وحدات وانفصالات ومراجعات في المشرق
أميركا تسمح لسوريا باستئناف عمل سفارتها في واشنطن هانيبال القذافي يغادر سجن بيروت بعد عشر سنوات من التوقيف في قضية اختفاء الإمام موسى الصدر تركيا تؤكد على وحدة سوريا وتحذر من مخاطر تقسيمها ترامب يهدد بمقاضاة BBC بعد كشف تلاعب تحريري في وثائقي حول أحداث الكابيتول تجمعات مؤيدة ومعارضة أمام البيت الأبيض خلال أول لقاء بين ترامب والرئيس السوري الانتقالي أحمد الشرع نتنياهو يدعو إلى تشكيل لجنة تحقيق رسمية بشأن أحداث السابع من أكتوبر 2023 في خطاب مثير للجدل أمام الكنيست الولايات المتحدة تنفذ ضربتين جوّيتين ضد قاربين لتهريب المخدرات في المحيط الهادئ وتقتل 6 أشخاص وسط جدل قانوني دولي إعتقالات واعتداءات إسرائيلية على الفلسطينيين في الخليل والقدس ورام الله مع تحطيم قبور بمقبرة باب الرحمة منظمة الصحة العالمية تحذر من أزمة إنسانية في غزة مع انتظار أكثر من 16 ألف مريض للعلاج في الخارج رحيل المطرب الشعبي إسماعيل الليثي بعد تدهور حالته الصحية عقب حادث سير وحزن مضاعف بعد عام من فقدان إبنه
أخر الأخبار

وحدات وانفصالات ومراجعات في المشرق!

المغرب اليوم -

وحدات وانفصالات ومراجعات في المشرق

حازم صاغية
بقلم - حازم صاغية

أن نتحدّث اليوم عن الأوطان والدول، والحدود والسيادات، في منطقة المشرق، فهذا يبدو أقرب إلى مناسبات دفن الموتى. وهناك عشرات البراهين التي يمكن تقديمها برهاناً على تلك الخاتمة غير السعيدة، التي يجعلها أقلّ إسعاداً أنّنا في أمسّ الحاجة راهناً إلى أوطان ودول وحدود وسيادات.

تقيم في هذا الواقع عاطفتان متناقضتان: من جهة، ميول سلطويّة حادّة ومتطرّفة تريد عبر الإخضاع والغلبة أن تحكم سواها المغاير لها. ومن جهة أخرى، ميول انفصاليّة تامّة وحاسمة، تستعير اللغة القوميّة العربيّة القديمة في رفض «كيانات سايكس بيكو المصطنعة» لتصل إلى نتائج مختلفة جذريّاً مفادها المطالبة بكيانات أصغر. وقد رأينا، منذ تدخّل «حزب الله» في سوريّا أنّ الحدود الوطنيّة لا تحدّ شيئاً. فالحكمة الرائجة اليوم أنّ الجماعات الدينيّة والمذهبيّة والعشائريّة تعبر الحدود الوطنيّة كي تتضامن مع أبناء دينها ومذهبها وعشيرتها على الطرف الآخر من الحدود الورقيّة.

والعاطفتان قويّتان تقليديّاً بما يكفي ويفيض، لا يؤثّر في ذلك، إلاّ في الحدّ الادنى، الخطاب الآيديولوجيّ للأطراف المعنيّة، بسلطويّيها وانفصاليّيها، ووعودها التحريريّة والتوحيديّة وغير ذلك.

فقوّة الدولة، بوصفها سلطة أمنيّة أساساً، هي ممّا تستعرضه تجارب المشرق بسخاء لا ينافسه إلاّ سخاء الاعتراض عليها من مواقع الجماعات الأهليّة المُستَبعَدة. ففي العراق مثلاً ربّما كان مؤسّس الوجهة هذه الضابط بكر صدقي، الذي أنزل بالأشوريّين مذبحة سميل في 1933، لينفّذ هو نفسه، بعد ثلاث سنوات، الانقلاب العسكريّ الأوّل في العالم العربيّ.

وفي ذروة العصر الآيديولوجيّ، قدّم العراق تجربة أخرى بليغة الدلالة. فمع محاولة انقلاب عبد الوهاب الشوّاف في 1959، وصدام القوميّين العرب والشيوعيّين، قاد أحمد عجيل الياور، زعيم قبيلة شُمّر، مقاتلين أرادوا «الدفاع عن القوميّة العربيّة» مصحوبين بأقاربهم الشمّريّين السوريّين ممّن هبّوا لإنجاد أبناء عمومتهم في الموصل. وكان استطراد ذلك بعد بضعة أشهر ارتكاب الشيوعيّين الكرد مجزرة في كركوك بحقّ الأقلّيّة التركمانيّة.

أمّا في سوريّا، فيُعدّ أديب الشيشكلي الذي نفّذ الانقلابين الثالث والرابع في تاريخ بلده الحديث، المهندس المبكر للحكم «القويّ». لكنّه هو نفسه مَن قصف مدينة السويداء وجوارها، ونكّل بسكّانها الدروز، كما حوّل قمع المعارضين، الذي مارسه حسني الزعيم وسامي الحنّاوي باعتباط وتعثّر، منهجاً متماسكاً ومؤدلجاً.

وبسبب اختلاف الظروف اللبنانيّة كانت تصدر ممارسة «القوّة» المهدِّدة للحياة المدنيّة ولشعور الجماعات بالمساواة، عن «دول» الظلّ أكثر كثيراً ممّا تأتي من الدولة الفعليّة. هكذا، وبذريعة «تحرير فلسطين» أو «مقاتلة إسرائيل»، تعاقب على أداء هذه الوظيفة المقاومة الفلسطينيّة و«حزب الله» اللبنانيّ، وهما بالتعريف طرفان أهليّان.

وغالباً ما كان شعار «الوحدة» تحويراً لشبق القوّة هذا. فسوريّا، أكثر بلدان المشرق افتتاناً بالوحدة، رأت فيها مدخلاً لتكبير نفسها عبر ضمّ بلدان المشرق الأصغر. لكنّ ظروف ما بعد «العدوان الثلاثيّ» في 1956 حملتها على الوحدة مع مصر، لا مع لبنان والأردن، ومع جمال عبد الناصر، لا مع زعماء الطوائف والقرى. هكذا، وبشيء من «مكر التاريخ» على طريقتنا، وجدت سوريّا أنّها صغّرت نفسها بالوحدة ولم تكبّرها، فكان انفصال 1961.

ولاحقاً اتّعظ البعثيّون بالتجربة فاستولوا على سلطة صبغوها بالتوحّش فيما كانوا ينسبون إليها أكثر المهمّات والوعود الآيديولوجيّة تضخّماً وتقديساً. وكان من النتائج الملازمة إمعان المجتمع في التفسّخ الطائفيّ والأهليّ.

فالآيديولوجيا المعلنة، كائناً ما كان الرأي فيها، عاشت دائماً كاليتيم على مأدبة اللئيمين – طلب السلطة وتوحيشها، ونشر الكراهية والميل الانفصاليّ في المجتمع. وقد سبق لستالين أن قدّم لنا درساً بالغ الغنى على هذا الصعيد: فعلى عكس الموقف النظريّ الماركسيّ واللينينيّ حول ذواء الدولة واضمحلالها، اندفع المؤتمر الثامن عشر للحزب الشيوعيّ السوفياتيّ، عام 1939، إلى المطالبة بتعزيز الدولة إبّان الانتقال إلى الاشتراكيّة. هكذا بات التخلّص منها يتمّ من طريق توطيدها! وأهمّ من ذلك أنّ التحوّل هذا جاء مباشرةً بعد «التطهير الكبير» أو «الإرهاب العظيم».

أمّا الدول التي تستثمر في المآسي، كإسرائيل أو إيران أو تركيّا، فأدوارها تندرج في النتائج، لا في الأسباب الغنيّة التي تحتكرها نزعتا السلطويّة والانفصاليّة القُصويان.

ومنذ اليونان القديمة، علّمنا «المعلّم» أرسطو أنّ ثمّة «وسطاً ذهبيّاً» هو «الفضيلة» الواقعة بين «رذيلتين». فالكرم هو الوسط بين البخل والتبذير، والشجاعة هي الوسط بين الجبن والتهوّر، وهكذا... فهل تكون الفيدراليّة لبلدان المشرق هي ذاك الوسط الذهبيّ بين النزعتين المدمّرتين، أي القوّة المسمّاة وحدة، والانفصال أو التقسيم وحروبه العابرة للحدود؟ ربّما جاز ذلك. لكنّ المؤكّد، على أيّ حال، أنّ الذين يحذّرون من المسّ بالخرائط بحجّة أنّ الاقتتال سوف يندلع لاحقاً داخل المكوّن الواحد، يضعون ما «قد» يحدث في مواجهة ما يحدث ممّا لا يُطاق. وهذا ما لا يرتكبه إلاّ من ينسبون إلى أنفسهم معرفة بـ«حركة التاريخ» يصحبها جهل بما سوف يحصل بعد عشر دقائق.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

وحدات وانفصالات ومراجعات في المشرق وحدات وانفصالات ومراجعات في المشرق



GMT 19:27 2025 الإثنين ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

الفرح ليس حدثاً

GMT 19:13 2025 الإثنين ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

من نيويورك إلى غزّة

GMT 19:10 2025 الإثنين ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

تلك الصورة في البيت الأبيض

GMT 19:07 2025 الإثنين ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

زغلول النجّار.. ودراما الإعجاز العلمي

GMT 19:04 2025 الإثنين ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

لبنان: المفاوضات وأزمة السيادة المنقوصة

GMT 19:02 2025 الإثنين ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

طيور المحبة بين الرياض والقاهرة

GMT 18:58 2025 الإثنين ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

الخوف على السينما فى مؤتمر النقد!

GMT 18:55 2025 الإثنين ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

السيمفونية الأخيرة

أنغام تتألق بفستان أنيق وتلهم عاشقات الأناقة في سهرات الخريف

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 17:49 2025 الإثنين ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

المتحف المصري الكبير يجذب 19 ألف زائر يوميا
المغرب اليوم - المتحف المصري الكبير يجذب 19 ألف زائر يوميا

GMT 19:51 2025 الإثنين ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

لاريجاني يؤكد رفض إيران التفاوض على برنامجها الصاروخي
المغرب اليوم - لاريجاني يؤكد رفض إيران التفاوض على برنامجها الصاروخي

GMT 01:52 2025 الثلاثاء ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

قائد الجيش الباكستاني يحصل على صلاحيات واسعة وسط معارضة
المغرب اليوم - قائد الجيش الباكستاني يحصل على صلاحيات واسعة وسط معارضة

GMT 01:06 2025 الثلاثاء ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

بسمة وهبة تدعم زوجة كريم محمود عبد العزيز وتشير لنهايتهم
المغرب اليوم - بسمة وهبة تدعم زوجة كريم محمود عبد العزيز وتشير لنهايتهم

GMT 04:27 2012 الإثنين ,17 أيلول / سبتمبر

زيت نخالة الأرز قادر على خفض الكولسترول

GMT 06:18 2019 الأربعاء ,29 أيار / مايو

موجبات التوظيف المباشر في أسلاك الشرطة

GMT 20:34 2018 الأربعاء ,05 كانون الأول / ديسمبر

موعد انطلاق بطولة مجلس التعاون الخليجي للغولف في مسقط

GMT 03:33 2018 الأربعاء ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

"الموناليزا"النيجيرية تعود إلى موطنها إثر العثور عليها

GMT 18:27 2017 السبت ,16 كانون الأول / ديسمبر

سويسرا تطرد فرنسياً تونسياً بشبهة الإرهاب

GMT 10:45 2017 الجمعة ,13 تشرين الأول / أكتوبر

تعرفي على ديكور الحفلات في الهواء الطلق في الخريف

GMT 03:59 2017 الثلاثاء ,11 تموز / يوليو

ريهانا عارية الصدر في ثوب حريري فضفاض

GMT 07:41 2016 الإثنين ,05 أيلول / سبتمبر

تفاصيل جريمة قتل بشعة في أحد أحياء الدار البيضاء

GMT 16:12 2025 الخميس ,24 إبريل / نيسان

وزير الخارجية الأردني يلتقي نظيره الهنغاري

GMT 01:06 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

بيتكوين تقترب من 100 ألف دولار مدفوعة بفوز ترامب

GMT 05:10 2022 الجمعة ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

كريم بنزيما أفضل لاعب في العام جلوب سوكر 2022
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
RUE MOHAMED SMIHA ETG 6 APPT 602 ANG DE TOURS CASABLANCA MOROCCO
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib