في تصديق الكلام وتكذيبه وذكاء المتكلّم وغبائه
تركيا تؤكد على وحدة سوريا وتحذر من مخاطر تقسيمها ترامب يهدد بمقاضاة BBC بعد كشف تلاعب تحريري في وثائقي حول أحداث الكابيتول تجمعات مؤيدة ومعارضة أمام البيت الأبيض خلال أول لقاء بين ترامب والرئيس السوري الانتقالي أحمد الشرع نتنياهو يدعو إلى تشكيل لجنة تحقيق رسمية بشأن أحداث السابع من أكتوبر 2023 في خطاب مثير للجدل أمام الكنيست الولايات المتحدة تنفذ ضربتين جوّيتين ضد قاربين لتهريب المخدرات في المحيط الهادئ وتقتل 6 أشخاص وسط جدل قانوني دولي إعتقالات واعتداءات إسرائيلية على الفلسطينيين في الخليل والقدس ورام الله مع تحطيم قبور بمقبرة باب الرحمة منظمة الصحة العالمية تحذر من أزمة إنسانية في غزة مع انتظار أكثر من 16 ألف مريض للعلاج في الخارج رحيل المطرب الشعبي إسماعيل الليثي بعد تدهور حالته الصحية عقب حادث سير وحزن مضاعف بعد عام من فقدان إبنه مقتل فلسطينيين أحدهما طفل في قصف إسرائيلي شرق خان يونس الاحتلال الإسرائيلي يسلم 15 جثمانًا جديدًا لشهداء من غزة عبر الصليب الأحمر
أخر الأخبار

في تصديق الكلام وتكذيبه وذكاء المتكلّم وغبائه...

المغرب اليوم -

في تصديق الكلام وتكذيبه وذكاء المتكلّم وغبائه

حازم صاغية
بقلم : حازم صاغية

 

يُستحسن بقادة «حزب الله» والناطقين بلسانه ومَن يتداولون كلامه ألاّ يكونوا مُصدّقين لهذا الكلام. ذاك أنّ الصحّة الذهنيّة والرجاحة العقليّة تستدعيان ذلك.

صحيح أنّ عدم تصديق القائل ما يقوله، وما يتظاهر بالحماسة له، لا يُعفيه من عيوب أخرى. فهو يبدو، والحال هذه، خبيثاً أو منافقاً يمارس تضليل الآخرين والإضرار بهم على نحو أو آخر. لكنْ يمكن للحزب، في هذه الحال، التعامل مع تلك العيوب بوصفها ضرورات سياسيّة أو تعبويّة لا بدّ منها، وهذا مألوف جدّاً في سٍيَر الأحزاب والقوى غير الديمقراطيّة.

أمّا التصديق، في المقابل، فما من أحد يستطيع الدفاع عنه أو تبريره. إنّه يستدعي فحسب نقل صاحبه إلى أقرب مستشفى.

فمن يقول، وفي الآن ذاته يصدّق، أقوالاً من نوع أنّ «حزب الله» حمى لبنان ودافع عنه، أو أنّه نقله إلى حالة من القوّة والكرامة بعد عهد مديد من الضعف والمهانة، أو أنّ تحالف اللبنانيّين مع إيران شرط لتذليل مصاعبهم ودخولهم المعنى والتاريخ، يكون يردّد الكلام الذي تستحيل برهنته بالعقل مثلما تستحيل بالتجربة والحواسّ. والحقّ أنّ التجربة والعقل لا يبرهنان إلاّ عكس هذا الكلام.

بيد أنّ المعروفَ كونُ الخرافات تُستدعى وتُصدّق في مواجهة أحداث تبدو غير معقولة أو غير قابلة للتعقّل. وفي حالتنا المحدّدة يغدو مفهوماً أن يلجأ إلى المعجزات والخوارق مَن يواجه انتصار إسرائيل عليه بعدّة فكريّة سبق أن لقّنتْه، مرّة بعد مرّة، أنّ عدوّه ذاك «أوهن من بيت العنكبوت».

لكنّنا، هنا، نجدنا أمام بُعد آخر يُملي التصديق، هو الدور الإيرانيّ. فمصلحة إيران، وهي من يقول الأشياء نفسها التي يقولها الحزب، تتطلّب تصديق الأخير لما يقال. ذاك أنّ تصديقاً كهذا يعزّز ما تحتاج طهران إلى تصديره للعالم كامتلاكها «أوراقاً قويّة»، فضلاً عن رعايتها قضيّةً تستحقّ الدفاع عنها كما تحظى بالشعبيّة في أوساط اللبنانيّين.

ولنا أن نتوقّع مزيداً من تصديق ما لا يُصدّق ما دامت إيران، وفق بعض رسميّيها، «تستعدّ لحرب بكامل طاقتها». ولنا، في المقابل، أن نتوقّع الأمر نفسه إذا ما استكملت «حركة حماس» موافقتها على خطّة ترمب.

لكنْ لا بدّ دوماً من التمييز بين قائل وقائل، أو بين ناقل لخرافة وناقل آخر للخرافة نفسها.

فمثلاً حين يقول علي لاريجاني، عضو «مجلس تشخيص مصلحة النظام» الإيرانيّ، كلاماً كهذا، وهو غالباً ما يفعل، يكون شديد الذكاء، وهو ما لا يصحّ في نعيم قاسم أو محمّد رعد حين يقولانه. أمّا مصدر ذكاء لاريجاني فكونه ينتفع بتصديق قاسم ورعد وتابعيهما ما لا يصدّقه هو.

وهذا إنّما يشبه كذب السلطات الجائرة على شعوبها التي تروح تردّد ما ينبغي لها أن تردّده ممّا تعرف السلطات المذكورة أنّه كذب. وكلّما زادت درجة صنع السلطة لعقل الشعب تزايدت نسبة تصديق الشعب لأقوال السلطة. فالكوريّون الشماليّون مثلاً أشدّ استعداداً، وبلا أيّ قياس، لتصديق فرادة كيم جونغ أون واستثنائيّته من استعداد البريطانيّين أو السويديّين لتصديق النعوت نفسها إذا ما أُطلقت على قادتهم.

فالكائن المصنوع الذي يصدّق ويمتثل هو «الرجل الصغير» بحسب المحلّل النفسيّ الألمانيّ وليم رايخ. والأخير كان قد أصدر، مع انتهاء الحرب العالميّة الثانية، كتاباً هو مقالة مسهبة سمّاها «اسمع أيّها الرجل الصغير» يخاطب فيها «الشخص العاديّ» ويحرّضه على مواجهة القوى المجتمعيّة والبسيكولوجيّة التي تبقيه في حالة إخضاع وتطابق مع محيطه المباشر. فـ»الرجل الصغير» في بحثه عن الأمان والتطابق إنّما يتخلّى عن استقلاليّته وفرديّته ويتبرّع بها لوجوه ولمؤسّسات سلطويّة قد تكون سياسيّة أو دينيّة أو مسلّماتٍ قِيَميّة تستحوذ على عقله وعواطفه. فمثل هذه الأطراف، التي غالباً ما تخاطب الغرائز الأدنى، تجعل «الرجل الصغير» مساهماً نشطاً في اضطهاد نفسه وتدمير عقله ومصالحه.

مع هذا فرايخ لم يكن متشائماً بـ «الرجل الصغير» الذي يندفع إلى تصديق ما لا يُصدّق. فهو رأى أنّ في وسع الأفراد أن ينعتقوا ويتحرّروا من قيودهم ويستعيدوا ذاتيّاتهم ليعيشوا أحراراً على النحو الذي يليق بهم. وهذا ينطوي بالضرورة على تطوير الشجاعة التي تحمل صاحبها على التفكير بنقديّة وباستقلاليّة عن الحشد الذي يحيط به.

ورايخ، لهذا، يدعو إلى ثورة في العقل تفضي إلى صحوة توقظ الفرد على إمكاناته واستعداداته المعطّلة، والتي شارك هو نفسه في تعطيلها. فالحرّيّة لا تقتصر على غياب الاضطهاد الخارجيّ، إذ هي أيضاً القدرة على التفكير والتصرّف بصورة مستقلّة، وكثيرون هم الذين حظوا بالحرّيّة السياسيّة ليقعوا بسرعة في أشكال من العبوديّة الذهنيّة والعاطفيّة.

وبالعودة إلى «حزب الله» واستعداده تصديق ما لا يُصدّق، تبقى الكارثة الأكبر غياب القياس على العقل والتجارب، وتالياً غياب المحاسبة على وعود قُطعت، وهذا فضلاً عن عدم الرغبة في استعادة التفكير الحرّ. ذاك أنّ الولاء العصبيّ، أي الولاء لـ»الأهل» الذين يصادرون العقل، هو الأوّل والأخير.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

في تصديق الكلام وتكذيبه وذكاء المتكلّم وغبائه في تصديق الكلام وتكذيبه وذكاء المتكلّم وغبائه



GMT 19:27 2025 الإثنين ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

الفرح ليس حدثاً

GMT 19:13 2025 الإثنين ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

من نيويورك إلى غزّة

GMT 19:10 2025 الإثنين ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

تلك الصورة في البيت الأبيض

GMT 19:07 2025 الإثنين ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

زغلول النجّار.. ودراما الإعجاز العلمي

GMT 19:04 2025 الإثنين ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

لبنان: المفاوضات وأزمة السيادة المنقوصة

GMT 19:02 2025 الإثنين ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

طيور المحبة بين الرياض والقاهرة

GMT 18:58 2025 الإثنين ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

الخوف على السينما فى مؤتمر النقد!

GMT 18:55 2025 الإثنين ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

السيمفونية الأخيرة

أنغام تتألق بفستان أنيق وتلهم عاشقات الأناقة في سهرات الخريف

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 17:49 2025 الإثنين ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

المتحف المصري الكبير يجذب 19 ألف زائر يوميا
المغرب اليوم - المتحف المصري الكبير يجذب 19 ألف زائر يوميا

GMT 19:51 2025 الإثنين ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

لاريجاني يؤكد رفض إيران التفاوض على برنامجها الصاروخي
المغرب اليوم - لاريجاني يؤكد رفض إيران التفاوض على برنامجها الصاروخي

GMT 22:35 2025 الإثنين ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

تل أبيب تهدد بالتصعيد لفرض الهدنة في لبنان وغزة
المغرب اليوم - تل أبيب تهدد بالتصعيد لفرض الهدنة في لبنان وغزة

GMT 17:46 2025 الإثنين ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

مي كساب تكشف تفاصيل بدايتها وإبتعادها عن الفن لأربع سنوات
المغرب اليوم - مي كساب تكشف تفاصيل بدايتها وإبتعادها عن الفن لأربع سنوات

GMT 04:27 2012 الإثنين ,17 أيلول / سبتمبر

زيت نخالة الأرز قادر على خفض الكولسترول

GMT 06:18 2019 الأربعاء ,29 أيار / مايو

موجبات التوظيف المباشر في أسلاك الشرطة

GMT 20:34 2018 الأربعاء ,05 كانون الأول / ديسمبر

موعد انطلاق بطولة مجلس التعاون الخليجي للغولف في مسقط

GMT 03:33 2018 الأربعاء ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

"الموناليزا"النيجيرية تعود إلى موطنها إثر العثور عليها

GMT 18:27 2017 السبت ,16 كانون الأول / ديسمبر

سويسرا تطرد فرنسياً تونسياً بشبهة الإرهاب

GMT 10:45 2017 الجمعة ,13 تشرين الأول / أكتوبر

تعرفي على ديكور الحفلات في الهواء الطلق في الخريف

GMT 03:59 2017 الثلاثاء ,11 تموز / يوليو

ريهانا عارية الصدر في ثوب حريري فضفاض

GMT 07:41 2016 الإثنين ,05 أيلول / سبتمبر

تفاصيل جريمة قتل بشعة في أحد أحياء الدار البيضاء

GMT 16:12 2025 الخميس ,24 إبريل / نيسان

وزير الخارجية الأردني يلتقي نظيره الهنغاري

GMT 01:06 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

بيتكوين تقترب من 100 ألف دولار مدفوعة بفوز ترامب

GMT 05:10 2022 الجمعة ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

كريم بنزيما أفضل لاعب في العام جلوب سوكر 2022
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
RUE MOHAMED SMIHA ETG 6 APPT 602 ANG DE TOURS CASABLANCA MOROCCO
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib