المواطن المحترم في جمهوريّة قليلة الاحترام
أميركا تسمح لسوريا باستئناف عمل سفارتها في واشنطن هانيبال القذافي يغادر سجن بيروت بعد عشر سنوات من التوقيف في قضية اختفاء الإمام موسى الصدر تركيا تؤكد على وحدة سوريا وتحذر من مخاطر تقسيمها ترامب يهدد بمقاضاة BBC بعد كشف تلاعب تحريري في وثائقي حول أحداث الكابيتول تجمعات مؤيدة ومعارضة أمام البيت الأبيض خلال أول لقاء بين ترامب والرئيس السوري الانتقالي أحمد الشرع نتنياهو يدعو إلى تشكيل لجنة تحقيق رسمية بشأن أحداث السابع من أكتوبر 2023 في خطاب مثير للجدل أمام الكنيست الولايات المتحدة تنفذ ضربتين جوّيتين ضد قاربين لتهريب المخدرات في المحيط الهادئ وتقتل 6 أشخاص وسط جدل قانوني دولي إعتقالات واعتداءات إسرائيلية على الفلسطينيين في الخليل والقدس ورام الله مع تحطيم قبور بمقبرة باب الرحمة منظمة الصحة العالمية تحذر من أزمة إنسانية في غزة مع انتظار أكثر من 16 ألف مريض للعلاج في الخارج رحيل المطرب الشعبي إسماعيل الليثي بعد تدهور حالته الصحية عقب حادث سير وحزن مضاعف بعد عام من فقدان إبنه
أخر الأخبار

المواطن المحترم في جمهوريّة قليلة الاحترام

المغرب اليوم -

المواطن المحترم في جمهوريّة قليلة الاحترام

حازم صاغية
حازم صاغية

نبدأ من إيطاليا. من الظاهرة التي لا بدّ من استعادتها عند كلّ حديث عن القضاة:حين انتهت الحرب الباردة وأصيبت الأحزاب التقليديّة وآيديولوجيّاتها بانهيارات متفاوتة، انفجرت أيضاً الروابط المدنيّة والتعاونيّات الاقتصاديّة والمنظّمات غير الحكوميّة. السياسيّون انكشفوا كجماعة ينخرها الفساد. أحزابهم باشرت سحبهم من التداول العامّ. روما بدت، بين 1992 و1994، سفينة وسط مياه مضطربة.

المهمّة التي لم تجد أبطالها، في ظلّ التعطّل السياسيّ، تصدّى لها القضاة الذين عُرفوا بـ «الأيدي النظيفة» (ماني بولايت). لقد استهدفوا سياسيّين ورجال أعمال وإداريّين تشكّلت منهم «تانجنتو بولي»، أو «مدينة الرشوة».

وزارة الماليّة الإيطاليّة قدّرت آنذاك أنّ الفساد والاحتيال الضريبيّ كبّدا الخزينة 90 مليار دولار. أخطر من هذا هبوط تلك الممارسات إلى المستويات السياسيّة والإداريّة الأدنى بحيث طالت رجال شرطة ومعلّمي مدارس وسواهم. المجتمع بأسره بدا مهدّداً بسُمّ التلوّث القاتل.
زاد في فظاعة الظاهرة التي استهدفتها «الأيدي النظيفة» تشابك الفساد والجريمة المنظّمة. «التائبون» من مساجين المافيا كشفوا باعترافاتهم أنّ أقطاباً أساسيّين في حزبي المسيحيّ الديمقراطيّ والاشتراكيّ متعاونون مع الجماعات المافياويّة. هذا التشابك أكسب مهمّة القضاة أبعاداً سياسيّة ووطنيّة وأخلاقيّة حادّة، فظهر من يؤرّخ لتلك اللحظة الإيطاليّة بأنّها انتقال من «ديمقراطيّة الأحزاب» إلى «ديمقراطيّة القضاة» كمحطّة إلزاميّة في الطريق إلى «ديمقراطيّة المواطنين».

«الأيدي النظيفة» لتطهير إيطاليا طالت، بين من طالتهم، سياسيّاً في حجم المسيحيّ الديمقراطيّ جوليو أندريوتّي الذي سبق أن شغل رئاسة الحكومة سبع مرّات. محاكمته ساهمت في نهاية حزبه الذي حكم البلد منذ نهاية الحرب العالميّة الثانية. التطهير القضائيّ طال أيضاً رئيس حكومة سابقاً آخر هو بتّينو كراكسي الذي هرب إلى تونس حيث توفّي. حزبه الاشتراكيّ حلّ نفسه وثلاثة من نوّابه انتحروا.

قرابة ستة آلاف شخصيّة سياسيّة وإداريّة سيقوا إلى المحاكم ما بين 1992 و1994، في عدادهم ربع أعضاء مجلس الشيوخ ومعهم وزراء ونوّاب ورؤساء بلديّات وضبّاط ومديرون...
ما حدث في إيطاليا كانت له أصداؤه في بلدان أخرى. مثلاً، في فرنسا، صيف 1994، أمر القاضي المختصّ بمكافحة الفساد السياسيّ إريك هالفن، باعتقال جان كلود ميري، المسؤول العقاريّ السابق في أمانة العاصمة، وممثّل حزب «التجمّع من أجل الجمهوريّة» الديغوليّ – الشيراكيّ. أُدخل ميري السجن عدّة أشهر، ثمّ أخرجه مرضا القلب والسكّريّ، لكنّ اسمه بات يرادف اللعنة، يهدّده الإفلاس كما تهدّده زوجته بالطلاق.

إذاً ليس تعبير «سلطة القضاء» تعبيراً عديم المعنى في بلدان تقول إنّ نظامها يعتمد فصل السلطات. لكنْ لا في إيطاليا ولا في فرنسا، يوجد مسؤول أمنيّ لـ «حزب الله» يهدّد القاضي بـ «القبْع»، أو سياسيّو طوائف يحتمون من القضاء بمراجعهم الدينيّة والمذهبيّة. هذا بالضبط ما حصل ويحصل للقاضي اللبنانيّ طارق البيطار بهدف ردعه عن التحقيق في مأساة المرفأ التي يُمنع عن اللبنانيّين أن يعرفوا من الذي تسبّب فيها. فلتكن قضاء وقدراً.

«مش عارفين حالكن مع مين عمتحكو»، هذا هو عنوان «النظريّة» التي يعتصم بها سياسيّو الطوائف ممّن يرفضون أيّة سلطة تعلو على سلطتهم التي حالت ولا تزال تحول دون قيام الدولة، أيّة دولة.

والحال أنّنا، في لبنان، نستطيع أن نتحدّث عن أناركيّة الطوائف (أو فوضويّتها، وفق التعريب الشائع). والأناركيّة مفادها أنّ ما من حاجة إلى الدولة أصلاً. إنّها مرفوضة عند ثوريّي اليسار الأناركيّ بسبب رأسماليّتها، وهي مرفوضة عند ثوريّي اليمين الأناركيّ لأنّها تعيق الرأسماليّة وتكبحها. من ميخائيل باكونين يساراً إلى النيو ليبراليّين المتطرّفين موراي روثبارد وديفيد فريدمان يميناً، تُصوّرُ الدولة على أنّها العدوّ والقامع.
لكنّ أحد أهمّ الفوارق بين هؤلاء وأناركيّي الطوائف اللبنانيّة أنّ الأوّلين، بيسارهم ويمينهم، تركوا وراءهم مكتبة تشرح رفضهم للدولة وتعرض بدائلهم عنها. أناركيّونا المحلّيّون توقّف إبداعهم عند تلك العبارة إيّاها: «مش عارفين حالكن مع مين عمتحكو».
لسان حال القاضي بيطار يقول: عارفين حالنا عمنحكي معكن. نريد أن نسائلكم في مسؤوليّة أشخاصكم عن كارثة أودت بالعشرات وشرّدت الآلاف ودمّرت خُمس المدينة العاصمة. في هذا، ينوب القاضي الشجاع عن دولة ضربها العفن الذي لم ينجُ منه قضاؤها نفسه. لكنّه، إلى ذلك، ينوب عن مجتمع بات مهيض الجناح، لا سيّما وقد هُزمت ثورته وتقلّصت بدائله المتاحة وصُودر صوته.وكيف يتجرّأ قاض لم يأتِ من أسرة أعيان، ولا احتمى بسلاح «حزب الله»، على أعيان يحتمي نظامهم بذاك السلاح؟ أليس في هذا تجرّؤ على المستحيل؟
طارق البيطار، الذي يراد «قَبْعه» و«إزاحته» و«استبداله»، آخر المواطنين المحترمين في جمهوريّة جُعلت قليلة الاحترام.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

المواطن المحترم في جمهوريّة قليلة الاحترام المواطن المحترم في جمهوريّة قليلة الاحترام



GMT 08:38 2025 الأحد ,09 شباط / فبراير

اختلاف الدرجة لا النوع

GMT 20:02 2025 الأحد ,19 كانون الثاني / يناير

عالم جديد حقًا!

GMT 06:19 2025 الأحد ,12 كانون الثاني / يناير

جانب فخامة الرئيس

GMT 19:43 2025 السبت ,11 كانون الثاني / يناير

أصول النظام السياسى

GMT 19:56 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

عيد سعيد!

أنغام تتألق بفستان أنيق وتلهم عاشقات الأناقة في سهرات الخريف

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 17:49 2025 الإثنين ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

المتحف المصري الكبير يجذب 19 ألف زائر يوميا
المغرب اليوم - المتحف المصري الكبير يجذب 19 ألف زائر يوميا

GMT 19:51 2025 الإثنين ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

لاريجاني يؤكد رفض إيران التفاوض على برنامجها الصاروخي
المغرب اليوم - لاريجاني يؤكد رفض إيران التفاوض على برنامجها الصاروخي

GMT 01:06 2025 الثلاثاء ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

بسمة وهبة تدعم زوجة كريم محمود عبد العزيز وتشير لنهايتهم
المغرب اليوم - بسمة وهبة تدعم زوجة كريم محمود عبد العزيز وتشير لنهايتهم

GMT 02:49 2025 الثلاثاء ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

أبل تطلق خطة جديدة ماك بوك رخيص بمعالج آيفون
المغرب اليوم - أبل تطلق خطة جديدة ماك بوك رخيص بمعالج آيفون

GMT 04:27 2012 الإثنين ,17 أيلول / سبتمبر

زيت نخالة الأرز قادر على خفض الكولسترول

GMT 06:18 2019 الأربعاء ,29 أيار / مايو

موجبات التوظيف المباشر في أسلاك الشرطة

GMT 20:34 2018 الأربعاء ,05 كانون الأول / ديسمبر

موعد انطلاق بطولة مجلس التعاون الخليجي للغولف في مسقط

GMT 03:33 2018 الأربعاء ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

"الموناليزا"النيجيرية تعود إلى موطنها إثر العثور عليها

GMT 18:27 2017 السبت ,16 كانون الأول / ديسمبر

سويسرا تطرد فرنسياً تونسياً بشبهة الإرهاب

GMT 10:45 2017 الجمعة ,13 تشرين الأول / أكتوبر

تعرفي على ديكور الحفلات في الهواء الطلق في الخريف

GMT 03:59 2017 الثلاثاء ,11 تموز / يوليو

ريهانا عارية الصدر في ثوب حريري فضفاض

GMT 07:41 2016 الإثنين ,05 أيلول / سبتمبر

تفاصيل جريمة قتل بشعة في أحد أحياء الدار البيضاء

GMT 16:12 2025 الخميس ,24 إبريل / نيسان

وزير الخارجية الأردني يلتقي نظيره الهنغاري

GMT 01:06 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

بيتكوين تقترب من 100 ألف دولار مدفوعة بفوز ترامب
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
RUE MOHAMED SMIHA ETG 6 APPT 602 ANG DE TOURS CASABLANCA MOROCCO
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib