الصاروخ ضدّ الرغيف
وزير الخارجية المصري تم الاتفاق على أن يدير قطاع غزة فريق مكون من 15 شخصية فلسطينية من التكنوقراط، بإشراف السلطة الفلسطينية، وذلك لفترة مؤقتة مدتها 6 أشهر. شركة الخطوط الملكية المغربية تطلق خدمة ويفي مجانية على متن طائرات "دريم لاينر" الجزائر ترفض بشكل قاطع إجراء صادر عن وزارة الخارجية الفرنسية مادونا تدعو بابا الفاتيكان لزيارة غزة وتحذر من فوات الأوان مباراة الدرع تكشف معاناة محمد صلاح قبل انطلاق الموسم رابطة العالم الإسلامي ترحب بموقف أستراليا الداعم للاعتراف بدولة فلسطين وسائل إعلام لبنانية مناصرون لحزب الله ينظمون مسيرة بالدراجات النارية في الضاحية الجنوبية لبيروت احتجاجًا على قرارات الحكومة بشأن حصر السلاح بيدها ترامب يعلن نشر الحرس الوطني ووضع شرطة واشنطن تحت إدارة اتحادية للتصدي للجريمة الاتحاد الأوروبي يعلن إعداد حزمة عقوبات جديدة ضد روسيا ويتمسك بوقف إطلاق نار كامل قبل أي تنازلات طائرة حربية إسرائيلية تخترق أجواء العاصمة دمشق وتحلق فوق ريفها
أخر الأخبار

الصاروخ ضدّ الرغيف...

المغرب اليوم -

الصاروخ ضدّ الرغيف

حازم صاغية
بقلم - حازم صاغية

فيما كان الزمن ينتقل بنا من عام إلى عام، تحدّث كيم جونغ أون ففهمَ كثيرون أنّه قد ينتقل بلده من أولويّة الصاروخ إلى أولويّة الرغيف. الزعيم الكوريّ الشماليّ، مختتماً سنته العاشرة في السلطة، قال إنّ هدف بلاده للسنة الجديدة إطلاقُ التنمية الاقتصاديّة وتحسين حياة الناس، لأنّ كوريا الشماليّة تواجه «صراعاً كبيراً بين الحياة والموت».
هذا ما قاله هو بلسانه ولم ينسبه إليه إعلام كوريا الجنوبيّة المتّهم بـ«تلفيق الأخبار» عن الجارة الشماليّة.
البعض ربّما فهموا من كلام كيم أكثر ممّا قصد، لكنْ يبقى أنّه، وعلى عكس عادته، لم يلوّح بالصواريخ هذه المرّة ولا وجّه «رسائل ناريّة» إلى الولايات المتّحدة وكوريا الجنوبيّة. ويبدو أنّ الأوضاع في بلده، في ظلّ قيادته، لم تعد تحتمل هذا الترف. ذاك أنّ العزلة التي مرّ عليها عامان، بسبب جائحة كورونا وإغلاق الحدود مع الصين، مصدر كلّ شيء تقريباً، جعلت السيّئ أسوأ. لقد ذكّرت العالم بما شهدته التسعينات الكوريّة إثر انهيار الاتّحاد السوفياتيّ وتوقّف معوناته. حينذاك حلّت مجاعة أودت بمئات الآلاف، وثمّة من قدّر ضحاياها بثلاثة ملايين من أصل 25 مليوناً. «آذار الشاقّ»، الذي سُمّيت به تلك الكارثة، حمل كيم على مصارحة شعبه للمرّة الأولى بوجود «نقص في الغذاء» وبأنّ الخطّة الزراعيّة المعتمدة خذلت الشعب وخالفت توقّعات القيادة. لكنْ، وللتخفيف من وطأة المصارحة، راحت تتكاثر الأخبار الصادرة عن بيونغ يانغ والتي تقول إنّ العالم كلّه على شفير الانهيار، وبالطبع فمعرفة الكوريّين الشماليّين بما يجري في العالم الخارجيّ مهمّة تكاد تكون مستحيلة.
والحال أنّه بات في وسعنا أن نتحدّث، بعد تجارب كوبا وفنزويلّا وإيران وتجربة لبنان منذ عامين، عن معادلة شاملة تضع الصاروخ، أو النزعة الحربيّة عموماً، في مقابل الرغيف: إمّا هذا أو ذاك. أمّا ردّ التمسّك بالصاروخ على حساب الرغيف إلى الكرامة فمنطق لا يردّده بعد اليوم إلاّ اثنان: الخبيث المستفيد من صنع الصاروخ (ومن احتكار الرغيف) والساذج الذي يخدّر جوعه بالكلام المنفوخ عن الصاروخ والكرامة. فلا كرامة، في آخر المطاف، للذين يُحرمون من الحرّيّة ومن الخبز في وقت واحد. ولا يعقل، بعد كلّ حساب، أن تكون كوريا الجنوبيّة التي أنقذت كوريا الشماليّة من المجاعة، عديمةَ الكرامة، فيما الأخيرة تنضح كرامةً وتفيض.
إنّ الكرامة هنا هي الاسم المستعار لحكم طغمة مستبدّة تدوس السكّان وتُفقرهم باسم عدوّ خارجيّ غالباً ما يُراد لعداوته أن تكون أبديّة لا علاج لها. حتّى تذرّعُ الطُغَم الحاكمة بالدفاع عن أفكار أو قيم يتبدّى تذرّعاً مزغولاً: فلا إيران تقاتل في سبيل الله، ولا سوريّا تقاتل في سبيل مبادئ حزب البعث. أمّا كوريا الشماليّة نفسها فأزالت، منذ 2009، في أواخر أيّام الأب كيم جونغ إيل، كلّ إشارة إلى الماركسيّة - اللينينيّة والشيوعيّة من دستورها.
طبعاً هناك من رأى أنّ الصاروخ هو الطريق إلى رغيف الخبز، إذ إنّ مكافحة المستعمر وإجلاءه شرط شارط للتنمية والمستقبل الأفضل. وطبعاً، وكما يقول الشعر، فإنّ «اليد المضرّجة» هي ما يفتح باب الحرّيّة. لكنْ إذا صحّ هذا التقدير في عهد مكافحة الاستعمار فما الذي يسوّغه اليوم بعد عشرات السنوات على الاستقلالات؟
تجربة فيتنام تجيب ببلاغة عن هذا السؤال: حين كان القتال دائراً مع الأميركيّين وأهل الجنوب وُصفت فيتنام بأنّها ملحمة العصر. لكنْ فجأة، وبعدما وضعت الصاروخ جانباً واهتمّت بالرغيف، لم يعد أحد من أولئك المدّاحين القدامى يأتي على ذكرها. إنّ تجربتها في النموّ الاقتصاديّ جيّدة، وعلاقاتها جيّدة مع الأميركيّين والأوروبيّين. إذاً يُستحسن نسيان فيتنام كما لو أنّها لم توجد. الصين كانت لتلاقي التجاهل نفسه لو لم تكن ماضية في مناطحة الأميركيّين.
لهذا يجوز الظنّ أنّ المطلوب، بعيداً من كلّ البهرجات الآيديولوجيّة، إدامة الحالة الحربيّة: «خلّ السلاح صاحي» بحسب ما تقول الأغنية. وفي ظلّ عجز الوعي المتمحور حول الصاروخ عن إحداث أيّ إنجاز في أيّ حقل ما عدا القتال يزداد هذا التمحور ويتعاظم، كذلك يزداد الرفض لكلّ التفاف على الحالة الحربيّة، أكان ذلك بالاقتصاد والمشاريع أو بالثقافة والفنون. هذا كلّه تطبيع يهدّد بتغليب الرغيف على الصاروخ وبإحلال السلم حيث تحلّ الحروب والمنازعات.
لكنْ لنلاحظ اليوم، رغم كلّ الشقاء الذي يقيم في عالمنا المعاصر، أنّ الوعي المتمحور حول الصاروخ صار عتيقاً جدّاً، وهو يزداد عتقاً يوماً بيوم. صحيح أنّه قد يشعل حروباً، وهو قادر على ذلك، إلاّ أنّ موهبته الوحيدة هذه لا تستطيع أن تمنع نخرَه البطيء عبر تعرّضه لأفكار جديدة حول الاستبداد والأبويّة والعنصريّة وأوضاع النساء، وطبعاً كراهية الحروب، وحول التلازم بين هذه القيم والازدهار والبحبوحة. هذه الأفكار «تتسلّل» من خلال التلفزيون والسينما ووسائل التواصل والإعلام البديل وما يتيسّر من سفر أو سياحة أو معرفة بأحوال العالم...، وقبل كلّ شيء من خلال واقع البلدان المعنيّة ذاتها. إنّها لا تكتفي بعزل أصحاب الوعي المتمحور حول الصاروخ، بل تسرق منهم، وبإيقاع يوميّ، أبناءهم الذين بدأوا يمجّون ترّهات أولئك الآباء.
هكذا يغدو الرهان ممكناً على تصدّع القلعة المغلقة في كوريا الشماليّة، وما يقلّدها ويشبهها من قلاع، إن لم يكن في الغد ففي ما بعد الغد، والصاروخ لا يستطيع، إلى ما لا نهاية، أن ينتصر على الرغيف.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الصاروخ ضدّ الرغيف الصاروخ ضدّ الرغيف



GMT 08:38 2025 الأحد ,09 شباط / فبراير

اختلاف الدرجة لا النوع

GMT 20:02 2025 الأحد ,19 كانون الثاني / يناير

عالم جديد حقًا!

GMT 06:19 2025 الأحد ,12 كانون الثاني / يناير

جانب فخامة الرئيس

GMT 19:43 2025 السبت ,11 كانون الثاني / يناير

أصول النظام السياسى

GMT 19:56 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

عيد سعيد!

أزياء كارمن سليمان أناقة معاصرة بنكهة شبابية وجرأة في اختيار الأزياء

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 18:05 2025 الثلاثاء ,01 تموز / يوليو

ليونيل ميسى يدرس الرحيل عن إنتر ميامي

GMT 14:47 2021 الجمعة ,30 تموز / يوليو

موديلات فساتين منفوشة للمحجبات

GMT 18:46 2020 الإثنين ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

تكون مشرقاً وتساعد الحظوظ لطرح الأفكار

GMT 22:45 2020 الجمعة ,14 شباط / فبراير

كتاب جديد يكشف موضع إعجاب غريبا لدى ترامب

GMT 20:56 2018 السبت ,22 كانون الأول / ديسمبر

مطالب بعودة أحكام الإعدام في المغرب بعد مقتل السائحتين

GMT 17:01 2018 الثلاثاء ,11 كانون الأول / ديسمبر

هزة أرضية تضرب الحسيمة ليلا بقوة 3,2 درجة

GMT 04:37 2018 الثلاثاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

ملابس زهريّة أنيقة ومميزة تضامنًا مع مرضى سرطان الثدي

GMT 01:55 2018 الأربعاء ,03 تشرين الأول / أكتوبر

الجعايدي الحارس الأشهر للملك محمد السادس يعود إلى الواجهة

GMT 11:59 2018 الجمعة ,05 كانون الثاني / يناير

يوسف النصيري يقترب من رايو فاليكانو

GMT 19:08 2017 الأربعاء ,20 كانون الأول / ديسمبر

"CineView" يناقش أسباب غياب الفيلم المصري عن مهرجان القاهرة

GMT 12:42 2017 الثلاثاء ,19 كانون الأول / ديسمبر

سفارة المغرب في مصر توضح موقفها بشأن ملفات التأشيرة

GMT 11:55 2017 الثلاثاء ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

حكايات من المخيم مخيم عقبة جبر
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
RUE MOHAMED SMIHA ETG 6 APPT 602 ANG DE TOURS CASABLANCA MOROCCO
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib