عن الحرب الثقافيّة في لبنان
تطورات الحالة الصحية للفنانة أنغام بعد استمرار إقامتها في المستشفى بألمانيا خلال الفترة الماضية الكوليرا تجتاح جميع ولايات السودان وتسجيل أكثر من 96 ألف إصابة وسط أسوأ أزمة إنسانية تشهدها البلاد ارتفاع وفيات المجاعة في غزة إلى 193 بينهم 96 طفلا وسط تحذيرات منظمات دولية من تفاقم الكارثة الإنسانية غانا تعلن مقتل وزيري الدفاع والبيئة في تحطم مروحية ومكتب الرئاسة يؤكد سقوط ضحايا من الطاقم والركاب المغربي رضا سليم يعود للجيش الملكي على سبيل الإعارة قادماً من الأهلي المصري على سبيل الإعارة ستارمر يندد بمعاناة غزة ويهدد باعتراف بدولة فلسطينية وسط إستمرار الدعم الاستخباراتي لإسرائيل كتائب القسام تعلن تفجير جرافة عسكرية للاحتلال شرقي غزة إصابة عدد من الأشخاص في قصف إسرائيلي استهدف جنوب لبنان عائلات الأسرى الإسرائيليين المحتجزين تتوعد بالعصيان المدني احتجاجا على خطة إحتلال غزة فرنسا تعلق إعفاء حاملي جوازات السفر الرسمية والدبلوماسية الجزائرية من التأشيرة
أخر الأخبار

... عن الحرب الثقافيّة في لبنان

المغرب اليوم -

 عن الحرب الثقافيّة في لبنان

حازم صاغية
بقلم - حازم صاغية

 

تنشب اليوم في لبنان حرب ثقافيّة لم يشهد البلد منذ أواسط السبعينات مثلها ومثل حدّتها. أعداد من الشبّان والشابّات تأثّروا بتيّارات الحرّيّة في العالم، أو عاشوا في الغرب، أو أحسّوا بأنّ أحداً لا يملك الحقّ في أن يملي عليهم كيف يفكّرون وكيف يحبّون وماذا يشاهدون...، هؤلاء شرعوا يرفعون أصواتهم اعتراضاً. في 2019 جرى خنق تلك الأصوات إلاّ أنّ المآسي التي تلاحقت بعثتها من جديد.       

المسائل التي تتحوّل راهناً إلى محاور اشتباك تمتدّ من الأفلام السينمائيّة إلى السلوك الجنسيّ، ومن جورج سوروس إلى ثقافة الترفيه... وإذا كانت المدافع لا تسكت في التلفزيون، بدواعي الخلافات السياسيّة، فإنّ الخلافات الثقافيّة باتت تزوّد تلك المدافع بمزيد من القذائف.

مع هذا لا بدّ من توضيح: فالحرب الثقافيّة هذه لا يخوضها أطراف طائفيّون أو حزبيّون ثابتون ودائمون في مواقعهم. ذاك أنّ الكلام المتزمّت الذي نسمعه من هذا المرجع الطائفيّ أو السياسيّ قد نسمعه هو نفسه من مرجع طائفيّ أو سياسيّ آخر، والمرجعان قد يكونان على خصومة أو تباين في أمور أساسيّة عدّة.

وبالمعنى هذا فإنّ الحرب الثقافيّة لا تطابق الحرب الطائفيّة – السياسيّة، بل ربّما جاز القول إنّها لحظة هدنة من هُدَنها، أو لحظة انقطاع فيها، سيّما وأنّ الأطراف الأشدّ تزمّتاً في الطوائف كلّها تسند ظهرها دوماً إلى ما تظنّه مشتركات بين الأديان والقيم. وهذا بالضبط ما فعله مؤخّراً وزير الثقافة اللبنانيّ الذي اختار، في الحملة الراهنة على الثقافة، أن يجمع في شخصه الأنبياء وينطق بألسنتهم جميعاً.

بيد أنّ الاستدراك لا يلغي المسؤوليّة الخاصّة والمميّزة ومتعدّدة الأسباب لـ «حزب الله». فالأخير رسم الملعب الذي يستقبل هذه اللعبة. وفضلاً عن كون ذاك الحزب حالةً من التطابق الكامل بين رجل الطائفة ورجل السياسة، فإنّه الطرف الذي يضع أجندة الحياة اللبنانيّة العامّة، جاعلاً الآخرين أقرب إلى ردّ فعل على فعله. وهو استكمل رسم عالمه الثقافيّ، فضلاً عن عوالمه السياسيّة والحربيّة. فالحزب نموذج لمجتمع مُوازٍ، منتفخ بخصوصيّاته الطقسيّة والمذهبيّة، ما يضعه في حرب ثقافيّة كامنة ودائمة. يكفي نصف ساعة من مشاهدة قناته التلفزيونيّة، «المنار»، كي نتحقّق من أنّه يطرد كلّ مختلف في الثقافة وينبذه. حتّى اليساريّون و»مناهضو الإمبرياليّة» الذين يريدون محاباته في المقاومة نراه يرفسهم في القيم. وهو، كمثل كلّ بنية عقائديّة متماسكة ومغلقة، لديه إجاباته القاطعة، التي غالباً ما يعلنها أمينه العامّ، في سائر شؤون الحياة الزمنيّة، فضلاً عن الدينيّة.

وأغلب الظنّ أنّ المزاج الرسميّ الإيرانيّ بات أشدّ تزكية لذاك التجهّم الاستثنائيّ بعد مقتل مهسا أميني، وبعد تحوّل المرأة والحجاب والعنف الجنسيّ على النساء مواضيع أساسيّة في إيران، وهذا فضلاً عن تعاظم القمع الذي تطال شفرته المثقّفين والسينمائيّين. و»من علّمني حرفاً صرت له عبداً».

والحزب، إلى ذلك، ينعش أجواء التوتّر الثقافيّ بما يشيعه. وهو يشيع مناخين يشكّلان خلفيّة بعيدة أو قريبة لما يجري: واحداً زجريّاً عنوانه مكافحة التطبيع، والاجتهادُ في هذا الأمر لا يعرف حدوداً ولا ضوابط، والثاني عنوانه مناهضة الغرب وقيمه والربط الوثيق بين ثقافته وسياساته التي يرفضها الحزب ومشايعوه. وهذان مناخان مشبعان بسمٍّ كثير.

ولسبب آخر تتفوّق مسؤوليّة الحزب على مسؤوليّة الرجعيّين الآخرين: ذاك أنّ أجواء التوتّر والخوف والتعبئة التي يحرّكها وجود السلاح لا توفّر للأفكار المتنوّرة والمجدِّدة أزمنتها نموذجيّة. إنّها تدفع كل واحدة من الطوائف والجماعات إلى استفراغ أسوأ ما فيها وأكثره تخلّفاً، فما يتعاظم، في ظلّ مخاوف الطوائف، وزن رجال الطوائف في تحديد الصواب والخطأ، والجائز وغير الجائز.

لكنّ الحرب على الثقافة وعلى الحرّيّات في بلد كلبنان قد تكون أفدح كلفةً منها في أيّ بلد آخر. فلبنان من دون الجامعة ودار النشر والصحافة والسينما والمسرح والتلفزيون...، بلد مهيض الجناح، لا في اقتصاده فحسب، بل أيضاً في معناه نفسه.

ومناهضة الثقافة، والحال هذه، ليست أقلّ من كارثة تضاف إلى الكوارث التي عانيناها ونعانيها في الاقتصاد والسياسة والقضاء والتعليم وما كان متوفراً من عيش مشترك. لهذا سيكون مستغرباً أن تُستثنى الثقافة من هجمة همجيّة تقوّض كلّ شيء آخر يقع في طريقها.

وإنّما بفعل إدراكها هذه الحقيقة، وحساسيّتها حيالها، نبذت العهود السياسيّة لما قبل 1975 فكرة الإيديولوجيا الرسميّة المفروضة من أعلى. وقبل أن نُصاب بتمجيد المقاومة وبـ «عروبة لبنان» البعثيّة وبسواهما، لم توجد أيقونات مُحرّمة، ولا سُمح للنظام السياسيّ بأن يعكس نفسه ثقافيّاً. والحال أنّ من كانوا يُسمّون رموز «الثقافة الانعزاليّة» أُخضعوا، في العهود «الانعزاليّة»، لنقدٍ كاد معظمه أن يكون هجاء أو تشهيراً. يصحّ هذا في ميشال شيحا وكمال الحاج وشارل مالك والأخوين رحباني وسواهم.

أمّا اليوم فالمحرّم يوالي هجومه، والحرّيّات تمضي في صمودها النبيل.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

 عن الحرب الثقافيّة في لبنان  عن الحرب الثقافيّة في لبنان



GMT 08:38 2025 الأحد ,09 شباط / فبراير

اختلاف الدرجة لا النوع

GMT 20:02 2025 الأحد ,19 كانون الثاني / يناير

عالم جديد حقًا!

GMT 06:19 2025 الأحد ,12 كانون الثاني / يناير

جانب فخامة الرئيس

GMT 19:43 2025 السبت ,11 كانون الثاني / يناير

أصول النظام السياسى

GMT 19:56 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

عيد سعيد!

إستوحي إطلالتك الرسمية من أناقة النجمات بأجمل ألوان البدلات الكلاسيكية الراقية

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 04:45 2017 السبت ,23 كانون الأول / ديسمبر

آية الشامي اللاعبة الأفضل في البطولة العربية الطائرة

GMT 03:13 2023 الجمعة ,14 إبريل / نيسان

عقبات تواجه تنفيذّ خطة الكهرباء في لبنان

GMT 23:03 2019 الثلاثاء ,15 كانون الثاني / يناير

أطباء مغاربة يرفضون منح "شهادة العذرية" للمقبلات على الزواج

GMT 01:11 2019 الأحد ,13 كانون الثاني / يناير

لبلبة تُوضِّح أنّ عام 2019 بداية جميلة لعام مليء بالحُب

GMT 17:12 2019 الثلاثاء ,08 كانون الثاني / يناير

سلطنة عمان تفتح أبوابها للمواطنين المغاربة دون تأشيرة

GMT 08:18 2018 الإثنين ,01 تشرين الأول / أكتوبر

وفاة مؤلف كتب "حصن المسلم" عن عمر يناهز 67 عامًا

GMT 05:08 2017 الجمعة ,29 كانون الأول / ديسمبر

عصبة الهواة توقف البطولة الوطنية للقسمين الأول والثاني

GMT 23:45 2017 الإثنين ,25 كانون الأول / ديسمبر

عرض فيلم "عقدة الخواجة" لحسن الرداد الشهر المقبل
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
RUE MOHAMED SMIHA ETG 6 APPT 602 ANG DE TOURS CASABLANCA MOROCCO
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib