عن المقاومة واللغة في كلام المقاومين اللبنانيّين
تطورات الحالة الصحية للفنانة أنغام بعد استمرار إقامتها في المستشفى بألمانيا خلال الفترة الماضية الكوليرا تجتاح جميع ولايات السودان وتسجيل أكثر من 96 ألف إصابة وسط أسوأ أزمة إنسانية تشهدها البلاد ارتفاع وفيات المجاعة في غزة إلى 193 بينهم 96 طفلا وسط تحذيرات منظمات دولية من تفاقم الكارثة الإنسانية غانا تعلن مقتل وزيري الدفاع والبيئة في تحطم مروحية ومكتب الرئاسة يؤكد سقوط ضحايا من الطاقم والركاب المغربي رضا سليم يعود للجيش الملكي على سبيل الإعارة قادماً من الأهلي المصري على سبيل الإعارة ستارمر يندد بمعاناة غزة ويهدد باعتراف بدولة فلسطينية وسط إستمرار الدعم الاستخباراتي لإسرائيل كتائب القسام تعلن تفجير جرافة عسكرية للاحتلال شرقي غزة إصابة عدد من الأشخاص في قصف إسرائيلي استهدف جنوب لبنان عائلات الأسرى الإسرائيليين المحتجزين تتوعد بالعصيان المدني احتجاجا على خطة إحتلال غزة فرنسا تعلق إعفاء حاملي جوازات السفر الرسمية والدبلوماسية الجزائرية من التأشيرة
أخر الأخبار

عن المقاومة واللغة في كلام المقاومين اللبنانيّين

المغرب اليوم -

عن المقاومة واللغة في كلام المقاومين اللبنانيّين

حازم صاغية
بقلم - حازم صاغية

حين يتحدّث واحد من قياديّي «حزب الله» اللبنانيّ عن المواصفات المطلوبة كي يكون رئيس الجمهوريّة مقبولاً، فإنّه يُورد عبارات وتعابير من نوع: «لا يخشى الضغوط الأميركيّة»، «تخشاه إسرائيل»، «يتحدّى...»، «يتصدّى...»، «يواجه...».

والحال أنّ اللغة تلك لا تذكّر بالسياسيّ الجيّد بقدر ما تذكّر بالملاكم الجيّد أو بالمصارع الجيّد. فنادراً جدّاً ما يذكر مسؤولو «الحزب» شيئاً عن موقف الرئيس المنشود من الاقتصاد الوطنيّ أو من التعليم، أو عن آرائه الاجتماعيّة ورؤيته إلى العالم، أو عن فساده أو نزاهته، أو عن مدى استعداده للتقيّد بالدستور...، وهي الأمور التي يُسأل عنها السياسيّ ويُحاسَب تبعاً لها.

وهذا ليس مردّه إلى أنّ «حزب الله» بوصفه «مقاومة» لا يستطيع أن يرى العالم إلاّ من هذه الزاوية. يكفي التذكير بأنّ المقاومة الفرنسيّة مثلاً ضمّت بعض أبرز مثقّفي فرنسا الديغوليّين منهم والشيوعيّين على السواء، وأنّها فيما كانت تقاوم الاحتلال النازيّ كانت ترعى مساهمات في الأفكار والإبداع احتلّت مواقع طليعيّة في نتاجات القرن العشرين، لا الفرنسيّ فحسب بل العالميّ أيضاً.

فـ «المقاومة» بالتالي ليست عذراً لأصحابها، وهي من حيث المبدأ لا تفسّر انحصارهم هذا في النظرة القتاليّة إلى العالم المحيط، خصوصاً أنّ النظرة المذكورة لا تقتصر على مواصفات رئيس الجمهوريّة. واقع الحال أنّ كلّ ما تقع عليه عين المقاومة أو يدها هو قتالٌ بقتال. فإذا كان العيش في جوار الموت والخطر مصدراً للتأمّل في الحياة وأحوالها فنحن لن نعثر بتاتاً على شيء من ذلك التأمّل. وإذا كان إفناء الذات في قضيّةٍ ما مصدراً لتوتّر يسائل العلاقة بالحبّ، أو بالجسد والرغبات، ففي حالتنا سيكون هذا كلّه أقرب إلى أمنية محبَطة. هكذا نجدنا بعد نيّف وأربعين سنة على تأسيس المقاومة من دون رواية واحدة ظهرت في نطاقها، ومن دون أيّ عمل إبداعيّ، أدبيّ أو فنّيّ، كائناً ما كان جنسه.

لكنْ إذا كانت متابعة قناة «المنار» التلفزيونيّة التابعة للحزب دليلاً قاطعاً على فقر ساطع كهذا، فإنّ أدبيّات أجهزة الإعلام التي تؤيّد المقاومة تشارك «المنار» نظرتها القتاليّة الضيّقة إلى العالم. والميل هذا إنّما يبلغ ذروة التجلّي في الحديث عن «العدوّ»، أميركيّاً كان أم إسرائيليّاً، وفي الأوصاف التي يوصف بها. فالأخير غالباً ما يصاب بـ «الهلع» و»تصطكّ أسنانه» و»ترتعد فرائصه» و»تنكشف نقاط ضعفه»، فيما الذين يواجهونه «يستشهدون» لكنّهم «يُذلّونه» و»يلقّنونه درساً» و»ينذرونه بالعواقب الوخيمة» و»يهدّدونه فارضين عليه التراجع»، كما «يُفشلون عدوانه» و»تُقلقهم ضرباته»...

هذه اللغة الحربيّة، الأحاديّة في حربيّتها، والغنيّة بالاستبطان النفسيّ والعياديّ، كما باللوحات الملحميّة، لم يقتصر فقرها على الأدب والفنّ، فهي أيضاً لم تُنتج مُنظّراً حربيّاً واحداً: فنحن، في ما نعلم، ليس لدينا صن تزو، الصينيّ الذي عاش قبل 2500 سنة، ولا الجنرال البروسيّ فون كلاوزفيتز ولا الفيتناميّ نغوين جياب... وما يوحي به الافتقار «المهنيّ» هذا هو افتراض أصحابه أنّ القوّة، تماماً كما في حالة المُصارع، حالة طبيعيّة معطاة سلفاً، وأنّها بالتالي مكتفية بذاتها لا تحتاج إلى كثير من الصقل والتفكير.

والراهن أنّ ما هو متوافر أقرب إلى خليط ممّا نسمّيه «لغة المراجل»، أي ما يُشتهَر بقوله القبضايات أو الفُتوّات، وما ترسّب من كلام الأنظمة الأمنيّة والعسكريّة في المشرق العربيّ. فعلى طريقة القبضاي يقول المقاوم إنّ في وسعه أن يفعل بخصمه كذا وكذا لأنّ هذا الخصم «أوهنُ من بيت العنكبوت»، بحسب وصف شهير استخدمه ذات مرّة الأمين العامّ لـ «حزب الله». ونعرف أنّ قبضايات القرى طوّروا، في زمن سابق، طقوساً وإشارات تدلّ إلى قوّتهم الخام (كرفع الجرن) أو إلى تمسّكهم بأقوالهم (كمسك الشاربين).

أمّا لغة الأنظمة، لا سيّما البعثيّة، فكانت تقدّم بلدانها بوصفها وظائف لا بوصفها شعوباً. فتلك البلدان تعيش حالة دائمة تزخر بأفعال الصمود والتصدّي والمواجهة وإحباط المشاريع والأجندات، لكنّها نادراً جدّاً ما تدلي بشيء مفيد عن اقتصادها أو تعليمها أو صحّة أبنائها، وحين تفتح فمها في هذا تكون حكماً تكذب.

ثمّ إنّ «لغة المراجل» ليست مُعدّة لمخاطبة رأي عامّ يراد كسبه، بل هي تفضي، على العكس تماماً، إلى تنفيره. ذاك أنّ استخدام القوّة كاضطرار فرضه احتلال أو ظلم ما غير استخدامها لأنّنا أقوياء وجبابرة نريد تصريف قوّتنا. وكما أنّ القوّة كاضطرار عنصر جاذب لتفهّم الآخرين ولتعاطفهم، فإنّ القوّة كخصلة من خصالنا الأصيلة مبعث خوف حيال أصحاب قوّة كهذه وسبب ارتياب بهم.

وهنا بالضبط يقيم أحد أهمّ الفوارق بين السياسة التي تخدمها القوّة والقوّة التي يراد للسياسة أن تخدمها، فينتهي الأمر بالاثنتين إلى حالة معمّمة من الخوف والتخويف وردّ الخوف في انتظار أن يقضي الله أمراً.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

عن المقاومة واللغة في كلام المقاومين اللبنانيّين عن المقاومة واللغة في كلام المقاومين اللبنانيّين



GMT 08:38 2025 الأحد ,09 شباط / فبراير

اختلاف الدرجة لا النوع

GMT 20:02 2025 الأحد ,19 كانون الثاني / يناير

عالم جديد حقًا!

GMT 06:19 2025 الأحد ,12 كانون الثاني / يناير

جانب فخامة الرئيس

GMT 19:43 2025 السبت ,11 كانون الثاني / يناير

أصول النظام السياسى

GMT 19:56 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

عيد سعيد!

إستوحي إطلالتك الرسمية من أناقة النجمات بأجمل ألوان البدلات الكلاسيكية الراقية

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 04:45 2017 السبت ,23 كانون الأول / ديسمبر

آية الشامي اللاعبة الأفضل في البطولة العربية الطائرة

GMT 03:13 2023 الجمعة ,14 إبريل / نيسان

عقبات تواجه تنفيذّ خطة الكهرباء في لبنان

GMT 23:03 2019 الثلاثاء ,15 كانون الثاني / يناير

أطباء مغاربة يرفضون منح "شهادة العذرية" للمقبلات على الزواج

GMT 01:11 2019 الأحد ,13 كانون الثاني / يناير

لبلبة تُوضِّح أنّ عام 2019 بداية جميلة لعام مليء بالحُب

GMT 17:12 2019 الثلاثاء ,08 كانون الثاني / يناير

سلطنة عمان تفتح أبوابها للمواطنين المغاربة دون تأشيرة

GMT 08:18 2018 الإثنين ,01 تشرين الأول / أكتوبر

وفاة مؤلف كتب "حصن المسلم" عن عمر يناهز 67 عامًا

GMT 05:08 2017 الجمعة ,29 كانون الأول / ديسمبر

عصبة الهواة توقف البطولة الوطنية للقسمين الأول والثاني

GMT 23:45 2017 الإثنين ,25 كانون الأول / ديسمبر

عرض فيلم "عقدة الخواجة" لحسن الرداد الشهر المقبل
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
RUE MOHAMED SMIHA ETG 6 APPT 602 ANG DE TOURS CASABLANCA MOROCCO
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib