حين تكون الهزائم ولا تكون
جيش الاحتلال الإسرائيلي يرصد إطلاق موجة صواريخ جديدة من إيران تجاه الأراضي المحتلة دونالد ترامب يهاجم مديرة الاستخبارات الوطنية بسبب تقييماتها بشأن النووي الإيراني مستشفيات الاحتلال الإسرائيلي تعلن إرتفاع حصيلة الضربة الإيرانية على حيفا إلى 33 مصاباً غارة جوية استهدفت منطقة محيط ميناء الناقورة في جنوب لبنان في تصعيد جديد ضمن التوتر المتصاعد بين إسرائيل ولبنان الدفاعات الجوية الإيرانية تسقط طائرات مسيّرة إسرائيلية فوق مدينة مشهد شمال شرقي البلاد فيسبوك يطلق دعم مفاتيح المرور لمكافحة هجمات التصيد الاحتيالى عودة تدريجية لخدمات الاتصالات الثابتة والإنترنت جنوب قطاع غزة صعوبات فى الوصول إلى خدمات الإنترنت بإيران لدرء الهجمات الإلكترونية الإسرائيلية انفجار مركبة الفضاء "ستارشيب" خلال الاستعدادات للرحلة التجريبية العاشرة وسائل إعلام إسرائيلية تقول إن الجيش الإسرائيلي رصد إطلاق صواريخ جديدة من إيران، و يُطلب من "الإسرائيليين تقليل حركتهم ودخول المناطق المحمية فور تلقي الإنذار في الدقائق المقبلة .
أخر الأخبار

حين تكون الهزائم ولا تكون!

المغرب اليوم -

حين تكون الهزائم ولا تكون

حازم صاغية
بقلم - حازم صاغية

ليس صحيحاً ما يقوله مولعون بالتعميم حين يقرّرون أنّ «العرب لا يعترفون بالهزائم حين ينهزمون». ففي 1948، وخصوصاً في 1967، اختلفت الآراء حول كلّ ما يتّصل بالهزيمة: حجمُها كان موضع خلاف، وكذلك طبيعتها واقتراحات الخروج منها. البعض مثلاً اعتبروا أنّ السبب كامن في «إلحادنا» بينما ذهب غيرهم إلى أنّه كامن في «إيماننا». وهناك من رأى العطب في الاشتراكيّة الناصريّة والبعثيّة، ومَن رآه في أنّ تلك الاشتراكيّة لم تكن اشتراكيّة، بل «رأسماليّة دولة بيروقراطيّة». وإذ اختار نقّادٌ هجاء «ثقافتنا»، اختار غيرهم «أنظمتنا الديكتاتوريّة» أو «جيوشنا»... مع هذا، كان القاسم المشترك بين الجميع تقريباً إقرارهم بالهزيمة. حتّى الأنظمة العسكريّة التي تحايلت على معناها وأمعنت في إساءة تأويلها أقرّت بوقوعها.

اليوم ليس هناك أيّ إقرار كهذا. حتّى الذين يستخدمون تعابير من نوع «نكبة» و»مأساة» وصفاً لما يجري، نجدهم، بعد عبارة أو عبارتين، يتحدّثون عن نصر مبين يشير إليه صاروخ هبط على تلّ أبيب أو التحام مباشر أسقط قتلى إسرائيليّين.

وهذا ما قد يفيد في إبطاء تقدّم الغزاة، أو في رفع كلفة هذا التقدّم، لكنّه حصراً لا يغيّر وجهة عامّة تزدحم براهينها المؤلمة.

والموقف المذكور، في عدم اكتفائه بنفي الهزيمة وذهابه إلى الجزم بالنصر، يحضّ على سؤال يتجنّبه تواطؤ ثقافيّ شامل وبالغ الإضرار: متى يقول طرف ما إنّه انهزم؟ أو وفق صياغة أخرى: هل للهزيمة معيار تقاس عليه؟ عدد القتلى؟ حجم الدمار؟ تهديم المدن والقرى؟ احتلال الأرض؟ مدى التهجير والنزوح؟ المقوّمات الاقتصاديّة للصمود؟ قوّة الحلفاء الخارجيّين وضعفهم؟ مدى التماسك المجتمعيّ الذي يرتكز إليه المقاتلون؟ حياة القادة العسكريّين والسياسيّين وموتهم؟ الآلة التقنيّة الملازمة للحرب؟ خطوط الإمداد ومخازن الأسلحة ومصانع إنتاجها؟...

والحال أنّ اعتماد أيّ من هذه المعايير، أو اعتماد بعضها أو كلّها، يقولان فعلاً بأنّ قوى الحرب، في غزّة ولبنان، مُنيت بهزيمة ليس إعلانها «ترويجاً لهزيمة» و»إشاعة ليأس». فليس أسهل من توجيه التهم وإطلاق ألسنة التشهير لتعطيل النقاش وحجب الوقائع التي تروّج نفسها بنفسها. والراهن أنّ هدف المصارحة بالحقيقة ليس حبّ الحقيقة، ولا حتّى الرغبة في وقف الهزيمة عند الحدّ الذي بلغته. فقبل هذا وذاك، وهما بذاتهما هدفان فاضلان، هناك خطر احتلال الأرض، أكان في لبنان أو في غزّة، وتعقّد أشكال التخلّص من الاحتلال وتعاظم مصاعبه، وهناك طبعاً البشر الذين يدفعون أكلاف هذا الكتمان إطالةً لمعاناتهم موتاً وتجويعاً وتهجيراً وإفقاراً وذلاًّ. ويُفترض بمن هم حريصون على «أبناء شعبنا» أن يستوقفهم أمر كهذا، وأن يفعلوا ما يسعهم فعله لوقف معاناة استثنائيّة يُنزلها بهم جيش متوحّش لا يرحم وليس هناك من يردعه.

ما نُقصف به، في المقابل، لا ينمّ إلاّ عن انعدام حساسيّة مطلق حيال المدنيّين الذين يُحذفون كلّيّاً من حسابات الربح والخسارة، فيما يتّجه التركيز كلّه على النصر والصمود. وهذا ما لا يُستعان عليه بوقائع، بل بكليشيهات، بعضها دينيّ على شكل نصوص منزوعة من سياقها التاريخيّ، وبعضها من مخلّفات «التحرّر الوطنيّ» و»حرب الشعب طويلة الأمد».

هكذا يقال لنا مثلاً: «لستَ مهزوماً ما دمت تقاوم»، فيما التجربة الحيّة التي نعرفها تنفي مثل هذه الإطلاقيّة الخطابيّة والساذجة عن المفاهيم، بما فيها مفهوم المقاومة. ففي ظرف ما قد ينتهي الأمر بواحدنا مهزوماً بالضبط لأنّه يقاوم.

وهذا ما كانته، مثلاً لا حصراً، حال تشي غيفارا، إمبراطور المقاومين، في الكونغو وبوليفيا.

لقد جاء الانتقال من إعلان الهزائم إلى عدم إعلانها ليوازي الانتقال من ثقافة الدولة، على قصورها ونواقصها، إلى ثقافة الميليشيا. ذاك أنّ الدولة ليست مجرّد سلاح، بل هي أيضاً عدد من الوظائف والمؤسّسات والخدمات التي لا تضمحلّ في حال انهزام سلاحها. أمّا الميليشيا فتنهض تعريفاً على السلاح، فيما يكون سائر الأدوار التي قد تؤدّيها منوطاً بسلاحها ذاك وبالسيطرة التي يمكّنها منها.

وما يعنيه هذا أنّ إعلان الهزيمة، أي إعلان هزيمة السلاح، يعلن موت كلّ شيء آخر ومواجهة واقع مُرّ، هو سيولة الحياة الطبيعيّة، بلا سلاح. ولا بدّ أن يساور الميليشيات شعور عميق بالنقص مفاده أنّ «شرعية المقاومة» لا تعوّض وحدها فقدان كلّ شرعيّة في عالم طبيعيّ. وهكذا فإنّ ما يُقصد فعليّاً بعبارة كـ»ولّى زمن الهزائم» هو أنّ زمن الاعتراف بالهزائم ولّى، فلم يعد هناك ما يُعرف ويُوثّق أو يُجهر به ممّا يخالف قواعد العالم السرّيّ.

وفي ثقافة الميليشيا، وفي عالم تحرير الحرب من قوانينها ومن معرفتها سواء بسواء، يتضاءل الكون خلف الذات الميليشيويّة إلى مجد أو فناء. هكذا يمتلئ ذاك القاموس بـ»العار» و»الرجولة» و»الشرف» و»الكرامة» و»أنزلناهم إلى الملاجئ» و»فرضنا عليهم التعتيم»... وفيما البشر جثث مؤجّلة، يتبدّى إعلان الهزيمة إخلالاً لا يُحتمل بتلك المعايير. وهذا قبل أن يحلّ صمت قبورنا مُجلِّلاً قبور صمتنا.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

حين تكون الهزائم ولا تكون حين تكون الهزائم ولا تكون



GMT 15:53 2025 الجمعة ,20 حزيران / يونيو

ملامح غير شرق أوسطية

GMT 15:51 2025 الجمعة ,20 حزيران / يونيو

رسالة خامنئي من الاحتجاب

GMT 15:49 2025 الجمعة ,20 حزيران / يونيو

استهدافُ المرشد تفكيرٌ مجنون

GMT 15:48 2025 الجمعة ,20 حزيران / يونيو

الجهاز العصبي العربي

GMT 15:46 2025 الجمعة ,20 حزيران / يونيو

ترمب... وحالة الغموض

GMT 15:44 2025 الجمعة ,20 حزيران / يونيو

لبنان... مقتلة المقتلة

GMT 15:42 2025 الجمعة ,20 حزيران / يونيو

خُدعة صارت فُرجة

هيفاء وهبي تتألق بتنسيق اللون الزهري والأسود مع لمسة الذهبي

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 22:12 2019 الإثنين ,11 آذار/ مارس

"سانغ يونغ" تعّدل سيارات "Korando" الشهيرة

GMT 20:09 2018 الأربعاء ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

اكتشفِ أفضل الأماكن لقضاء "شهر العسل" في إندونيسيا

GMT 00:32 2018 الثلاثاء ,16 تشرين الأول / أكتوبر

بسيسو يُثمن الدور المصري في دعم القضية الفلسطينية

GMT 04:32 2018 الخميس ,27 أيلول / سبتمبر

"Stratos" أول مطعم دوار في أبو ظبي لعشاق الرفاهية

GMT 13:55 2018 الثلاثاء ,13 شباط / فبراير

"HP" تطرح رسميًا "لاب توب "Elitebook 800 بمواصفات حديثة

GMT 02:28 2017 الإثنين ,25 كانون الأول / ديسمبر

أسرع طريقة لتنظيف الشعر في فصل الصيف

GMT 10:50 2015 الجمعة ,22 أيار / مايو

إصدار نسخة أقوى من سيارة "Land Rover Defender"

GMT 02:59 2014 الخميس ,25 كانون الأول / ديسمبر

سينما الفن السابع تعرض فيلم "حمى" في الرباط

GMT 17:50 2015 الثلاثاء ,13 تشرين الأول / أكتوبر

أفضل مطاعم الأكل البيتي للعزومات

GMT 11:56 2016 الأربعاء ,06 كانون الثاني / يناير

الاحتفال بالذكري 72 لتقديم وثيقة الاستقلال في العيون
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib