العدالة للضحايا وملاحقات نتنياهو دولياً تتوالى

العدالة للضحايا... وملاحقات نتنياهو دولياً تتوالى

المغرب اليوم -

العدالة للضحايا وملاحقات نتنياهو دولياً تتوالى

جبريل العبيدي
بقلم : د. جبريل العبيدي

رغم أن إسرائيل ترفضها بازدراء وتصفها بأنها «خدعة دعائية من الطاغية إردوغان»، فإن ملاحقة نتنياهو تتفاعل دولياً، فبعد نحو عام من إصدار «المحكمة الجنائية الدولية» مذكرة توقيف بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي؛ بتهمة «ارتكاب جرائم حرب»، أصدر مكتب المدعي العام في إسطنبول مذكرات توقيف ضد 37 شخصاً، بينهم نتنياهو، ووزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس، ووزير الأمن القومي إيتمار بن غفير، ورئيس أركان الجيش إيال زامير، حيث وجّه مذكرات التوقيف للمسؤولين الإسرائيليين بتهم «جرائم ضد الإنسانية» و«إبادة جماعية» في غزة، و«التعامل العنيف مع أسطول المساعدات المتجه إلى القطاع»، بينما كان رد فعل «خارجية» نتنياهو السخرية والازدراء بالقول: «في تركيا إردوغان، أصبح القضاء منذ زمن أداة لإسكات الخصوم السياسيين، واعتقال الصحافيين والقضاة ورؤساء البلديات»، واصفة الأمر بأنه «الخدعة الدعائية الأخيرة للطاغية إردوغان».

انضمّت تركيا إلى دعوى رفعتها جنوب أفريقيا ضد إسرائيل العام الماضي أمام «محكمة العدل الدولية»، تتّهم فيها إسرائيل بارتكاب إبادة جماعية. وكانت «المحكمة الجنائية الدولية» أصدرت مذكرة توقيف ضد نتنياهو أواخر عام 2024 بتهمتَي ارتكاب «جرائم حرب» و«جرائم ضد الإنسانية».

بعد صدور مذكرات توقيف بتهمة ارتكاب «إبادة» ضد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، وكثير من المسؤولين الإسرائيليين، فهل سيبقى اعتقال نتنياهو ضرباً من الخيال، أم سيتحول إلى واقع بعد صدور «مذكرة طلب» ضده بالمثول أمام «محكمة الجنايات» هو وتابعه وزير «جيش حرب» إسرائيل السابق يوآف غالانت، فكلاهما متهم بجرائم «انتهاك القانون الدولي» و«ارتكاب جرائم حرب» و«إبادة» في غزة؟ قد يعدّه البعض نوعاً من الخيال وضرباً من المستحيل.

نتنياهو «استخدم التجويع سلاحاً في الحرب»، فجاء قرار «المحكمة» معززاً لتهمة «الجرائم ضد الإنسانية» المتمثلة في القتل والاضطهاد، مع تقييد أو منع وصول الإمدادات الطبية والأدوية للمدنيين.

ولكن نتنياهو مارس التسويف والتجاهل، وكان يردد: «لن يؤثر أي قرار، لا في (لاهاي) ولا بأي مكان آخر، في عزمنا على تحقيق جميع أهداف الحرب»، وكان يصرّ على الاستمرار فيها مردداً شعارات دينية «توراتية»؛ مما يعكس تأثر بنيامين نتنياهو بالموروث الديني حتى في اختيار أسماء المعارك التي يخوضها جيش حربه.

لكن تبقى جريمة «الإبادة الجماعية» ومفهومها وتعريفها وأركانها، وفقاً للقوانين والاتفاقيات الدولية، واضحة في نصوص الاتفاقيات الدولية. ولعل في بيان «محكمة الجنايات» وضوحاً أكبر، إذ يقول: «وجدت الدائرة أسباباً معقولة للاعتقاد أن السيد نتنياهو والسيد غالانت يتحملان المسؤولية الجنائية» في توجيه هجوم متعمد ضد السكان المدنيين، وأن كلا الشخصين حرم السكان المدنيين في غزة، عمداً وعن علم، من الأشياء التي لا غنى عنها لبقائهم على قيد الحياة، بما في ذلك الغذاء والماء والأدوية والإمدادات الطبية، وكذلك الوقود والكهرباء، مستنداً إلى دور نتنياهو وغالانت في إعاقة المساعدات الإنسانية، الأمر الذي يعدّ انتهاكاً للقانون الإنساني الدولي.

عام 1946 أعلنت الجمعية العامة للأمم المتحدة أن الإبادة الجماعية جريمة بمقتضى القانون الدولي، وتتعارض مع روح الأمم المتحدة وأهدافها، ويدينها العالم المتمدن. ومن الوثائق التي تدعم مذكرات الملاحقة «قانون الجنائية الدولية» وكذلك «اتفاقية منع جريمة الإبادة والمعاقبة عليها» لعام 1948... ففي المادة الرابعة: «يعاقب مرتكبو الإبادة الجماعية، أو أي من الأفعال الأخرى المذكورة في المادة الثالثة، سواء أكانوا حكاماً دستوريين، أم موظفين عامّين، أم أفراداً». وطبقاً لنص المادة الرابعة، فلا حصانة دستورية لبنيامين نتنياهو من الملاحقة بتهمة «الإبادة الجماعية».

ولهذا؛ فمذكرة اعتقال نتنياهو ووزير دفاعه السابق تعدّ خطوة أولى نحو تحقيق العدالة للضحايا ولو شكلياً، وصدورها في حد ذاته نقلة نوعية في مجال ملاحقة مجرمي الحرب وإبادة الشعوب، وقد حركت المياه الراكدة في ملف إدانة قادة إسرائيل، بل وجعلتهم في شبه عزلة دولية.

مذكرات الملاحقة، سواء أكانت من «الجنائية الدولية» أم من غيرها، خطوة قانونية تاريخية وجريئة في مسار تحقيق العدالة، وأعتقد أن زمن الهروب والإفلات من العقاب أصبح من الماضي؛ لأن الضحية ستلاحق جلادها حتى القبر. وبالتالي ملاحقات قادة الحروب ستنتهي بغالبيتهم في السجون، ولعل في نهاية سلوبودان ميلوسيفيتش، الرئيس الصربي المتوفى في السجن، درس مستفاد لصناع الحروب، فقد انتهى زمن تبرئة الجناة. فالعدالة ننشدها لكل الضحايا، من مسلمين ويهود، وحتى لمن قُتلوا على ضفاف نهر الدانوب من يهود المجر، ولا تزال أحذيتهم شاهدة على جرائم الحروب... فالعدالة لا تتجزأ.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

العدالة للضحايا وملاحقات نتنياهو دولياً تتوالى العدالة للضحايا وملاحقات نتنياهو دولياً تتوالى



GMT 11:50 2025 الخميس ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

لمّا قام قائمها

GMT 11:48 2025 الخميس ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

روسيا تحذّر أميركا من «التحرش» بفنزويلا!

GMT 11:45 2025 الخميس ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

«بي بي سي»... من كان منكم بلا خطيئة؟!

GMT 11:43 2025 الخميس ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

الفاشر ترد على سرديات «الدعم السريع»!

GMT 11:40 2025 الخميس ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

الفرعون الذهبي في المتحف الكبير

أنغام تتألق بفستان أنيق وتلهم عاشقات الأناقة في سهرات الخريف

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 14:04 2025 الخميس ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

ساركوزي يصر على إثبات براءته ويصف التجربة بأنها درس حياتي
المغرب اليوم - ساركوزي يصر على إثبات براءته ويصف التجربة بأنها درس حياتي

GMT 19:30 2025 الأربعاء ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

الفنانة زينة تعلّق على صعوبات مسلسلها "ورد وشوكولاتة"
المغرب اليوم - الفنانة زينة تعلّق على صعوبات مسلسلها

GMT 04:12 2016 الخميس ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

باكستان تُبعد صاحبة صورة ناشيونال جيوغرافيك الشهيرة

GMT 00:44 2017 الأحد ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

الممثلة ميريل ستريب تتحدّث عن معاناة المرأة بشكل عام

GMT 03:53 2017 الأحد ,08 كانون الثاني / يناير

"دولتشي أند غابانا" تطرح مجموعتها الجديدة لعام 2017

GMT 16:35 2023 الأربعاء ,08 تشرين الثاني / نوفمبر

زلزال بقوة 5.6 ريختر يضرب شرق روسيا

GMT 10:12 2023 الأربعاء ,10 أيار / مايو

مقتل صحفي فرنسي في قصف روسي في شرق أوكرانيا

GMT 14:51 2022 الجمعة ,07 تشرين الأول / أكتوبر

بيدري نيتو يغيب عن كأس العالم 2022 بسبب الإصابة

GMT 21:41 2020 السبت ,24 تشرين الأول / أكتوبر

أقوى خلطة طبيعية لتطويل الشعر بوقت قياسي
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
RUE MOHAMED SMIHA ETG 6 APPT 602 ANG DE TOURS CASABLANCA MOROCCO
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib