خيال وابتهال

خيال وابتهال

المغرب اليوم -

خيال وابتهال

سمير عطاالله
بقلم : سمير عطاالله

أحمد بهجت كان حزباً. أو فريقاً كروياً. أو مؤذناً، مثل سيدي ورفيقي ومؤنسي ومبدّد كآبتي، محمد صديق المنشاوي. لم يكن ممكناً أن تقرأ أحمد بهجت من دون أن تهتف وتصفّق وتتمنى لو أنك تتلمذت على سطوره، وتفيأت غصون شجرته، وعرفت معنى النضوج في ألوان ثماره. لم يكن عادياً على الإطلاق هذا الذي كان يكتب كل يوم في عاديات الأشياء. كل شيء بين يديه كان يتحوّل إلى جوهرة. وكلّ جوهرة إلى قطعة ماسية برّاقة في واجهة «سوق الصياغين» في بيروت القديمة. كتّاب كثيرون صُنِّفوا من أهل السهل الممتنع. أحمد بهجت كان ماسة نادرة، واحدة إلى جانب واحدة، مثل الواجهات الزجاجية في «سوق الصياغين» في بيروت القديمة. أو ربما مطرة مطرة، مثل وصول الخريف خائفاً من أن ينزع المطر العاجل أوراقه ويكشف عريه. ومثل أعتاب الخريف، كلماته عذبة وتذاق مرتين. عذبة ومثقلة بطعم كل الفصول. ولا تعرف من أين يأتي بها. أو كيف تتجمع في «سلال الوديعة». نثْرُ أحمد بهجت نصفه شعر، ونصفه خيال، وجمعه ابتهال. جواهر لا تقلّد، كما في رواية غي دوموباسان؛ حيث يخيّل إلى الجميع أن هذه الجواهر في الكيس البسيط، جواهر مزيفة. لكن عندما تعرض على الخبير يصرخ هاتفاً أمام هذا الكنز؛ لا تصنع الأيدي جواهر مثلها. أحمد بهجت يُقرأ مرتين. والثالثة ستكون مثل الأولى. ولئن اختار واعتمد المقال الصغير فلأن فعل الماس مثل أثر البرق. قال المهندس إبراهيم المعلّم في تكريمه إنّ «دار الشروق» تطبع من كل عمل من أعمال عبقري الاختصار 63 طبعة على الأقل. لا أدري كم طبعة صدرت من «تأملات في عذوبة الكون». أنا ما أزال أتأمل في الكون كما رآه أحمد بهجت. وكيف سجّل أوّل يوم في التاريخ: «هناك تاريخ لم يكتبه أحدنا هو 1 - 1 - 1 أول يوم في أول شهر في أول عام خلقت فيه الدنيا... لم يكن في الجنة شهور ولا أيام ولا سنوات ولا شمس ولا زمهرير ولا مرض ولا موت ولا هموم. ثمّة خلود فحسب، والخلود لا يعرف همّ القلق والحساب» لكن «العصيان الذي أدى للسقوط إلى الأرض، حوّل كل شيء إلى عذاب». يقول كاتبنا أقوالاً للحكمة الكبرى، وليس لعجالة المقال اليومي: «في الصداقة حكمة يفتقر إليها الحب»، ويقول إنّه افتقد شرنقة أحبها، فإذا هي فراشة تطير أمامه. ويقول: «الرجل رياح تطوف حول الأرض وتدور، والمرأة بذور تلقى في الأرض فتخرج منها الثمار». ويقول: «كثيراً ما تأملت الأشياء... ثمة شيئان لا يشبع المرء من تأملهما؛ السماء ذات النجوم والوجه البشري».

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

خيال وابتهال خيال وابتهال



GMT 15:22 2025 الجمعة ,02 أيار / مايو

سوريا الجديدة ومسارات التكيّف والتطويع

GMT 15:16 2025 الجمعة ,02 أيار / مايو

سوريا و«حِفظ الإخوان»

GMT 19:31 2025 الخميس ,01 أيار / مايو

تسجيل عبد الناصر... عادي!

GMT 19:21 2025 الخميس ,01 أيار / مايو

فلسطين في قلب مهرجان «مالمو»!

أمينة خليل تتألق في الأبيض بإطلالات عصرية ولمسات أنثوية

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 14:41 2023 السبت ,22 إبريل / نيسان

زلزال بقوة 4.5 درجة في اليونان

GMT 07:39 2019 الخميس ,24 تشرين الأول / أكتوبر

"الغجر يحبُّون أيضًا" رواية جديدة لـ"الأعرج"

GMT 15:40 2019 السبت ,21 أيلول / سبتمبر

كيفية اختيار لون المناكير المناسب

GMT 23:58 2018 الجمعة ,14 كانون الأول / ديسمبر

ساني يهزم نيمار في سباق رجل جولة دوري أبطال أوروبا

GMT 19:43 2018 السبت ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

البدواوي يكشف أن "حتا" شهدت إقبالاً كبيراً من السياح

GMT 14:00 2018 الجمعة ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

نادي "إشبيلية" يرغب في التعاقد مع ماركوس يورينتي

GMT 00:51 2018 الجمعة ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

التلفزيون الملون لم يدخل بيوت الآلاف في بريطانيا

GMT 00:29 2018 الخميس ,08 تشرين الثاني / نوفمبر

صفية العمري تؤكّد أنها تبحث عن الأعمال الفنية الجيدة فقط
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib