مفكرة القرية القرد وعايدة

مفكرة القرية: القرد وعايدة

المغرب اليوم -

مفكرة القرية القرد وعايدة

سمير عطا الله
بقلم - سمير عطا الله

قساة، أهل القرى. أحياناً قساة، وبغير قصد. ومفرداتهم قليلة. والويل لمن وضعت عليه كنية جارحة، فإنها سوف تعيش معه مثل جرح مفتوح.

هو، كان اسمه فؤاد. كنيته، المسكين البائس، «السعدان»... أي القرد. نسي الجميع أنه كان له اسم، وصاروا يشيرون إليه بالسعدان. فؤاد السعدان. وكان اسم زوجته عايدة. وكانا من غير أولاد. ربما رأفة من خالق الخلق.

كان فؤاد، أسمر البشرة، أجعد الوجه، بائساً كان فؤاد، عيناه غائرتان، إذا تكلم سمعت صوته وصداه معاً، ولا يخلع طربوشه لكي لا يفقد شيئاً من وقاره، وكان يمشي متثاقلاً متفاخراً علّه يخفي شيئاً من هزيمة الشكل. لكن الشكل غلاّب، وأهل القرى قساة. وعندما يعبر السعدان المسكين مشواره اليومي من بيته إلى دكان الإسكافي، يشعر في داخله وكأن جميع الأودية تسير خلفه هاتفة «فؤاد السعدان».

عايدة، لا تخرج إلا قليلاً. وإذا خرجت، فإلى الحديقة الصغيرة المزروعة كلها بنعناع وبقدونس وسائر الكلوروفيلات. نسيت أن أذكر أن عايدة طويلة القامة، كئيبة الملامح، ولا تخلع منديلها الأسود. ولا تحضر الأعراس. وتتحاشى، ما استطاعت، أن تمشي إلى جانب زوجها لكي لا يبدو المنظر مضحكاً. دائماً بعيدة عنه نحو مترين، خلفه، أو أمامه. أما هو فكما لو أنه وضع أمامه مرآة يمشي خلفها. لا ينقص السعدان سوى أن يكون فوق الشجرة، بدل أن يكون تحتها.

يعطي فؤاد الانطباع بأنه جاف ومتعجرف، وهو بسيط ومسكين ومظلوم بشكله وكنيته. والمسافة بينه وبين عايدة طويلة. وصامتة. وممتلئة عزلة وضجراً وخواء، وأفكاراً مسدودة مثل الأنفاق الرطبة. بيته كئيب على طرف الضيعة، مملوء بالأسئلة: لماذا ولد على هذه الصورة؟ لماذا تزوج تلك القامة؟ لماذا لم يلق في حياته عملاً يعمله؟ لماذا ظلم هذه المرأة وأبقاها من دون عقب؟ أو لعل هي عاقر، لا تحمل.

تتشارك القرية كلها في طرح الأسئلة. ثم تلقي بعبارات الشفقة على الرجل، دائماً بالإشارة إليه بلقبه. أبداً باسمه.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مفكرة القرية القرد وعايدة مفكرة القرية القرد وعايدة



GMT 17:44 2025 الإثنين ,05 أيار / مايو

الشهادة القاطعة

GMT 17:43 2025 الإثنين ,05 أيار / مايو

دروز سوريا… تاريخ لا يمكن تجاوزه

GMT 17:41 2025 الإثنين ,05 أيار / مايو

لا تطمئنوا كثيرًا..!

GMT 17:36 2025 الإثنين ,05 أيار / مايو

استنزاف الشرع أم تفكيك سوريا؟

GMT 17:34 2025 الإثنين ,05 أيار / مايو

إعادة قراءة لتواريخ بعيون فاحصة

GMT 17:32 2025 الإثنين ,05 أيار / مايو

إيران دون عقوبات: تمكين الحلفاء بديل النووي

GMT 17:30 2025 الإثنين ,05 أيار / مايو

هل عاد زمن العطارين؟

أمينة خليل تتألق في الأبيض بإطلالات عصرية ولمسات أنثوية

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 14:41 2023 السبت ,22 إبريل / نيسان

زلزال بقوة 4.5 درجة في اليونان

GMT 07:39 2019 الخميس ,24 تشرين الأول / أكتوبر

"الغجر يحبُّون أيضًا" رواية جديدة لـ"الأعرج"

GMT 15:40 2019 السبت ,21 أيلول / سبتمبر

كيفية اختيار لون المناكير المناسب

GMT 23:58 2018 الجمعة ,14 كانون الأول / ديسمبر

ساني يهزم نيمار في سباق رجل جولة دوري أبطال أوروبا

GMT 19:43 2018 السبت ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

البدواوي يكشف أن "حتا" شهدت إقبالاً كبيراً من السياح

GMT 14:00 2018 الجمعة ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

نادي "إشبيلية" يرغب في التعاقد مع ماركوس يورينتي

GMT 00:51 2018 الجمعة ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

التلفزيون الملون لم يدخل بيوت الآلاف في بريطانيا

GMT 00:29 2018 الخميس ,08 تشرين الثاني / نوفمبر

صفية العمري تؤكّد أنها تبحث عن الأعمال الفنية الجيدة فقط
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib