روسيا ـ أوكرانيا كلّ بعث إمبراطوريّ وهم مُكلف
أميركا تسمح لسوريا باستئناف عمل سفارتها في واشنطن هانيبال القذافي يغادر سجن بيروت بعد عشر سنوات من التوقيف في قضية اختفاء الإمام موسى الصدر تركيا تؤكد على وحدة سوريا وتحذر من مخاطر تقسيمها ترامب يهدد بمقاضاة BBC بعد كشف تلاعب تحريري في وثائقي حول أحداث الكابيتول تجمعات مؤيدة ومعارضة أمام البيت الأبيض خلال أول لقاء بين ترامب والرئيس السوري الانتقالي أحمد الشرع نتنياهو يدعو إلى تشكيل لجنة تحقيق رسمية بشأن أحداث السابع من أكتوبر 2023 في خطاب مثير للجدل أمام الكنيست الولايات المتحدة تنفذ ضربتين جوّيتين ضد قاربين لتهريب المخدرات في المحيط الهادئ وتقتل 6 أشخاص وسط جدل قانوني دولي إعتقالات واعتداءات إسرائيلية على الفلسطينيين في الخليل والقدس ورام الله مع تحطيم قبور بمقبرة باب الرحمة منظمة الصحة العالمية تحذر من أزمة إنسانية في غزة مع انتظار أكثر من 16 ألف مريض للعلاج في الخارج رحيل المطرب الشعبي إسماعيل الليثي بعد تدهور حالته الصحية عقب حادث سير وحزن مضاعف بعد عام من فقدان إبنه
أخر الأخبار

روسيا ـ أوكرانيا: كلّ بعث إمبراطوريّ وهم مُكلف

المغرب اليوم -

روسيا ـ أوكرانيا كلّ بعث إمبراطوريّ وهم مُكلف

حازم صاغية
بقلم - حازم صاغية

ربّما جاز لمؤرّخ أن يؤرّخ الزمن الممتدّ من الحرب العالميّة الأولى حتّى اليوم بوصفه صراعاً على الإمبراطوريّة: تَفكّكها بنتيجة تلك الحرب ثمّ محاولات متواصلة لإعادة بنائها، محاولاتٌ كلّفت حروباً كثيرة ودماً ودماراً فادحين. حصل هذا في روسيا وفي أوروبا الوسطى وألمانيا واليابان، وبدرجة أقلّ في تركيّا. بعثُ الإمبراطوريّات البائدة كان دائماً وهماً مُكلفاً ينمّ عن مدى التعارض مع وجهة غالبة في الاجتماع السياسيّ كما في العلاقات الاقتصاديّة والتبادل الثقافيّ، وبالتالي عن عدم التقبّل لتلك الوجهة الصاعدة. الدولة – الأمّة ثمّ الديمقراطيّة كانتا، ولا تزالان، الخصم المعلن لمحاولات البعث تلك.
هكذا اكتسب بعثيّو العالم الإمبراطوريّون عدداً من المواصفات:
- تغليب الماضي «المجيد» على الحاضر «الرديء». الماضي معهم لا يمضي.
- وتغليب غير الأوروبيّ على الأوروبيّ، لا بالمعنى الجغرافيّ حصراً، بل بالمعنى الذي يربط الأوروبيّة، ثمّ الأوروبيّة – الأميركيّة، بالديمقراطيّة.
- كذلك تغليب القوّة على خيارات الشعوب الحرّة في السياسات الخارجيّة، والاستبداد على النظام الديمقراطيّ في السياسات الداخليّة.
المواصفات في مجموعها تجعل أصحابها رجعيّين وماضويّين ومتوحّشين.
مؤخّراً، بغزوه أوكرانيا، أعلن فلاديمير بوتين نفسه البعثيّ الأوّل في العالم، وبالتالي أكبر قادة الثورة العالميّة المضادّة لثورات 1989 التي حرّرت عدّة شعوب من رابطة العبوديّة السوفياتيّة بُعيد انهيار الاتّحاد السوفياتيّ نفسه، وأعطتها دولاً حرّة ومستقلّة.
اصطباغ بعث الإمبراطوريّة بمناهضة الثورة جاء بالغ الصراحة والدلالات: ردّاً على التحوّل الهائل الذي أنجزته «الثورات الملوّنة» بجعلها الثورة مفهوماً مدنيّاً ومتمدّناً، أعيد الاعتبار إلى العنف وعلاقات القوّة العارية. وردّاً على «المجتمع المدنيّ» وتنظيماته، رُفع عالياً «المجتمع العسكريّ»، ثمّ ردّاً على تمتّع الدول الصغرى بسياداتها وحرّيّاتها، أعلن، بوحشيّة قصوى، أنّ السيادة والحرّيّة حكران على الإمبراطوريّة حتّى لو كانت مشروعاً مُتَخيّلَاً.
ولا يصعب عَدّ العلامات التي ترسم طبيعة المحاولة البوتينيّة. فبعد تمارين أوّليّة في استعادة اتّحاد سوفياتيّ لم يقتصد بوتين في التفجّع عليه (جورجيا 2008 وأوكرانيا 2014 وسوريّا 2015 استكمالاً للهيبة الامبراطوريّة ومدّاً لنطاقها)، جدّدت موسكو رفضها «توجّه الناتو شرقاً» من دون أن تتوقّف لحظةً أمام رغبة شعوب الشرق في التوجّه غرباً، كما ركّزت على أوضاع الروس خارج روسيا بمعنى يشابه تركيز النازيّين على «الاضطهاد» الذي تتعرّض له الأقلّية الألمانيّة في السودِتنلاند الحدوديّة، والذي كان تمهيدهم لغزو تشيكوسلوفاكيا. هذه السياسة الحربيّة رتّبت كلفة باهظة على الأوضاع الاقتصاديّة للروس الذين ما زال اقتصادهم يقوم على تصدير الموادّ الأوّليّة، لكنّ البشر، كما نعلم، لا أكثر من وقود لنار المشروع الإمبراطوريّ.
أمّا المناخ الداخليّ والخارجيّ لحرب بوتين الذي حوّل «الأوراسيّة» و«التلاحم من لشبونه إلى فلاديفوستك» نكتةً سمجة لنزعة استبداد آسيويّ صرف، فنراه في المعطيات التالية: أوروبا كلّها ضدّ بوتين، وهو ضدّها كلّها، يهدّدها بالسلاح النوويّ. حليفه الأكبر هو الصين، وحلفاؤه الأصغر هم بشّار الأسد وتابعوه اللبنانيّون والفلسطينيّون. الاحتجاج على الحروب ممنوع في موسكو وسان بطرسبورغ، والنشطاء الذين تظاهروا احتجاجاً سيقوا إلى الزنازين (قارن بالتظاهرات في أميركا ضدّ حرب فيتنام، وببريطانيا ضدّ حرب العراق، وبإسرائيل ضدّ حرب لبنان...). ودائماً لا يفوتنا أنّنا نتحدّث عن نظام يحكمه، منذ 2000، شخص واحد، مباشرةً أو مداورة، شخصٌ باتت التعديلات الدستوريّة تتيح له البقاء في الرئاسة حتّى 2036.
والحال أنّ بوتين الذي استعار من القاموس السوفياتيّ القديم تعبير «الجمهوريّتين الشعبيّتين» في وصف انفصاليّي دونيتسك ولوغانسك، تؤرّقه وراثة الاتّحاد السوفياتيّ كمفهوم حربيّ أوّلاً، مفهومٍ لأجله بُنيت «الاشتراكيّة في بلد واحد»، وصارت وظيفة شيوعيّي العالم الدفاع عنه، ولأجله غُزيت هنغاريا وتشيكوسلوفاكيا وكادت تُغزى بولندا، ومن أجل مصالحه كان يُضحّى بأحزاب شيوعيّة كاليونانيّ في أوروبا والعراقيّ في الشرق الأوسط...
يبقى أنّ واحداً من الأسباب التي مهّدت للبوتينيّة أنّ السوفياتيّة كمفهوم حربيّ لم تُراجَع بالنقديّة التي روجعت فيها الفاشيّة بعد الحرب العالميّة الثانية. فالذين شاؤوا أن يبقوا «يساريّين»، وانتهى معظمهم بوتينيّين، مرّوا على تلك التجربة مرور الكرام أو اعتبروا أنّ التنصّل منها تحصيل حاصل لا يستحقّ الإشارة. هكذا استمرّ نظام قِيم قديم ومتجهّم مدارُه القوّة والعدوان. وكم هو بائس، وكإحدى نتائج ذاك النظام، أن يبدو للبعض ماضي فولوديمير زيلينسكي كممثّل كوميديّ أشدّ فضائحيّة من ماضي بوتين كضابط في مخابرات الامبراطوريّة السوفياتيّة.
لقد ظهرت مؤخّراً أصوات مُحقّة تقول إنّ العقوبات التي تُفرض اليوم على بوتين وروسياه كان ينبغي أن تُفرض بالحجم نفسه بعد غزو جورجيا في 2008، أو بعد الغزو الأوّل لأوكرانيا قبل ثماني سنوات، أو مع غزو سوريّا قبل سبع سنوات. هذا لم يحصل، متيحاً للوهم الإمبراطوريّ المكلف أن يمضي في طريقه غير عابئ بشيء. أغلب الظنّ أنّ المجتمعات الديمقراطيّة، التي صُدمت بالغزو الأخير، سوف تباشر المراجعة لكثير من خرافات المرحلة السابقة في ما خصّ التعامل مع البعث الإمبراطوريّ، وأكبر تلك الخرافات عدم التدخّل دعماً للحرّيّة أو ردعاً لجزّاريها.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

روسيا ـ أوكرانيا كلّ بعث إمبراطوريّ وهم مُكلف روسيا ـ أوكرانيا كلّ بعث إمبراطوريّ وهم مُكلف



GMT 08:38 2025 الأحد ,09 شباط / فبراير

اختلاف الدرجة لا النوع

GMT 20:02 2025 الأحد ,19 كانون الثاني / يناير

عالم جديد حقًا!

GMT 06:19 2025 الأحد ,12 كانون الثاني / يناير

جانب فخامة الرئيس

GMT 19:43 2025 السبت ,11 كانون الثاني / يناير

أصول النظام السياسى

GMT 19:56 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

عيد سعيد!

أنغام تتألق بفستان أنيق وتلهم عاشقات الأناقة في سهرات الخريف

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 17:49 2025 الإثنين ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

المتحف المصري الكبير يجذب 19 ألف زائر يوميا
المغرب اليوم - المتحف المصري الكبير يجذب 19 ألف زائر يوميا

GMT 19:51 2025 الإثنين ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

لاريجاني يؤكد رفض إيران التفاوض على برنامجها الصاروخي
المغرب اليوم - لاريجاني يؤكد رفض إيران التفاوض على برنامجها الصاروخي

GMT 01:52 2025 الثلاثاء ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

قائد الجيش الباكستاني يحصل على صلاحيات واسعة وسط معارضة
المغرب اليوم - قائد الجيش الباكستاني يحصل على صلاحيات واسعة وسط معارضة

GMT 01:06 2025 الثلاثاء ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

بسمة وهبة تدعم زوجة كريم محمود عبد العزيز وتشير لنهايتهم
المغرب اليوم - بسمة وهبة تدعم زوجة كريم محمود عبد العزيز وتشير لنهايتهم

GMT 02:49 2025 الثلاثاء ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

أبل تطلق خطة جديدة ماك بوك رخيص بمعالج آيفون
المغرب اليوم - أبل تطلق خطة جديدة ماك بوك رخيص بمعالج آيفون

GMT 04:27 2012 الإثنين ,17 أيلول / سبتمبر

زيت نخالة الأرز قادر على خفض الكولسترول

GMT 06:18 2019 الأربعاء ,29 أيار / مايو

موجبات التوظيف المباشر في أسلاك الشرطة

GMT 20:34 2018 الأربعاء ,05 كانون الأول / ديسمبر

موعد انطلاق بطولة مجلس التعاون الخليجي للغولف في مسقط

GMT 03:33 2018 الأربعاء ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

"الموناليزا"النيجيرية تعود إلى موطنها إثر العثور عليها

GMT 18:27 2017 السبت ,16 كانون الأول / ديسمبر

سويسرا تطرد فرنسياً تونسياً بشبهة الإرهاب

GMT 10:45 2017 الجمعة ,13 تشرين الأول / أكتوبر

تعرفي على ديكور الحفلات في الهواء الطلق في الخريف

GMT 03:59 2017 الثلاثاء ,11 تموز / يوليو

ريهانا عارية الصدر في ثوب حريري فضفاض

GMT 07:41 2016 الإثنين ,05 أيلول / سبتمبر

تفاصيل جريمة قتل بشعة في أحد أحياء الدار البيضاء

GMT 16:12 2025 الخميس ,24 إبريل / نيسان

وزير الخارجية الأردني يلتقي نظيره الهنغاري

GMT 01:06 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

بيتكوين تقترب من 100 ألف دولار مدفوعة بفوز ترامب

GMT 05:10 2022 الجمعة ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

كريم بنزيما أفضل لاعب في العام جلوب سوكر 2022
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
RUE MOHAMED SMIHA ETG 6 APPT 602 ANG DE TOURS CASABLANCA MOROCCO
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib