بعض جوانب صورة الغرب عند العرب
تطورات الحالة الصحية للفنانة أنغام بعد استمرار إقامتها في المستشفى بألمانيا خلال الفترة الماضية الكوليرا تجتاح جميع ولايات السودان وتسجيل أكثر من 96 ألف إصابة وسط أسوأ أزمة إنسانية تشهدها البلاد ارتفاع وفيات المجاعة في غزة إلى 193 بينهم 96 طفلا وسط تحذيرات منظمات دولية من تفاقم الكارثة الإنسانية غانا تعلن مقتل وزيري الدفاع والبيئة في تحطم مروحية ومكتب الرئاسة يؤكد سقوط ضحايا من الطاقم والركاب المغربي رضا سليم يعود للجيش الملكي على سبيل الإعارة قادماً من الأهلي المصري على سبيل الإعارة ستارمر يندد بمعاناة غزة ويهدد باعتراف بدولة فلسطينية وسط إستمرار الدعم الاستخباراتي لإسرائيل كتائب القسام تعلن تفجير جرافة عسكرية للاحتلال شرقي غزة إصابة عدد من الأشخاص في قصف إسرائيلي استهدف جنوب لبنان عائلات الأسرى الإسرائيليين المحتجزين تتوعد بالعصيان المدني احتجاجا على خطة إحتلال غزة فرنسا تعلق إعفاء حاملي جوازات السفر الرسمية والدبلوماسية الجزائرية من التأشيرة
أخر الأخبار

بعض جوانب صورة الغرب عند العرب

المغرب اليوم -

بعض جوانب صورة الغرب عند العرب

حازم صاغية
بقلم - حازم صاغية

ليست صورة الغرب عند العرب شيئاً خارجيّاً. فهم حين يُبدون رأياً بالصين أو بأفريقيا أو بروسيا، يكون هذا الرأي خاصّاً بتلك البلدان والقارّات دون سواها، فلا يحمل بالتالي أيّ تحدٍّ لذواتهم أو أيّة محاكمة لها، كما لا ينطوي على مقارنة ضمنيّة أو على قياس يُقاس عليه.

مع الغرب الأوروبيّ والأميركيّ يختلف الأمر، فنكون عند حديثنا عنه كمن يتحدّث عن نفسه ولو مداورةً. وهذا عائد إلى سببين أساسيّين ومترابطين: أوّلهما أنّ البلدان الغربيّة سبق أن استعمرتنا أو انتُدبت علينا، بعد أن ورثت الإمبراطوريّة العثمانيّة التي انهارت قبل قرن ونيّف. أمّا بعد الاستقلالات، فاخترنا واحداً من نهجين حيال الغرب ودوله: عند القلّة، أقصى الصداقة معها، وعند الكثرة، أقصى العداوة لها. وكان للدعم الغربيّ لدولة إسرائيل (علماً بأنّ الشرق الشيوعيّ دعمها أيضاً) أن شحذ ما هو سلبيّ من المشاعر العربيّة. لكنْ في الحالتين، ظلّ الموقف يغلب التمحيص والتمييز والمتابعة.

وبدوره اتّصل السبب الثاني بموقع الغرب المركزيّ في صناعة العالم الحديث، وفي عداده بالطبع ما هو حديثٌ فينا. ومن خلال تأثيره في الحديث، فإنّه كان يؤثّر أيضاً في القديم لدينا، ممّا انتابه إحساس متوتّر يمتدّ من الاستفزاز إلى الحصار والتطويق.

هكذا ازدهر مبكراً تساؤل مثقّفينا الشهير عن تقدّم الغربيّين وتأخّرنا، وعن «سرّ» تفوّق الغرب وما إلى ذلك ممّا لم يُطرح على الصلة بالأمم والشعوب الأخرى.

لكنْ لئن شكّل الموقف من الغرب سبباً لتفاوت داخليّ ما بين المعجبين بذاك النموذج، وأحياناً بسياساته، والكارهين له ولسياساته، فإنّه استند إلى معرفة به يطغى فيها الخارجيّ طغياناً مبرماً على الداخليّ. فالاكتراث بالغرب عند كارهيه دار أساساً حول السياسة الخارجيّة، لا سيّما حيال منطقتنا. أمّا عند مُحبّيه فاقتصر على نتائج التقدّم الغربيّ وثماره وأشكاله، من دون التعامل مع أسبابه والمسارات التي رافقت بلوغ محطّاته الراهنة.

هكذا ظلّت قراءة الكتاب ومشاهدة الفيلم أو المسرحيّة عملاً جزئيّاً، وبمعنى ما مهنيّاً، نادراً ما يُربط بالتجربة الأعرض التي يتناولها الكتاب أو العمل الفنّيّ، أو ينبثقان منها.

وبات التناقض الأبرز هنا ما بين داخليّة العلاقة بالغرب وحميميّتها من جهة، وخارجيّة المعرفة به من جهة أخرى. فديناميّات تطوّره ونظامه الاقتصاديّ وتاريخ مؤسّساته وأفكاره ومنظومات العلاقة فيه بالجسد وسواها لم تحظ بما تستحقّه من اهتمام.

وهذا قبل أن تضيف دراسات الاستشراق معادلة «لا نريدهم أن يعرفونا» إلى معادلة «لا نريد أن نعرفهم».

والحال أنّ نظام القيم بتاريخه وصراعاته كان وظلّ أكبر ضحايا الجهل بالغرب الداخليّ، أو الغرب العميق إذا صحّ التعبير. فالأسباب التي فاقمت أزمة التعرّف إلى القيم كانت كثيرة، في عدادها ذاك التنافر في سلوك الدول الغربيّة بين السياسة الخارجيّة وسياسات القيم، خصوصاً إبّان الحرب الباردة.

فتلك الحقبة التي احتلّ فيها التنافُس المُرّ مع الشيوعيّة مرتبة الأولويّة هي نفسها الحقبة التي شهدت ولادة معظم الدول المستقلّة في «العالم الثالث» واختبارها للسياسة والعلاقات الدوليّة. وهذا إنّما سهّل قراءة الغرب بأعين غير غربيّة توحّد السلطات كلّها في السلطة السياسيّة، فترى مثلاً في ما يكتبه الإعلام، أو ما يقدم عليه فرد يحرق المصحف، تعبيراً عن سياسة رسميّة مُجمَع عليها.

وفضلاً عن ضعف التقليد الديمقراطيّ، فإنّ الحظّ العاثر للديمقراطيّة في ربوعنا، وهي ما ينظم عقد تلك القيم، زاد في إضعاف القيم المذكورة ذاتها. وبالنتيجة بات يبدو أنّ كلّ تراجع يصيب الديمقراطيّة في المعسكر الديمقراطيّ أشبه بجائزة لنا أو باعتراف بأنّنا مُحقّون وأنّنا قطعاً لسنا في موقع المهزوم سياسيّاً أو المتعثّر أخلاقيّاً. وفي المقابل، فإنّ النزاعات بين دول «العالم الثالث»، على كثرتها، نادراً ما كانت معنيّة بالقيم التي لم تحتلّ، هذا إذا احتلّت، سوى موقع ثانويّ أو دعائيّ.

وربّما وجدنا إذا ما توغّلنا أبعد أنّ سرديّة الوحدة العاطفيّة التي نسبغها على تاريخنا وواقعنا تغاير السمة الصراعيّة للتاريخ الغربيّ، والموقع المركزيّ الذي احتلّه التنازع على الحقوق فيه، وهما ما سبق أن وضع النساء في مواجهة الرجال، والعمّال في مواجهة أرباب العمل، والملاحدة في مواجهة المؤمنين... ولئن كان من السهل إدانة هذه الصراعيّة عند اقترانها بالشيوعيّة (والإلحاد)، فإنّ اقترانها بالرأسماليّة يجعل الخصوصيّات الحياديّة والطبائع والتربية والأخلاق مُرتَكز الإدانة وأساسها.

ولمّا كان مَن تستهويهم عندنا سياسات الغرب ومن لا تستهويهم يتّفقون على مواقف متشابهة حيال نظام القيم ذاك، فإنّهم حين يتناولونه لا يتوقّفون عند تاريخه وتاريخ الانقسام حوله داخل الغرب ذاته، مفضّلين النظر إليه كمعطى جامد ونهائيّ يُعرف به الغربيّون، معطى يعاكس المعطى الجامد والنهائيّ الذي هو نظام قيمنا.

وبالنتيجة، ومع تراكم هذه العناصر، وفي ظلّ التقلّبات السياسيّة، ومعها المطامح السلطويّة، زادت القدرة على التحكّم بصناعة الصورة، بحيث غدا المصنوع أقوى من صانعه. وعلى النحو هذا نمضي ونتمدّد...

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

بعض جوانب صورة الغرب عند العرب بعض جوانب صورة الغرب عند العرب



GMT 08:38 2025 الأحد ,09 شباط / فبراير

اختلاف الدرجة لا النوع

GMT 20:02 2025 الأحد ,19 كانون الثاني / يناير

عالم جديد حقًا!

GMT 06:19 2025 الأحد ,12 كانون الثاني / يناير

جانب فخامة الرئيس

GMT 19:43 2025 السبت ,11 كانون الثاني / يناير

أصول النظام السياسى

GMT 19:56 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

عيد سعيد!

إستوحي إطلالتك الرسمية من أناقة النجمات بأجمل ألوان البدلات الكلاسيكية الراقية

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 04:45 2017 السبت ,23 كانون الأول / ديسمبر

آية الشامي اللاعبة الأفضل في البطولة العربية الطائرة

GMT 03:13 2023 الجمعة ,14 إبريل / نيسان

عقبات تواجه تنفيذّ خطة الكهرباء في لبنان

GMT 23:03 2019 الثلاثاء ,15 كانون الثاني / يناير

أطباء مغاربة يرفضون منح "شهادة العذرية" للمقبلات على الزواج

GMT 01:11 2019 الأحد ,13 كانون الثاني / يناير

لبلبة تُوضِّح أنّ عام 2019 بداية جميلة لعام مليء بالحُب

GMT 17:12 2019 الثلاثاء ,08 كانون الثاني / يناير

سلطنة عمان تفتح أبوابها للمواطنين المغاربة دون تأشيرة

GMT 08:18 2018 الإثنين ,01 تشرين الأول / أكتوبر

وفاة مؤلف كتب "حصن المسلم" عن عمر يناهز 67 عامًا

GMT 05:08 2017 الجمعة ,29 كانون الأول / ديسمبر

عصبة الهواة توقف البطولة الوطنية للقسمين الأول والثاني

GMT 23:45 2017 الإثنين ,25 كانون الأول / ديسمبر

عرض فيلم "عقدة الخواجة" لحسن الرداد الشهر المقبل
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
RUE MOHAMED SMIHA ETG 6 APPT 602 ANG DE TOURS CASABLANCA MOROCCO
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib