وطن خصب ودولة عقيمة

وطن خصب ودولة عقيمة

المغرب اليوم -

وطن خصب ودولة عقيمة

سمير عطاالله
سمير عطاالله

 

تتباهى القرعاء بشعر ابنة خالتها، يقول المثل. ويفاخر اللبنانيون المأزومون في الداخل حول السيادة والرغيف والحرب والسلم، وحتى المصير، بالجماليات والمثل اللبنانية في الخارج: في فترة زمنية واحدة، يُعطى أمين معلوف أرفع منصب أدبي في فرنسا، ويصبح نواف سلام رئيساً لمحكمة العدل الدولية، بينما هو قادم من بلد يعجز فيه القضاء عن النظر في أضخم انفجار في تاريخه، وأخيراً، تنال فتاة من صيدا، «ياسمينا زيتون»، لقب الوصيفة الأولى لملكة جمال الكون.

الفكر والعدل والجمال في جانب، وتحية إلى الحرب في الجانب الآخر. وبين الاثنين انقسام في العمق النفسي والاجتماعي يزداد عمقاً واتساعاً. وما كان في الماضي مهارة في جمع الأضداد، أصبح نموذجاً لنشر الفُرقة والتكاره والحض على الانفصال. وقد أدى ربط الوضع في غزة بالوضع في لبنان إلى انهيار في منطق التخاطب بين الأفرقاء، خصوصاً في وضع اقتصادي يقترب من خوف المجاعة في أوساط كثيرة.

في الماضي كان لبنان قادراً على الاحتفاظ بوجهين، مثل أسطورة «جانوس»، واحد عسكري والآخر ثقافي، لكن مثل هذا التوازن، أو التوازي، لم يعد ممكناً اليوم. التجاذبات أقوى من مقاومتها. والمراحل الرمادية انتهت إلى الخيار الوحيد، بين أبيض وأسود؛ لأن القضية لم تعد مسألة خيار سياسي، وإنما تحولت خلافاً جذرياً حول نهج الحياة برمّتها.

الاختلاف في أسلوب الحياة ليس جديداً. الجديد هو الاختلاف الكلّي في النظر إلى الحياة والموت. وفي الماضي كان الخلاف بين اليسار واليمين، أو بين العروبيين والانعزاليين، لكنه اليوم نزاع وجودي حول شكل المستقبل بعدما دخل في الصراع عنصر لم يكن وارداً من قبل، هو العنصر الإيراني، بكل قواه الثقافية والسياسية والعسكرية.

الصراع إذن، على مجموعة هويات حتى ضمن الهوية الواحدة. وهو لم يعد سياسياً فقط، بل يتغلغل في جذور الطوائف باحثاً عن المزيد من أوجه الفرقة وعلامات الخصومة وسبل التباعد. وقد كان مشهد الحوثيين يحتفلون بخناجرهم في وسط بيروت واحداً من المظاهر التي تتكاثر في هذا الاتجاه.

اختيار أمين معلوف ونواف سلام وياسمينا زيتون لمثل هذه المواقع العالمية، ترف لطالما تمتع به لبنانيو الداخل والخارج. لكنها ليست ساعة ترف. إنها كما وصفها تشرشل، ساعة العرق والدموع. وقد كان لبنان دائماً وسط كل العواصف. إذا لم تمرّ به، ذهب هو إليها، أو دعاها إليه. قدر الأوطان الخصبة والدول العقيمة.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

وطن خصب ودولة عقيمة وطن خصب ودولة عقيمة



GMT 20:32 2025 الثلاثاء ,19 آب / أغسطس

مستعيداً حريّته

GMT 20:28 2025 الثلاثاء ,19 آب / أغسطس

هل نتنياهو ظاهرة منفصلة؟

GMT 20:23 2025 الثلاثاء ,19 آب / أغسطس

ميلانيا لبوتين... جرّة قلم!

GMT 20:04 2025 الثلاثاء ,19 آب / أغسطس

هيروهيتو ــ ناروهيتو... اليابان حرب أم سلام؟

GMT 19:59 2025 الثلاثاء ,19 آب / أغسطس

«تيمور».. الذي لم أعرفه!

GMT 19:56 2025 الثلاثاء ,19 آب / أغسطس

كأن عليه أن يُحصى أصابعه

GMT 19:27 2025 الثلاثاء ,19 آب / أغسطس

عقل الـ«سوشيال ميديا»

الملكة رانيا تتألق في الأصفر مجددًا بأناقة لافتة ورسائل وجدانية في كل ظهور

عمّان - المغرب اليوم

GMT 14:27 2019 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

أبرز الأحداث اليوميّة لمواليد برج"الثور" في كانون الأول 2019

GMT 16:57 2020 الجمعة ,10 إبريل / نيسان

حذار النزاعات والمواجهات وانتبه للتفاصيل

GMT 20:48 2015 الثلاثاء ,12 أيار / مايو

"برشلونة" يصعد إلى نهائي دوري أبطال أوروبا

GMT 01:30 2023 السبت ,03 حزيران / يونيو

يوسفية برشيد يحفز لاعبيه من أجل الصعود

GMT 02:22 2018 الأربعاء ,04 تموز / يوليو

ربيع لخليع يكشف أهمية مشروع الربط السككي

GMT 09:38 2018 الجمعة ,29 حزيران / يونيو

تعرف على أفضل 10 جامعات في العالم

GMT 14:15 2023 الخميس ,20 تموز / يوليو

كلماتك الإيجابية أعظم أدواتك

GMT 06:55 2022 الخميس ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

تطوير اقتصاد الرعاية و 300 مليون فرصة عمل وحل لعطالة مغربيات

GMT 03:00 2022 الجمعة ,28 تشرين الأول / أكتوبر

هبوط المؤشر نيكي الياباني 0.09% في بداية التعاملات بطوكيو

GMT 22:48 2021 الأربعاء ,15 أيلول / سبتمبر

قصات شعر رجالي لإطلالة رائعة

GMT 16:59 2020 الإثنين ,01 حزيران / يونيو

تجنّب أيّ فوضى وبلبلة في محيطك

GMT 14:14 2019 السبت ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

أولمبيك خريبكة ينهزم في مباراة إعدادية أمام الفتح
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
RUE MOHAMED SMIHA ETG 6 APPT 602 ANG DE TOURS CASABLANCA MOROCCO
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib