوم خُلق ليسمعه المرء في وحدته، منصرفاً بسماعه عن الناس «في سكون الليل وحدي» كما يقول. وفي واحد من أقواله ذكر كيف أنه نزل من السيارة حين سمع ذلك الصوت يشدو من راديو في أحد المقاهي، ودخل ليجلس في المقهى، مستغنياً بذلك عن الشيك الذي كان ذاهباً إلى البنك لصرفه، والذي قيمته ثلاثون جنيهاً. كان بذلك يضحك على قراء ذلك الزمن، إذ يظنهم لا يعرفون أن الشيك، إن لم يُصرف الآن، يمكن لحامله أن يصرفه غداً.
أو أنه لقلة علمه، ظن ذلك هو نفسه، تاركاً الجنيهات الثلاثين في حساب التاجر الآخر الذي حرر الشيك ووقعه. ومن أقواله عن صوت أم كلثوم أنه: «ده زي الشهد، زي الأكل كده»، لكنه مع ذلك «يخاطب أرواحنا ويدخل إلى أعماقنا» هكذا بما يجعلنا نظن أن هذه الحملة الأخيرة، بخلاف سابقتها هي من صياغة الصحافي الذي أجرى المقابلة مع الحاج ومن قاموسه اللغوي.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الحاج السمّيع الحاج السمّيع



GMT 08:38 2025 الأحد ,09 شباط / فبراير

اختلاف الدرجة لا النوع

GMT 20:02 2025 الأحد ,19 كانون الثاني / يناير

عالم جديد حقًا!

GMT 06:19 2025 الأحد ,12 كانون الثاني / يناير

جانب فخامة الرئيس

GMT 19:43 2025 السبت ,11 كانون الثاني / يناير

أصول النظام السياسى

GMT 19:56 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

عيد سعيد!

النجمات العرب يتألقن بإطلالات أنيقة توحّدت تحت راية الأسود الكلاسيكي

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 12:50 2021 الخميس ,21 تشرين الأول / أكتوبر

أولمبيك خريبكة يحقق "الريمونتادا" أمام النهضة البركانية

GMT 05:07 2017 الثلاثاء ,15 آب / أغسطس

أطروحة سيئة الذكر

GMT 11:15 2022 السبت ,11 حزيران / يونيو

أفضل الفنادق الفاخرة في باريس

GMT 14:45 2020 الجمعة ,25 أيلول / سبتمبر

رسميًا تشيلسي يعلن تعاقده مع إدوارد ميندي

GMT 19:59 2020 الخميس ,23 كانون الثاني / يناير

قلق في الحسنية بسبب إصابة نجم الفريق قبل مواجهة أنييمبا

GMT 10:52 2020 الأحد ,12 كانون الثاني / يناير

الملكة إليزابيث تستدعي حفيدها لاجتماع أزمة

GMT 15:40 2019 الخميس ,12 كانون الأول / ديسمبر

العثور على أفعى كوبرا برأسين في مدينة هندية

GMT 02:20 2019 الأربعاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

الإمارات والمغرب يبحثان تحضيرات "إكسبو 2020"

GMT 18:31 2019 الجمعة ,11 تشرين الأول / أكتوبر

سعيد الصديقي يعترف بتراجع مستوى يوسفية برشيد

GMT 13:26 2019 الخميس ,19 أيلول / سبتمبر

طريقة فعالة لتنظيف السيراميك باركيه

GMT 16:06 2016 الأربعاء ,17 شباط / فبراير

مجموعة إيلي صعب Elie Saab خريف 2016

GMT 23:21 2019 الخميس ,03 كانون الثاني / يناير

ننشر تطورات مُثيرة بشأن صورة "ماء العينين"
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib