عن السلم والإذلال والمسؤوليّة الذاتيّة
استقالة مدير عام بي بي سي ورئيسة الأخبار بعد جدل حول تغطية خطاب ترمب قصف إسرائيلي يستهدف سيارة جنوب لبنان وارتفاع حصيلة الشهداء في غارات متواصلة على النبطية والمناطق الحدودية حماس تندد بجولة رئيس الاحتلال الإسرائيلي في إفريقيا وتدعو الدول لرفض التطبيع وقطع العلاقات اسرائيل تتهم الجيش اللبناني بالتراخي وواشنطن تضغط لقطع تمويل ايران عن حزب الله سحب دفعات من حليب رضع في أميركا بعد تسجيل 13 حالة تسمم والتحقيقات مستمرة لمعرفة مصدر التلوث غزه تواصل النزيف حصيله الشهداء ترتفع الى 69 الفاً والاصابات تتجاوز 170 الف منذ بدء عدوان الاحتلال الإسرائيلي في 7 اكتوبر وزارة الداخلية السعودية تنفذ حكم القتل تعزيراً بحق مواطنين لانضمامهما إلى تنظيم إرهابي يستهدف أمن المملكة غرق قارب قبالة الحدود الماليزية التايلاندية ومفقودون يقاربون 290 شخص ستة قتلى ومئات المصابين بإعصار شديد في ولاية بارانا البرازيلية سوء الطقس في الكويت يجبر تسع طائرات على الهبوط الاضطراري في مطار البصرة الدولي
أخر الأخبار

عن السلم والإذلال والمسؤوليّة الذاتيّة

المغرب اليوم -

عن السلم والإذلال والمسؤوليّة الذاتيّة

حازم صاغية
بقلم - حازم صاغية

عند تناول السلم كمفهوم وممارسة، يقفز إلى الصدارة تمييزان استهلكا كثيراً من الجهد، وغالباً ما أثارا تبايناً وخلافات. أمّا التمييز الأوّل فبين إرساء أسس صلبة للسلم وبين الاكتفاء بتحويل نتائج الحرب، كفعل عسكريّ، إلى واقع سياسيّ وقانونيّ. وأمّا التمييز الثاني فبين السلم كعلاج لنزاعات تُعاش في الحاضر، وربّما الماضي أيضاً، وبينه كمدخل إلى صيغة حياة تسود المستقبل، وفيها تنمو علاقات اقتصاديّة وثقافيّة وفي ما بين المجتمعات المسالمة.

ومَن هم على إلفة مع التاريخ الأميركيّ الحديث يدركون كيف كان للتمييزين المذكورين أن وسّعا شقّة الخلاف بين الرئيس الديمقراطيّ وودرو ويلسون ورئيس لجنة العلاقات الخارجيّة في مجلس الشيوخ الجمهوريّ هنري كابوت لودج، وكان كلٌّ منهما ينطلق من وجهة نظر متكاملة ومتماسكة. ذاك أنّ الأوّل سعى إلى صيغة لإنهاء الحرب العالميّة الأولى يكون عنوانها «سلام من دون انتصار»، بينما أصرّ الثاني على «استسلام ألمانيا غير المشروط». كذلك اقترن اسم الأوّل بإنشاء «عصبة الأمم» ومهمّتها الأساسيّة منع الحروب من خلال الأمن الجماعيّ ونزع السلاح وتسوية الخلافات الدوليّة عبر التفاوض والتحكيم. وكان ويلسون قد استمدّ الفكرة من كتاب إيمانويل كانط «السلام الدائم» الذي سبق له أن درّسه حين عمل أستاذاً في جامعة برينستون. وبدوره كره كابوت لودج، وهو «الانعزاليّ»، «عصبة الأمم» بوصفها تُخضع مصالح الأمن القوميّ الأميركيّ لاعتباراتها.

وفي أوروبا، وعلى نطاق أصغر، أثارت المسائل إيّاها نقاشاً كان نجمه جون ماينرد كاينز، الذي سيغدو بعد سنوات قليلة أحد أبرز اقتصاديّي العالم. فكاينز قدّم استقالته من عضويّته في الوفد البريطانيّ المفاوض في فرساي، بعد الحرب العالميّة الأولى، كما استقال من عمله الاستشاريّ في وزارة الخزانة البريطانيّة التي مثّلها في المفاوضات. أمّا السبب فكان احتجاجه على التنازلات التي فرضها الحلفاء، وبينهم بلده، على ألمانيا، وعلى حجم التعويضات المطلوبة منها التي رأى أنّ أعباءها ستُحمّل إلى مدنيّي ألمانيا الأبرياء. وإذ كتب لاحقاً «الآثار الاقتصاديّة للسلام»، فقد أخذ على معاهدة فرساي تغليبها الانتقام من ألمانيا على فرصة إصلاح الاقتصاد الأوروبيّ الذي دمّرته الحرب، مجادلاً بأنّ على الدولة المهزومة أن ترفض العقوبات المفروضة عليها، ومنتقداً الدول الكبرى لوقوفها وراء اتّفاقيّة اعتبرها غير أخلاقيّة، وهذا فضلاً عن توقّعه نتائج مُرّة للقسوة المفروضة على الشعب الألمانيّ.

وكان تعبير «مثاليّ» أكثر التعابير التي استخدمها «الواقعيّون» (أي في هذا السياق: الثأريّون) في وصف الرئيس ويلسون والاقتصاديّ كاينز. لكنْ سنة بعد أخرى راح يتبدّى حجم الدور الذي لعبته معاهدة فرساي وإذلالها الذي فُرض على الألمان في صعود النازيّة، كما راح يتأكّد أنّ ويلسون وكاينز كانا أبعد نظراً، بلا قياس، من الإذلاليّين.

والحال أنّ التجارب المذكورة لا تطابق أحوالنا لأسباب عدّة، إلاّ أنّها تشبهها في بعض الأوجه، لا سيّما في ضرورة الحضّ على أن لا تُختتم الانتصارات والهزائم بالإذلال. ونعرف، فيما الكلام يتزايد راهناً عن السلم والتطبيع مع إسرائيل، أنّ بنيامين نتنياهو وشركاء حكومته من الدينيّين المتعصّبين، أخصّائيّون في إذلال خصومهم حين يستطيعون ذلك، وأغلب الظنّ أنّهم يستطيعونه اليوم. لكنّنا نعرف أيضاً أنّ تبسيط الأمور وحصرها في بُعد عسكريّ أو أمنيّ قد يكون مصدراً شقيّاً لعذابات لاحقة قد يتسبّب بها سلم إذلاليّ.

فإذا استقرّت الحال على هذا النحو بدا كما لو أنّنا نُجرّ غصباً عنّا إلى السلم الإسرائيليّ بعدما جُررنا غصباً عنّا إلى حروب الممانعين. ففي الحدّ الأدنى، يمكن لصيغة كهذه أن تعزّز حجّة القائلين بأنّ قوّة إيران (أو ربّما تركيّا) مطلوبة ومرغوبة للتوازن مع الدولة العبريّة. وفي الحدّ الأقصى، قد يتّجه غضب الغاضبين إلى جماعات دينيّة وعِرقيّة في بلدانهم، هي تعريفاً ضعيفة وأقلّيّة. ونعرف أنّ تقاليدنا الرديئة التي تعود إلى أواسط القرن التاسع عشر تستسهل الربط بين تلك الأقلّيّات وبين طرف أجنبيّ. ومع كلّ عجز حيال الأخير (غير المقدور عليه) يتعاظم التجرّؤ على الأولى (المقدور عليها).

واعتبارات كهذه قد تفسّر وتبرّر الرغبة في أدوار أميركيّة أكبر، إذ تُعدّ الولايات المتّحدة الطرف الأوحد الذي يستطيع الضغط على إسرائيل، علماً بجواز الشكّ في ممارستها هذا الضغط وفي المدى الذي يبلغه ضغطها.

لكنّ اللوحة لا تكتمل من دون الالتفات إلى الدور الذاتيّ في تعزيز احتمال كهذا. فالتذاكي الغبيّ الذي يندفع أصحابه المهزومون إلى عدم الاعتراف بهزيمتهم، وعدم تسليمهم السلاح تالياً، لا يغري إلاّ بممارسة الإذلال حيالنا جميعاً، إن لم يكن مضاعفته.

ومن يسمع ترّهات الناطقين بلسان «حزب الله»، والتبجّح المَرَضيّ الذي يصدر عنهم، ومن يلاحظ البطء والتردّد الرسميّين في جمع سلاح الطرف المهزوم، يستنتج أنّ أقصى الإذلال الإسرائيليّ، لنا كلّنا، قادم لا محالة. أمّا صون الكرامة، أو ما تبقّى منها، فمعناه الوحيد اليوم المسارعة إلى طيّ هذه الصفحة السوداء.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

عن السلم والإذلال والمسؤوليّة الذاتيّة عن السلم والإذلال والمسؤوليّة الذاتيّة



GMT 16:43 2025 الأحد ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

دفاعاً عن النفس

GMT 16:40 2025 الأحد ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا... إرهاب وسياحة

GMT 16:37 2025 الأحد ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

ممداني... و«سنونو» نيويورك!

GMT 16:34 2025 الأحد ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

ترمب وزهران... ما «أمداك» وما «أمداني»

GMT 16:31 2025 الأحد ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

الحليب والسلوى

GMT 16:26 2025 الأحد ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

مقعد آل كينيدي!

GMT 15:18 2025 الأحد ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

المكان والأرشيف في حياة السينما!!

GMT 15:12 2025 الأحد ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

فاطمة لم تكن وحدها

أنغام تتألق بفستان أنيق وتلهم عاشقات الأناقة في سهرات الخريف

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 07:14 2025 الأحد ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

نانسي عجرم تتألق بصيحة الجمبسوت الشورت
المغرب اليوم - نانسي عجرم تتألق بصيحة الجمبسوت الشورت

GMT 23:21 2025 الأحد ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

غارات مسيرة تستهدف قيادات القاعدة في شبوة اليمنية
المغرب اليوم - غارات مسيرة تستهدف قيادات القاعدة في شبوة اليمنية

GMT 20:01 2025 الأحد ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

الجيش السوداني يصد هجوماً للدعم السريع على بابنوسة
المغرب اليوم - الجيش السوداني يصد هجوماً للدعم السريع على بابنوسة

GMT 15:44 2025 الأحد ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

علماء يكتشفون مفتاح إطالة عمر الإنسان عبر الحمض النووي
المغرب اليوم - علماء يكتشفون مفتاح إطالة عمر الإنسان عبر الحمض النووي
المغرب اليوم - أنباء انفصال هنادي مهنا وأحمد خالد صالح تثير الجدل من جديد

GMT 15:53 2020 الإثنين ,20 إبريل / نيسان

فضيحة أخلاقية في زمن الحجر الصحي بنواحي أكادير

GMT 15:34 2020 السبت ,18 كانون الثاني / يناير

عملاق فرنسا يبدي رغبته في ضم حكيم زياش

GMT 07:22 2018 الخميس ,02 آب / أغسطس

"جاغوار" تطرح نسخة مبتدئة دافعة " two-wheel"

GMT 04:03 2018 الخميس ,12 إبريل / نيسان

غاريدو يكشف أن الرجاء مستعد لمواجهة الوداد

GMT 16:51 2017 الإثنين ,24 إبريل / نيسان

طريقة عمل بروكلي بصوص الطماطم

GMT 05:00 2016 الأحد ,23 تشرين الأول / أكتوبر

طريقة عمل مشروب التوت بالحليب مع الشوكولاتة المبشورة

GMT 01:09 2015 السبت ,17 تشرين الأول / أكتوبر

طبيب ينجح في إزالة ورم حميد من رأس فتاة

GMT 04:40 2016 الجمعة ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

موقع "أمازون" ينشئ سلة مهملات ذكية تدعى "جيني كان"

GMT 02:53 2015 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

المهاجم مراد باطنا يقترب من الانتقال إلى "انطاليا التركي"

GMT 04:17 2012 الجمعة ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

كوزوميل جزيرة الشعاب المرجانية ومتعة هواة الغطس

GMT 10:00 2017 الخميس ,19 تشرين الأول / أكتوبر

النجمة أمل صقر تكشف أن المجال الفني يعج بالمتحرشين

GMT 11:01 2024 الثلاثاء ,27 شباط / فبراير

أبرز عيوب مولودة برج العذراء
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
RUE MOHAMED SMIHA ETG 6 APPT 602 ANG DE TOURS CASABLANCA MOROCCO
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib