«حماس» ليست غزّة وغزّة ليست «حماس»
تطورات الحالة الصحية للفنانة أنغام بعد استمرار إقامتها في المستشفى بألمانيا خلال الفترة الماضية الكوليرا تجتاح جميع ولايات السودان وتسجيل أكثر من 96 ألف إصابة وسط أسوأ أزمة إنسانية تشهدها البلاد ارتفاع وفيات المجاعة في غزة إلى 193 بينهم 96 طفلا وسط تحذيرات منظمات دولية من تفاقم الكارثة الإنسانية غانا تعلن مقتل وزيري الدفاع والبيئة في تحطم مروحية ومكتب الرئاسة يؤكد سقوط ضحايا من الطاقم والركاب المغربي رضا سليم يعود للجيش الملكي على سبيل الإعارة قادماً من الأهلي المصري على سبيل الإعارة ستارمر يندد بمعاناة غزة ويهدد باعتراف بدولة فلسطينية وسط إستمرار الدعم الاستخباراتي لإسرائيل كتائب القسام تعلن تفجير جرافة عسكرية للاحتلال شرقي غزة إصابة عدد من الأشخاص في قصف إسرائيلي استهدف جنوب لبنان عائلات الأسرى الإسرائيليين المحتجزين تتوعد بالعصيان المدني احتجاجا على خطة إحتلال غزة فرنسا تعلق إعفاء حاملي جوازات السفر الرسمية والدبلوماسية الجزائرية من التأشيرة
أخر الأخبار

«حماس» ليست غزّة وغزّة ليست «حماس»

المغرب اليوم -

«حماس» ليست غزّة وغزّة ليست «حماس»

حازم صاغية
بقلم - حازم صاغية

في الدفاع عن أهل غزّة، وفي إدانة العقاب الجماعيّ الذي تعرّضهم له الوحشيّة الإسرائيليّة، ردَّدْنا جميعاً حجّة تقول: غزّة ليست «حماس». والحجّة صائبة جدّاً، مصدرها جملة من الفوارق التي يؤدّي تجاهلها إلى تدمير كلّ حضارة وثقافة وحسّ بالإنسانيّة: فالمدنيّ غير المقاتل، والطفل غير الراشد... فوق هذا يُستدلّ على الفارق بين «حماس» و«غزّة» في كثير من مواقف الغزّاويّين السياسيّة وفي أعمال اعتراضيّة سبق أن أبدوها على الطريقة التي حكمتهم بموجبها «حماس»، فنمّت عن قلّة اكتراثها بحياتهم. لكنّ إسرائيل إيّاها، بأعمالها الهمجيّة، وبالمدى الزمنيّ المتطاول الذي تستغرقه، أوحت بوجود وحدة بين «حماس» وأهل غزّة، أقلّه في التعرّض لمحنة واحدة مصدرها نيران واحدة.

وهذا ليس غريباً عن سلوك الدولة العبريّة في عقابه الجماعيّ الذي لا يوفّر المشافي والأطفال ذاهباً في الجريمة أبعد ممّا يُتَخيّل. وكلُّ عقاب جماعيّ، والحال هذه، يصدر عن مقدّمة إيديولوجيّة واعية أو غير واعية. فإنزال الألم الأعمى بالآخرين يفترض في هؤلاء الآخرين وحدة مرصوصة، وبالتالي فما يستحقّه المقاتل منهم يستحقّه المدنيّ ولو كان طفلاً. والصهيونيّة، ككلّ حركة قوميّة متطرّفة، ترى إلى العالم بوصفه «نحن» مطلقةً و«هُم» مطلقين، ترسم البشر كتلاً تجتمع وتنقسم تبعاً لدين أو ثقافة أو إثنيّة بعينها.

لكنْ إلى ذلك ينبغي أن نقول لأنفسنا إنّ غزّة ليست «حماس»، فلا نكتفي بترداد تلك العبارة أمام الآخرين. وعلينا أن نقولها واثقين منها وممّا يترتّب عنها، وليس كمجرّد مساجلة حربيّة ودعائيّة تحاول الالتفاف على أفعال إسرائيل وأقوالها.

فـ«حماس» يمكن أن تؤذي غزّة عسكريّاً، وهو ما فعلته مراراً وتفعله، وبدورها فغزّة يمكن أن تؤذي «حماس» سياسيّاً، إذا ما سنحت لها فرصة انتخابيّة أو تعبيريّة كي تفعل. لكنّ التعنيف الإسرائيليّ يكتم صوت غزّة المعذّبة بحيث تطغى عليه أصوات تؤكّد أنّها و«حماس» شيء واحد، والتوحيد والدمج مدخل لزعم التمثيل ونفي الاختلاف.

بيد أنّ ما هو دارج اليوم لا يقتصر على مساواة «حماس» بغزّة، ومساواة غزّة بـ»محور المقاومة»، بل يسود نهج يخلط كلّ شيء بكلّ شيء آخر. هكذا يُجَرّ من قبورهم تشي غيفارا وروزا لوكسمبورغ وحسن البنّا وآية الله الخمينيّ وأسامة بن لادن (المُعاد اكتشافه بطلاً تيكتوكيّاً) وصدّام حسين وجمال عبد الناصر وسواهم ليتمّ إجلاسهم جميعاً في حضن أبي عبيدة – «الناطق باسم الأمّة» وفق يافطة تبايعُه عُلّقت في شارع بيروتيّ. وإذ يتعانق كوميون باريس و«دولة الخلافة» والرسالة الخالدة للبعث، يحتفي ما بعد الدولة – الأمّة الذي يستعجل التاريخ طلباً لمساواة مطلقة وفوريّة بين البشر أعراقاً وأجناساً وثقافات، بما قبل الدولة – الأمّة بعالمه الإمبراطوريّ الذي يمجّد حدوداً لا تقبل العبور بين الأجناس والجماعات والمراتب، كما بين «الحرائر» و«الإماء». وهو «حلف» لا يخفّف من غرابته إلاّ افتراض قيامه على خليط من الشفقة والجهل والتوهّم.

فأيّ قيمة للفارق بين فكرة وأخرى، بل أيّ قيمة للأفكار ذاتها، حين تنتهي بنا الدروب كلّها إلى أبي عبيدة، وهذا من دون أن يبدي حاملو تلك الأفكار الكثيرة نأمة تمايُز واحدة عن «ضمير الأمّة» الملثّم؟ وإذا كان ما يبرّر ذلك أنّ أبا عبيدة هو الذي يشغل ميدان الصراع اليوم، فقد سبقه إلى ذاك الميدان نفسه قادة من المذكورين أعلاه لم يتركوا لمن بايعهم إلاّ تجرّع البؤس والكوارث.

وضرر «الحلف» هذا لا يقتصر على ضعف التجانس وعلى وقوفه فوق أرض تتصارع سهولها وجبالها. إذ هو، بسبب من ضعف تجانسه، يحتاج إلى أوضاع كارثيّة مستدامة من أجل إبقائه على قيد الحياة. وفي هذه الغضون تنجرّ عنه نتائج عكسيّة تضاعف تحميل المدنيّين الأبرياء كلفة أفعال المقاتلين. وفي البلدان العربيّة والإسلاميّة، ولكنْ خصوصاً في البلدان الغربيّة، قد تنفجر الكتلة الفضفاضة هذه مخلّفةً من النتائج ما يسيء إلى غزّة وأهلها وحقوقها، وإلى «صورة» العرب والمسلمين و«صورة» عقلهم أيضاً.

وفيما اليمين الأوروبيّ الكاره للأجانب يتربّص، ومعه تتربّص إسرائيل، يعزّز المخاوفَ المشروعة ميل جارف يتعدّى إلصاق غزّة بـ«حماس»، وإلصاق الأفكار جميعاً ببعضها وبأبي عبيدة، إلى إلصاق واحدنا بالآخر. فكما لو أنّنا في سجن، حيث السجين لا يتمتّع بأيّة فرديّة تميّزه عن سجين آخر، نتّجه راهناً لأن نقول قولاً واحداً ونفعل فعلاً واحداً ولا نتحدّث إلاّ لمن يقول قولنا من ألفه إلى يائه ثمّ نسمّي ذلك نقاشاً أو حواراً. والويل لمن لا يتضامن بالطريقة التي يراد له فيها أن يتضامن، أكان في الجامعة أم على شاشة التلفزيون أم في أيّ مكان آخر.

إلاّ أنّ آخرين سيستمرّون، مع هذا، في إصرارهم على التضامن بطريقتهم، يتضامنون مع غزّة ضدّ إسرائيل، ومع غزّة ضدّ «حماس».

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«حماس» ليست غزّة وغزّة ليست «حماس» «حماس» ليست غزّة وغزّة ليست «حماس»



GMT 08:38 2025 الأحد ,09 شباط / فبراير

اختلاف الدرجة لا النوع

GMT 20:02 2025 الأحد ,19 كانون الثاني / يناير

عالم جديد حقًا!

GMT 06:19 2025 الأحد ,12 كانون الثاني / يناير

جانب فخامة الرئيس

GMT 19:43 2025 السبت ,11 كانون الثاني / يناير

أصول النظام السياسى

GMT 19:56 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

عيد سعيد!

إستوحي إطلالتك الرسمية من أناقة النجمات بأجمل ألوان البدلات الكلاسيكية الراقية

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 04:45 2017 السبت ,23 كانون الأول / ديسمبر

آية الشامي اللاعبة الأفضل في البطولة العربية الطائرة

GMT 03:13 2023 الجمعة ,14 إبريل / نيسان

عقبات تواجه تنفيذّ خطة الكهرباء في لبنان

GMT 23:03 2019 الثلاثاء ,15 كانون الثاني / يناير

أطباء مغاربة يرفضون منح "شهادة العذرية" للمقبلات على الزواج

GMT 01:11 2019 الأحد ,13 كانون الثاني / يناير

لبلبة تُوضِّح أنّ عام 2019 بداية جميلة لعام مليء بالحُب

GMT 17:12 2019 الثلاثاء ,08 كانون الثاني / يناير

سلطنة عمان تفتح أبوابها للمواطنين المغاربة دون تأشيرة

GMT 08:18 2018 الإثنين ,01 تشرين الأول / أكتوبر

وفاة مؤلف كتب "حصن المسلم" عن عمر يناهز 67 عامًا

GMT 05:08 2017 الجمعة ,29 كانون الأول / ديسمبر

عصبة الهواة توقف البطولة الوطنية للقسمين الأول والثاني

GMT 23:45 2017 الإثنين ,25 كانون الأول / ديسمبر

عرض فيلم "عقدة الخواجة" لحسن الرداد الشهر المقبل
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
RUE MOHAMED SMIHA ETG 6 APPT 602 ANG DE TOURS CASABLANCA MOROCCO
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib