الحياد الأخير

الحياد الأخير

المغرب اليوم -

الحياد الأخير

بقلم - سمير عطا الله

انضمام السويد إلى حلف «الناتو» ليس خبراً لطيفاً. يرنّ في السمع كمثل نعي رجل طيب تكاثرت سنواته ومع ذلك فإن باب الحتميات لا يغلق. السويد كانت نموذج الدولة القوية التي اختارت الحياد في حروب العالم، الحارة والباردة.

مثلها مثل سويسرا، كانت تحمي حيادها بقوة عسكرية ضخمة وجيش فائق التدريب. حرب أوكرانيا أظهرت أن الحياد خيار هش. ارتعدت دول الحياد التقليدي من الاستهتار بسلامتها. واندفعت السويد وفنلندا إلى التخلّي عن آداب السلام المطلق. وسوف تعجب كثيراً عندما تعرف أن أول دولة تخلت عن سياستها كانت أم الحياد، سويسرا. فما أن أعلن فلاديمير بوتين الهجوم على جارته حتى أعلن السويسريون أن حيادهم القائم منذ القرن السادس عشر سوف يخضع لتعديلات جوهرية في شتى المفاهيم. وكانت فنلندا الأكثر جدّةً في نبذ الحياد، وطلب الانضمام إلى الناتو، أي المعسكر الغربي بقيادة أميركية. ورافق خروج الحياديين الهادئين عادة موجة أو حملة على روسيا، وذكريات الحروب والاحتلالات، خصوصاً في الجارة الفنلندية التي كان حيادها يقضي أن يكون رئيسها رجل موسكو المفوض.

مع الخطوة السويدية، وقبلها نصف الخطوة السويسرية، زالت في هذا العالم المتعادي فكرة الحياد الجميلة شرقاً وغرباً. قبلها كان «الحياد الإيجابي» قد تلاشى في العالم الثالث بعد سنوات من الحماس والأمل. موجة عاصفة مرّت بالكوكب من الهند، إلى إندونيسيا، إلى غانا، إلى بلغراد، إلى القاهرة، وسميت مرة «عدم الانحياز»، ومرة «الحياد الإيجابي»، وثالثة «الكتلة الآسيوية الأفريقية». لكنها كانت في الحقيقة تكتلاً يعبّر عن عدائه للمرحلة الاستعمارية، وبعدها الإمبريالية الأميركية. وكان رموز الحركة من «نهرو إلى عبد الناصر إلى المارشال تيتو إلى نكروما إلى سوكارنو»، ينتقدون أميركا بكل وضوح ولا يأتي أحد منهم على ذكر موسكو أو بكين.

كانت صيغة الحياد «الإيجابي» مخرجاً لإقامة قوة ثالثة من دولة مستقلة حديثاً، لكنها لا تزال متخلفة اقتصادياً وعسكرياً وصناعياً رغم حجمها السكاني الهائل، أو مكانتها الحضارية والثقافية مثل الهند ومصر. لذلك انضمت الصين إلى الكتلة رغم كونها دولة شيوعية معلنة، ووقف رئيس وزرائها «شو آن لاي» إلى جانب زعماء يضطهدون الشيوعية في بلدانهم. مليون قتيل على الأقل.

تفرقت دروب الحياد الإيجابي وفقدت الحركة حيويتها وبهتت بعد غياب رموزها. وفقدت معناها تماماً بعد انهيار الاتحاد السوفياتي. والآن بعد قمة الناتو في ليتوانيا على حدود روسيا أعلن نهاية الحياد الأوروبي، أو الحياد الآخر، أو الحياد الأخير.

يبدو أنه لم يعد ثمة مكان في هذا العالم لفكرة الحياد. قالت زعيمة الوحدة الأوروبية أورسولا فون در لاين: «لقد رأيت كطبيبة موتاً كثيراً. لكن ما رأيته في أوكرانيا كان قتلاً فظيعاً».

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الحياد الأخير الحياد الأخير



GMT 14:15 2024 الأربعاء ,15 أيار / مايو

في ذكرى النكبة..”إسرائيل تلفظ أنفاسها”!

GMT 12:08 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

مشعل الكويت وأملها

GMT 12:02 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

بقاء السوريين في لبنان... ومشروع الفتنة

GMT 11:53 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

“النطنطة” بين الموالاة والمعارضة !

GMT 11:48 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

نتنياهو و«حماس»... إدامة الصراع وتعميقه؟

النجمات العرب يتألقن بإطلالات أنيقة توحّدت تحت راية الأسود الكلاسيكي

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 12:24 2020 السبت ,26 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم برج الحمل السبت26-9-2020

GMT 07:07 2020 الإثنين ,02 آذار/ مارس

شائعة تبعد "مقالب رامز" عن بركان في الفلبين

GMT 19:46 2019 الأربعاء ,11 كانون الأول / ديسمبر

البرلمان المغربي يصادق على مشروع قانون المالية لسنة 2020

GMT 12:54 2019 الجمعة ,06 كانون الأول / ديسمبر

تعرف على مواصفات برج القوس ووضعه في حركة الكواكب

GMT 11:02 2019 الثلاثاء ,15 تشرين الأول / أكتوبر

غاريدو يحمل فتحي جمال مسؤولية مغادرته للرجاء

GMT 00:38 2019 الثلاثاء ,03 أيلول / سبتمبر

سيدة ميتة دماغيًا منذ أربعة أشهر تنجب طفلة سليمة

GMT 00:01 2019 الإثنين ,29 إبريل / نيسان

فان دايك يتوج بجائزة أفضل لاعب في إنجلترا

GMT 00:16 2019 الأحد ,07 إبريل / نيسان

أمل الفتح يتوج بطلا ويحقق الصعود

GMT 01:30 2019 الخميس ,24 كانون الثاني / يناير

بيع أوّل نسخة في العالم من "تويوتا سوبرا GR"

GMT 01:30 2019 الإثنين ,21 كانون الثاني / يناير

تعرفي على أفكار لحديقة الزهور ولمسة من الجمال

GMT 10:18 2018 الخميس ,13 كانون الأول / ديسمبر

تفاصيل حياة الدوقة كيت ميدلتون قبل زواجها من الأمير هاري

GMT 01:36 2018 الإثنين ,08 تشرين الأول / أكتوبر

وفاء عامر تبدي ألمها بإصابة فاروق الفيشاوي بالسرطان

GMT 07:55 2018 السبت ,15 أيلول / سبتمبر

الأثاث البني موضة لن تنتهي في عالم الديكور

GMT 20:54 2018 الأربعاء ,05 أيلول / سبتمبر

قائمة افضل لاعب في العالم بدون جريزمان
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib