المرعى البعيد أصبح سوراً استراتيجياً

المرعى البعيد أصبح سوراً استراتيجياً

المغرب اليوم -

المرعى البعيد أصبح سوراً استراتيجياً

سمير عطاالله
سمير عطاالله

قبل مرور شهر على خروج أفغانستانمن ، أعلنت التخلي الاستراتيجي عن فرنسا، الدولة التي لعبت دوراً أساسياً في استقلال أميركا عن الإنجليز، وحتى في تشكيل عدد الولايات نفسها. وهذه أكبر أزمة في العلاقات الأميركية الفرنسية منذ أن خرج الجنرال ديغول من الحلف الأطلسي. وكانت المرحلة الديغولية توتراً دائماً بين باريس وواشنطن. ثم قامت أزمة كبرى بينهما عندما رفض جاك شيراك تأييد الحرب في العراق.لكن الأزمة بين البلدين اليوم أشبه بتوتر بين أعداء لا بين حلفاء. وقد استدعت فرنسا سفراءها من واشنطن ولندن وكانبيرا في خطوة لا يتخذها الخصوم إلا في الحالات القصوى.

لا تستطيع فرنسا، أو أوروبا، تحمل أزمة من هذا الحجم في مثل هذه الظروف، وبعد الآثار التي تركتها كارثة «كورونا». وواضح أنها مرة أخرى مواجهة شديدة بين أنغلوسكسون وفرنسيين ضمن الحلف أو التجمع الواحد. وتتخذ الأزمة بُعداً خاصاً بسبب ضلوع أستراليا فيها، أي الجارة الغربية الكبرى للصين. ولم يعد من الممكن الآن النظر إلى أي أزمة تشمل الغرب من دون أخذ الصين في الاعتبار، وكذلك روسيا ولكن ليس بالأهمية نفسها.

وتبدو فرنسا بكل وضوح في موقف ضعيف. وأعرب وزير خارجيتها، المسيو لودريان، عن تضايق بلاده، في لغة عالية ووجه مكفهر. لكن العداء مع الدول الأنغلوسكسونية الثلاث مأزق شديد لها، فهي ليست قادرة على خوض المعركة وحيدة مع «خيانة» أميركا وأستراليا، ومعها «انتهازية» بريطانيا. ولا في إمكانها الرد بالاتجاه نحو الصين أو روسيا. والوضع الاقتصادي القائم منذ «كورونا»، لا يسمح لباريس بالتخلي عن شركاء في هذا الحجم، غير أن كبرياءها الوطنية أجبرتها على الرد بمثل هذه الحدة للتعبير عن شعورها بالخيبة عن حادث غير مألوف في علاقات المحور الغربي.

تزامن الحدث مع إصرار إدارة جو بايدن على الخروج الأفغاني المنفرد، وكأن أميركا لا يهمها مصير حلفائها وأصدقائها، فما الذي يحدث حقاً؟ هل هو تغيير كلي في السياسة الخارجية؟ هل يعني ذلك مرحلة جديدة من التخلي عن الحلفاء التاريخيين والمحدثين على السواء؟ هل هناك نظرة مختلفة تماماً عن كل مفاهيم السياسة الخارجية السابقة؟ ليس هناك جواب حتى الآن. وربما ستأتي الأجوبة الواحد بعد الآخر، وعلى مثل هذا النحو الدراماتيكي شرقاً وغرباً، كابل وباريس.

الغموض سوف يؤدي إلى مخاوف في صفوف الحلفاء وإلى شكوك في صف الخصوم. وفي كل ذلك يبرز سؤال دائم: والصين، ماذا عن الصين؟ إن موقع أستراليا يتخذ اليوم أهمية لم تكن له في أي مرحلة في تاريخها. في الماضي كانت مجرد مرعى هائل على حافة الأرض، والآن أهم سور غربي على تخوم الصين.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

المرعى البعيد أصبح سوراً استراتيجياً المرعى البعيد أصبح سوراً استراتيجياً



GMT 15:53 2025 الإثنين ,04 آب / أغسطس

خريطة سعدون حمادي

GMT 15:34 2025 الإثنين ,04 آب / أغسطس

مصر للطيران!

GMT 20:44 2025 السبت ,19 تموز / يوليو

الطعن على الوجود

GMT 13:16 2025 السبت ,28 حزيران / يونيو

حكومة فى المصيف

GMT 15:29 2025 السبت ,21 حزيران / يونيو

إسرائيل... أوهام القوة المهيمنة والأمن الحر

النجمات يخطفن الأنظار بصيحة الفساتين المونوكروم الملونة لصيف 2025

بيروت ـ المغرب اليوم

GMT 04:12 2019 الجمعة ,19 إبريل / نيسان

أبرز الأحداث الفلكية للأبراج هذا الأسبوع

GMT 10:33 2023 الإثنين ,04 كانون الأول / ديسمبر

تعرّف على المعدل الطبيعي لفيتامين "B12" وأعراض نقصه

GMT 22:42 2022 الجمعة ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

سوق الأسهم الأميركية يغلق على انخفاض

GMT 05:44 2022 الجمعة ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

تراجع أسعار النفط في المعاملات المبكرة الجمعة

GMT 22:31 2022 الأحد ,19 حزيران / يونيو

المغرب يتسلم 4 طائرات أباتشي متطورة

GMT 14:42 2021 الخميس ,07 كانون الثاني / يناير

والد صاحبه الفيديو الإباحي يخرج عن صمته و يتحدث عن ابنته

GMT 19:31 2020 الإثنين ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

تحمل إليك الأيام المقبلة تأثيرات ثقيلة

GMT 08:54 2019 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

رابطة حقوقية تدين احتلال إسبانيا لأراضٍ مغربية

GMT 03:10 2019 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

الكشف عن أفضل 7 أماكن في جمهورية البوسنة والهرسك

GMT 07:59 2019 السبت ,22 حزيران / يونيو

الرئيس الأميركي يعين مارك إسبر وزيرًا للدفاع
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
RUE MOHAMED SMIHA ETG 6 APPT 602 ANG DE TOURS CASABLANCA MOROCCO
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib