استئذان بعدم العودة

استئذان بعدم العودة

المغرب اليوم -

استئذان بعدم العودة

بقلم - سمير عطا الله

 

تخطَّت السفيرة الفرنسية في لبنان آن غريو، كل سابقة في تاريخ العمل الدبلوماسي عندما وجّهت إلى اللبنانيين مباشرة، وليس إلى الدولة، رسالة عتاب ونقد وتأنيب، وهي تودعهم بعد ثلاث سنوات منهكة من «متلازمة الاستعصاء اللبناني».

في خطاب مطوّل، مكتوب بالدرجة الأعلى من لغة بودلير، قالت لفرقة الدلع والتدلل والنكران والسماجة: «لولا فرنسا أين كنتم الآن؟!». وقد كان على سفيرة فرنسا أن تقرأ كل يوم، هنا وهناك، مقالاً أو بياناً أو تصريحاً، يتهم فرنسا بالتقصير أو الانحياز أو التخلي أو المصلحة الذاتية، أو البحث عن شراكة نفطية، إضافة إلى اتهامها بالسعي إلى تعيين لبناني من أصدقاء الرئيس ماكرون، حاكماً للبنك المركزي، وكأنما لا يزال هناك، على وجه الأرض، من يمكن أن يقبل كرسي رياض سلامة.

منذ انفجار مرفأ بيروت قبل عامين، ومجيء الرئيس ماكرون فوراً لتفقد ميناء القتل والدمار، لم يبقَ شيء لم تفعله فرنسا. ولم تبقَ زيارة أو جولة أو استرضاء لم تقم به آن غريو. وبينما كانت مدن فرنسا تشتعل، كان الإليزيه خلية أزمة لإقناع اللبنانيين بالتصالح والتوافق وانتخاب رئيس للجمهورية. وكان اللبنانيون يشمتون في صحفهم ومجالسهم من... فشل فرنسا في أرضها.

وقد انقسموا قسمين: واحد يريد أن تكون فرنسا موظفة عنده، وآخر يريدها أجيرة تحت التجربة. وتعامل بعضهم مع آن غريو على أنها تتجاهل أفضال لبنان التاريخية على فرنسا. هل أبالغ؟ إطلاقاً. هذا تقليد لبناني قديم. فمن الدول الكبرى من دوننا، من دون موقعنا ودورنا التاريخي؟ ومن أنتم؟ من أنتم؟

رجاءً العودة إلى النص الذي قرأته آن غريو. إنه رسالة في الأدب والحب والعتب والشجب. أغلقت باباً وتركت ألف باب. أي عمر العلاقة الفرنسية اللبنانية، العلاقة بين دولة كبرى لم تغير عهدها، ودولة صغيرة تودع وتستقبل على الميناء جميع أنواع القادمين، وجميع أنواع النيترات.

كم تشعر آن غريو بحريق في القلب بحيث تودّع اللبنانيين بهذه الرسالة. وفي اعتقادي، بل في قناعتي، إن هذه الصياغة البودليرية الموجعة ليست صياغتها وحدها. لا شك أن الإليزيه نفسه كان شريكاً في الصياغة أيضاً. هذه ليست رسالة سفيرة تودع بلداً، بل دولة تعاتب صديقاً نزقاً مدللاً دلعاً يرفض أن يبلغ سنّ الرشد، أو حتى سنّ الفطام.

جاءت فرنسا إلينا برئيسها وجيوشها ومساعداتها ووقار مبعوثها السبعيني يجر ثلاث حقائب في مطار بيروت، حيث يدخل (أو يخرج) آخر طرطور بموكب من ثلاثين مرافقاً ربّاعاً. وها هي تسافر الآن سفيرتها، وليس لديها ما تقوله للفرنسيين عن سنوات عملها. ما لديها قالته للبنانيين. وداعاً للدبلوماسية برمّتها، إذا كان هذا جزاءها.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

استئذان بعدم العودة استئذان بعدم العودة



GMT 14:15 2024 الأربعاء ,15 أيار / مايو

في ذكرى النكبة..”إسرائيل تلفظ أنفاسها”!

GMT 12:08 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

مشعل الكويت وأملها

GMT 12:02 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

بقاء السوريين في لبنان... ومشروع الفتنة

GMT 11:53 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

“النطنطة” بين الموالاة والمعارضة !

GMT 11:48 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

نتنياهو و«حماس»... إدامة الصراع وتعميقه؟

النجمات العرب يتألقن بإطلالات أنيقة توحّدت تحت راية الأسود الكلاسيكي

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 12:24 2020 السبت ,26 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم برج الحمل السبت26-9-2020

GMT 07:07 2020 الإثنين ,02 آذار/ مارس

شائعة تبعد "مقالب رامز" عن بركان في الفلبين

GMT 19:46 2019 الأربعاء ,11 كانون الأول / ديسمبر

البرلمان المغربي يصادق على مشروع قانون المالية لسنة 2020

GMT 12:54 2019 الجمعة ,06 كانون الأول / ديسمبر

تعرف على مواصفات برج القوس ووضعه في حركة الكواكب

GMT 11:02 2019 الثلاثاء ,15 تشرين الأول / أكتوبر

غاريدو يحمل فتحي جمال مسؤولية مغادرته للرجاء

GMT 00:38 2019 الثلاثاء ,03 أيلول / سبتمبر

سيدة ميتة دماغيًا منذ أربعة أشهر تنجب طفلة سليمة

GMT 00:01 2019 الإثنين ,29 إبريل / نيسان

فان دايك يتوج بجائزة أفضل لاعب في إنجلترا

GMT 00:16 2019 الأحد ,07 إبريل / نيسان

أمل الفتح يتوج بطلا ويحقق الصعود

GMT 01:30 2019 الخميس ,24 كانون الثاني / يناير

بيع أوّل نسخة في العالم من "تويوتا سوبرا GR"

GMT 01:30 2019 الإثنين ,21 كانون الثاني / يناير

تعرفي على أفكار لحديقة الزهور ولمسة من الجمال

GMT 10:18 2018 الخميس ,13 كانون الأول / ديسمبر

تفاصيل حياة الدوقة كيت ميدلتون قبل زواجها من الأمير هاري

GMT 01:36 2018 الإثنين ,08 تشرين الأول / أكتوبر

وفاء عامر تبدي ألمها بإصابة فاروق الفيشاوي بالسرطان

GMT 07:55 2018 السبت ,15 أيلول / سبتمبر

الأثاث البني موضة لن تنتهي في عالم الديكور

GMT 20:54 2018 الأربعاء ,05 أيلول / سبتمبر

قائمة افضل لاعب في العالم بدون جريزمان
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib