درس قبرصيّ للبنانيّين
أميركا تسمح لسوريا باستئناف عمل سفارتها في واشنطن هانيبال القذافي يغادر سجن بيروت بعد عشر سنوات من التوقيف في قضية اختفاء الإمام موسى الصدر تركيا تؤكد على وحدة سوريا وتحذر من مخاطر تقسيمها ترامب يهدد بمقاضاة BBC بعد كشف تلاعب تحريري في وثائقي حول أحداث الكابيتول تجمعات مؤيدة ومعارضة أمام البيت الأبيض خلال أول لقاء بين ترامب والرئيس السوري الانتقالي أحمد الشرع نتنياهو يدعو إلى تشكيل لجنة تحقيق رسمية بشأن أحداث السابع من أكتوبر 2023 في خطاب مثير للجدل أمام الكنيست الولايات المتحدة تنفذ ضربتين جوّيتين ضد قاربين لتهريب المخدرات في المحيط الهادئ وتقتل 6 أشخاص وسط جدل قانوني دولي إعتقالات واعتداءات إسرائيلية على الفلسطينيين في الخليل والقدس ورام الله مع تحطيم قبور بمقبرة باب الرحمة منظمة الصحة العالمية تحذر من أزمة إنسانية في غزة مع انتظار أكثر من 16 ألف مريض للعلاج في الخارج رحيل المطرب الشعبي إسماعيل الليثي بعد تدهور حالته الصحية عقب حادث سير وحزن مضاعف بعد عام من فقدان إبنه
أخر الأخبار

درس قبرصيّ للبنانيّين!

المغرب اليوم -

درس قبرصيّ للبنانيّين

حازم صاغية
حازم صاغية

الـ 200 كيلومتر التي تفصل بين ساحلي لبنان وقبرص لم تعد مسافة. إنّها نظام في تراتُب البلدان وفي القرارات التي تصنع مصائرها.لنتخيّل للحظة قبضةً من الشبّان القبارصة اليونانيّين قرّروا أن يتصرّفوا كما يتصرّف بعض الشبّان اللبنانيّين، أو ما يقولون إنّهم يفعلونه: أن يحرّروا جزيرتهم ويعيدوا توحيدها. هذه المهمّة تستدعي بالضرورة إجلاء القوّات التركيّة من شمال الجزيرة الشرقيّ وإلحاق الهزيمة بجيش المتطوّعين من القبارصة الأتراك وعددهم 9 آلاف.

عملٌ كهذا قد يعتبره كثيرون مطلباً شرعيّاً جدّاً، وهو قابل لأن يُرى كذلك. فالبلاد بلادهم وقد ترافقت تجزئتها مع الغزو التركيّ في أواسط السبعينات. بالتالي، يغدو مطلوباً ومقبولاً تشكيل هؤلاء الشبّان جبهةً للمقاومة الوطنيّة تشنّ عمليّات عسكريّة وتمضي فيها حتّى التحرير الكامل لكامل التراب القبرصيّ.

الشروط السياسيّة التي قد تلائم وضعاً كهذا ليست قليلة: داخليّاً، المؤيّدون من القبارصة الأتراك لإعادة توحيد الجزيرة ليسوا قلّة، وإن كان المعارضون كثيرين أيضاً. خارجيّاً، تركيّا هي البلد الوحيد الذي يعترف بجمهوريّة الشمال التي أعلنت الاستقلال من طرف واحد عام 1983. باقي العالم يعتبر تلك الجمهوريّة غير شرعيّة، ودولٌ كثيرة تقاطعها، ولا تتاجر مع مطاراتها ومرافئها التي انتهى بها الحال إلى الإقفال. فوق هذا فالأوضاع الاقتصاديّة المتردّية لتركيّا ولعملتها تقلّل قدرة أنقرة على إنجاد الشمال القبرصيّ الذي يحتاج الإنجاد.
مع ذلك كلّه، لا نعثر في قبرص اليونانيّة على مثل هؤلاء الشبّان. لا نعثر على جبهة تتعهّد تحرير باقي الوطن وتعلن أنّها ستعبّد الطريق بالدماء والشهداء.

هذا مع العلم أنّنا لا نتحدّث هنا عن مزارع شبعا قبرصيّة، إذ يشكّل الشمال أكثر من ربع المساحة الإجماليّة للجزيرة وربع سكّانها. وطبعاً لا نتحدّث عن فلسطين بالقياس إلى لبنان، إذ القبرصان جزءان من بلد واحد عاش على هذا النحو حتّى قيام التقسيم.

أغلب الظنّ أنّ أسباباً متعدّدة تمنع قيام جبهة تحرير كتلك، وتحول دون ظهور مُقلّدين قبارصة للنموذج اللبنانيّ. تلك الأسباب هي عوامل يمكن وضعها في مواجهة مفاهيم الوطنيّة النضاليّة القديمة:

فأوّلاً، القبارصة اليونان يكرهون الحرب. لا يغنّون لها ولا يكتبون لها القصائد، ولا يربّون أبناءهم على أن يكونوا شهداء الغد. كرهُ الحرب هو الذي يحميهم من أنفسهم وممّا قد يكون أمّاراً بالسوء. كره الحرب هو ما يحول دون تدمير القبرصين، اليونانيّة والتركيّة، بضربة واحدة. إنّهم، في أغلب الظنّ، يفضّلون ازدهار بلدهم وتطوير ديمقراطيّته ويتمتّعون بالثمار التي تدرّها عليهم عضويّتهم في الاتّحاد الأوروبيّ. هذا الهمّ يغلب عندهم همّ المقاومة والتحرير والتوحيد.

وهم، ثانياً، يتعايشون مع واقع التجزئة السلميّ، ما دام أنّ حربهم باتت من الماضي. إنّهم يفضّلون التجزئة المصحوبة بالسلم والاستقرار على تحرير قابل لأن ينقلب احتراباً أهليّاً مفتوحاً. هم، بالطبع، لم يتخلّوا عن وحدة الجزيرة من حيث المبدأ، لكنّهم، في أغلب الظنّ، رهنوا التنفيذ بتحوّلات في الرأي العامّ أو في توازنات القوى... إذا حدث مثل ذلك كان به. إذا لم يحدث مضينا في توطيد الجزء المحرّر سياسيّاً واقتصاديّاً. المهمّ تجنّب العنف والقتال.
هذا التوجّه واضح في أحزابهم، إذ لا يوجد، بين الأحزاب القويّة، حزب يقيم شرعيّته على التحرير والمقاومة. أقواها، «التجمّع الديمقراطيّ»، أيّد في 2004 خطّة الأمم المتّحدة التي عُرفت بـ«خطّة كوفي عنان» لإعادة توحيد الجزيرة. هذه حدودها. قيادة الحزب تعمل على ضبط الأصوات الأكثر تشدّداً فيه. الحزب الثاني، «الحزب التقدّميّ للشعب العامل – أكيل»، الشيوعيّ سابقاً، يؤيّد حلاًّ فيدراليّاً، ويمنح أولويّته للتقارب مع القبارصة الأتراك. الحزب الثالث، «الحزب الديمقراطيّ»، متشدّد سياسيّاً، لكنّ حماسته لأوروبيّته ولعضويّته في «الاتّحاد الأوروبيّ» تضبطان تشدّده. «الجبهة الديمقراطيّة» هي الحزب الرابع الذي انشقّ عن «الحزب الديمقراطيّ» لأنّه أقلّ تشدّداً منه. الحزب الخامس هو «الجبهة الوطنيّة الشعبيّة»: حزب فاشيّ يترجم فاشيّته عداءً للأتراك وللقبارصة الأتراك لكنْ من دون مقاومة. إنّه لا يحرز سوى 4 نوّاب من أصل 56.

وأخيراً، ما في طرف خارجيّ يحضّ القبارصة اليونان على أن يقاتلوا ويحرّروا بلدهم. اليونان لا تفعل هذا، والاتّحاد الأوروبيّ كذلك. إنّهم لا يتمنّون للقبارصة أن يموتوا ولقبرص أن تفنى. الحكمة المعتمَدة هي أنّ التغيير يحصل عبر الضغوط والمقاطعات والإجراءات السياسيّة والاقتصاديّة. ما يحصل عبر القتال هو التدمير فحسب.

موقف القبارصة اليونان لا ينمّ عن ضعف. نتذكّر أنّ الصين الهائلة الحجم والسكّان والإمكانات امتنعت منذ 1949، ولا تزال تمتنع، عن «تحرير» تايوان. لقد امتنعت أيضاً عن ضمّ هونغ كونغ إليها إلى أن تحقّقَ ذلك سلماً وبالاتّفاق مع بريطانيا الملتزمة أصلاً بتسليمها إلى البرّ الصينيّ.

مقابل هذا النموذج الصينيّ هناك النموذج اللبنانيّ (!) الذي لا بدّ أنّه يزيد في تنفير القبارصة من المقاومات والتحرير. إذا كانت «نهاية زمن الهزائم» قد أنهت معها كلّ شيء آخر فلنجرّب الهزائم إذاً. لعلّ وعسى.

في المقابل، لبنان المقاوم والمسلّح والمُفقَر والمعتِم لم تعد أكثريّة أبنائه ترى مثالاتها في بلدان أبعد وأغنى وأشدّ تقدّماً. هذا بات يبدو حلماً مستحيل التحقّق. رجاؤهم أن يصبحوا مثل تلك الجزيرة الجارة. بعضهم يفكّر بالانتقال إليها فيما يأخذ الانتقال شكل الفرار. نعم، إنّها مقسّمة وغير مسلّحة و«مستسلمة»، لكنّها تعيش وتتقدّم.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

درس قبرصيّ للبنانيّين درس قبرصيّ للبنانيّين



GMT 08:38 2025 الأحد ,09 شباط / فبراير

اختلاف الدرجة لا النوع

GMT 20:02 2025 الأحد ,19 كانون الثاني / يناير

عالم جديد حقًا!

GMT 06:19 2025 الأحد ,12 كانون الثاني / يناير

جانب فخامة الرئيس

GMT 19:43 2025 السبت ,11 كانون الثاني / يناير

أصول النظام السياسى

GMT 19:56 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

عيد سعيد!

أنغام تتألق بفستان أنيق وتلهم عاشقات الأناقة في سهرات الخريف

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 17:49 2025 الإثنين ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

المتحف المصري الكبير يجذب 19 ألف زائر يوميا
المغرب اليوم - المتحف المصري الكبير يجذب 19 ألف زائر يوميا

GMT 19:51 2025 الإثنين ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

لاريجاني يؤكد رفض إيران التفاوض على برنامجها الصاروخي
المغرب اليوم - لاريجاني يؤكد رفض إيران التفاوض على برنامجها الصاروخي

GMT 01:06 2025 الثلاثاء ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

بسمة وهبة تدعم زوجة كريم محمود عبد العزيز وتشير لنهايتهم
المغرب اليوم - بسمة وهبة تدعم زوجة كريم محمود عبد العزيز وتشير لنهايتهم

GMT 02:49 2025 الثلاثاء ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

أبل تطلق خطة جديدة ماك بوك رخيص بمعالج آيفون
المغرب اليوم - أبل تطلق خطة جديدة ماك بوك رخيص بمعالج آيفون

GMT 04:27 2012 الإثنين ,17 أيلول / سبتمبر

زيت نخالة الأرز قادر على خفض الكولسترول

GMT 06:18 2019 الأربعاء ,29 أيار / مايو

موجبات التوظيف المباشر في أسلاك الشرطة

GMT 20:34 2018 الأربعاء ,05 كانون الأول / ديسمبر

موعد انطلاق بطولة مجلس التعاون الخليجي للغولف في مسقط

GMT 03:33 2018 الأربعاء ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

"الموناليزا"النيجيرية تعود إلى موطنها إثر العثور عليها

GMT 18:27 2017 السبت ,16 كانون الأول / ديسمبر

سويسرا تطرد فرنسياً تونسياً بشبهة الإرهاب

GMT 10:45 2017 الجمعة ,13 تشرين الأول / أكتوبر

تعرفي على ديكور الحفلات في الهواء الطلق في الخريف

GMT 03:59 2017 الثلاثاء ,11 تموز / يوليو

ريهانا عارية الصدر في ثوب حريري فضفاض

GMT 07:41 2016 الإثنين ,05 أيلول / سبتمبر

تفاصيل جريمة قتل بشعة في أحد أحياء الدار البيضاء

GMT 16:12 2025 الخميس ,24 إبريل / نيسان

وزير الخارجية الأردني يلتقي نظيره الهنغاري

GMT 01:06 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

بيتكوين تقترب من 100 ألف دولار مدفوعة بفوز ترامب
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
RUE MOHAMED SMIHA ETG 6 APPT 602 ANG DE TOURS CASABLANCA MOROCCO
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib