فكرة سوريا من الوحدة إلى الحرّيّة
مقتل فلسطينيين أحدهما طفل في قصف إسرائيلي شرق خان يونس الاحتلال الإسرائيلي يسلم 15 جثمانًا جديدًا لشهداء من غزة عبر الصليب الأحمر الصين تطلق ثلاثة أقمار اصطناعية تجريبية ضمن المهمة رقم 606 لصواريخ "لونغ مارش" دونالد ترامب يحضر مباراة دوري كرة القدم الأميركية في سابقة تاريخية للرئاسة استقالة مدير عام بي بي سي ورئيسة الأخبار بعد جدل حول تغطية خطاب ترمب قصف إسرائيلي يستهدف سيارة جنوب لبنان وارتفاع حصيلة الشهداء في غارات متواصلة على النبطية والمناطق الحدودية حماس تندد بجولة رئيس الاحتلال الإسرائيلي في إفريقيا وتدعو الدول لرفض التطبيع وقطع العلاقات اسرائيل تتهم الجيش اللبناني بالتراخي وواشنطن تضغط لقطع تمويل ايران عن حزب الله سحب دفعات من حليب رضع في أميركا بعد تسجيل 13 حالة تسمم والتحقيقات مستمرة لمعرفة مصدر التلوث غزه تواصل النزيف حصيله الشهداء ترتفع الى 69 الفاً والاصابات تتجاوز 170 الف منذ بدء عدوان الاحتلال الإسرائيلي في 7 اكتوبر
أخر الأخبار

فكرة سوريا من الوحدة إلى الحرّيّة

المغرب اليوم -

فكرة سوريا من الوحدة إلى الحرّيّة

حازم صاغية
بقلم - حازم صاغية

ارتبطت سوريا تاريخيّاً بفكرة الوحدة مثلما ارتبطت الجزائر بفكرة الثورة، وفلسطين بفكرة المقاومة، ولبنان بفكرة الحرّيّة. الرئيس الجزائري الراحل أحمد بن بلّه نُسب إليه أنّه قال، حين زار دمشق للمرّة الأولى وراح مُستقبلوه السوريّون يهتفون: «وحدة، وحدة»: إنّ هذا البلد مُصاب بالوحدة.
سوريا، في شكلها الظاهري الراهن، نتاج وحدة الدول التي أنشأها الانتداب الفرنسيّ. الوعي السياسي لمثقّفيها القوميين الكثيرين في القرن الماضي دار حول الوحدة. بعض نقّادهم اعتبروا ذلك تكبيراً لسوريا بـ«إعادة» لبنان والأردن وفلسطين إليها. الوحدة مع العراق كانت موضوعاً حارقاً في سوريا الخمسينات. في أواخر ذاك العقد، ذوّبت سوريا نفسها في دولة الوحدة الأكبر التي جمعتها بمصر.
مركزيّة الوحدة هذه جعلت تلك البلاد مُخيفة لجوارها الذي تُرعبه الوحدة، ولدول كبرى ظنّت أنّ العالم استقرّ على الشكل الراهن للدول. تلك المركزيّة هي أيضاً ما أكسب دمشق لقب «قلب العروبة النابض» عند عشّاق الوحدة. الابتلاء بحكم البعث في 1963 كان مبرّره أنّه ردّ على انفصال 1961 واستعادة للوحدة. تلك الاستعادة لم تتحقّق بالطبع، لكنّ ما يترتّب عادة على الدعوات القوميّة من جيوش وأجهزة أمن هو الذي تحقّق. بعد حين، ابتلع الوليد العسكري – الأمني والدَه الوحدوي ومضى في سبيله بلا حاجة إلى عقائد وعقائديين.
اليوم انفصلت سوريا تماماً عن فكرتها هذه. التلوّث والرثاثة قضما تلك الفكرة بالكامل: «قلب العروبة النابض» صار ينبض كبتاغون وأشياء من هذا القبيل. نظام الأسد، ببطشه الاستثنائيّ، جعل البلاد نفسها بحاجة إلى وحدة تلمّ مناطق النفوذ الكثيرة وتستعيد الملايين من سكّانها المبعثرين فيها والمشتّتين في أرجاء المعمورة.
لكنّ أفكاراً جديدة بدأت تلتصق بالسوريين أعادت تذكيرَنا بها الحرب الروسيّة على أوكرانيا، والتذكيرُ جاء مزدوجاً: الذين تذكّروا النظام وفكرة الوحدة القديمة شبّهوا علاقة روسيا وأوكرانيا بعلاقة سوريا ولبنان. أمّا الذين تذكّروا الشعب وحقبة ما بعد الوحدة، فصدمهم الألم والأرض المحروقة والمدن المدمّرة والأسلحة المستَخدَمة مما يجمع بين السوريين والأوكرانيين.
فالسوريّة الجديدة تعني مواجهة الظلم الخارق بنتيجة التجرّؤ على نظام رهيب، كما تعني اكتشاف العالم وممكناته بعد عزلة مُحكمة ومديدة في ظلّ نظام الأمن وفكرة الوحدة. لقد أنجبت تجربة اللجوء القاسية والكثيفة معاناة التعرّض للهواء بعد انكسار القمقم، معاناة التجربة والخطأ والتفاعل مع قيم وعلاقات مُنع عنها السوريّون عشرات السنين: من التعرّف على الحقّ والقانون إلى مساواة الجنسين وحرّيّات التعبير والتنقّل... وفي بلدان اللجوء الكثيرة، احتلّت فكرة سوريا الجديدة موقعها المناهض للتعصّبات القوميّة والشعبويّة كما مثّل السوريّون ضحايا تلك التعصّبات، وهذا ضدّاً على ما كانت توحيه لسواها سوريّا القديمة، سوريّا فكرة الوحدة.
والسوريّة، أيضاً وأيضاً، غدت صخرة كبيرة ألقيت في بركة الركود المتطاول لمنطقتنا، صخرة ترعب المتسلّطين بعدما كانت ترعب الشعوب، وتطمئن مَن يريد من الشعوب المجاورة إلى احتمالات مستقبل آخر، بعدما كانت لا تطمئن إلا المتسلّطين عليهم.
بيد أنّ فكرة سوريّا الجديدة تنمو مسكونة بالمرارات. ففضلاً على قسوة النظام وقسوة التشرّد، لا يزال الإجماع حول فكرة سوريا الجديدة ضعيفاً بين السوريين. أمّا استقبال العالم لمأساتهم فتراوح ويتراوح بين فاتر وبارد، أو بين سينيكيّ وعاجز، وفي الحالات كافّة أطلّ العالم على حلب من شرفة كييف. كذلك لا يزال الجوار المأزوم هو الآخر كثير الاستحضار لسوريا الوحدة فيما هو يتعامل مع الصورة الناشئة لسوريا الحرّيّة. بعض اللبنانيين مثلاً ما زالوا عاجزين عن الفصل بين صورة السوري الجديد وصورة رجل الأمن القديم. هكذا تراهم يختارون سلوكاً من اثنين: إمّا القسوة على السوري انتقاماً من رجل أمنه الرهيب، وإمّا التماهي مع رجل أمنه بوصفه، في الذاكرة اللبنانيّة، كائناً مرهوباً. بعض الفلسطينيين آثروا تجميد سوريّا في فكرة الوحدة وتنصّلوا من ردّ الدَّين الكبير للسوريين الذين هاموا طويلاً بتحرير فلسطين.
ويبقى في رأس المرارات استحالة الجمع بين الوطن ومخاض الحرّيّة: فإمّا الحرّيّة وبلورة الفكرة الجديدة لسوريّا خارجها، وإمّا الوطن حيث تداس الحرّيّة.
من غير شكّ سيكون صعباً جدّاً التكهّن بالمصير الذي تنتهي إليه عمليّة التحوّل هذه. فأن تتبلور فكرةٌ خارج وطنها، بعد كارثة مطنطنة، فهذا ما تلازمه، بالضرورة، صراعات وتمزّقات ومآسٍ كثيرة. لكنّ المؤكّد أنّ المضي في عمليّة التغيير يستدعي عمليّة تغيّر موازية تصحبها مراجعات جذريّة ومؤلمة هي الأخرى، تطول رواية التاريخ والقيم التي نشأت في زمن الحجْر والقمقم. وهي مراجعات يتصدّرها، لا بدّ، تصفية الحساب نهائيّاً مع فكرة سوريّا الوحدة.

     

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

فكرة سوريا من الوحدة إلى الحرّيّة فكرة سوريا من الوحدة إلى الحرّيّة



GMT 08:38 2025 الأحد ,09 شباط / فبراير

اختلاف الدرجة لا النوع

GMT 20:02 2025 الأحد ,19 كانون الثاني / يناير

عالم جديد حقًا!

GMT 06:19 2025 الأحد ,12 كانون الثاني / يناير

جانب فخامة الرئيس

GMT 19:43 2025 السبت ,11 كانون الثاني / يناير

أصول النظام السياسى

GMT 19:56 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

عيد سعيد!

أنغام تتألق بفستان أنيق وتلهم عاشقات الأناقة في سهرات الخريف

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 07:14 2025 الأحد ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

نانسي عجرم تتألق بصيحة الجمبسوت الشورت
المغرب اليوم - نانسي عجرم تتألق بصيحة الجمبسوت الشورت

GMT 13:37 2025 الإثنين ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

ساركوزي يخرج من السجن بعد 20 يوماً بإشراف قضائي
المغرب اليوم - ساركوزي يخرج من السجن بعد 20 يوماً بإشراف قضائي

GMT 15:44 2025 الأحد ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

علماء يكتشفون مفتاح إطالة عمر الإنسان عبر الحمض النووي
المغرب اليوم - علماء يكتشفون مفتاح إطالة عمر الإنسان عبر الحمض النووي

GMT 11:26 2025 الإثنين ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

يسرا تؤكد أنها لم تلجأ لأي عمليات تجميلية وأسرار نجاحها
المغرب اليوم - يسرا تؤكد أنها لم تلجأ لأي عمليات تجميلية  وأسرار نجاحها

GMT 15:53 2020 الإثنين ,20 إبريل / نيسان

فضيحة أخلاقية في زمن الحجر الصحي بنواحي أكادير

GMT 15:34 2020 السبت ,18 كانون الثاني / يناير

عملاق فرنسا يبدي رغبته في ضم حكيم زياش

GMT 07:22 2018 الخميس ,02 آب / أغسطس

"جاغوار" تطرح نسخة مبتدئة دافعة " two-wheel"

GMT 04:03 2018 الخميس ,12 إبريل / نيسان

غاريدو يكشف أن الرجاء مستعد لمواجهة الوداد

GMT 16:51 2017 الإثنين ,24 إبريل / نيسان

طريقة عمل بروكلي بصوص الطماطم

GMT 05:00 2016 الأحد ,23 تشرين الأول / أكتوبر

طريقة عمل مشروب التوت بالحليب مع الشوكولاتة المبشورة

GMT 01:09 2015 السبت ,17 تشرين الأول / أكتوبر

طبيب ينجح في إزالة ورم حميد من رأس فتاة

GMT 04:40 2016 الجمعة ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

موقع "أمازون" ينشئ سلة مهملات ذكية تدعى "جيني كان"

GMT 02:53 2015 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

المهاجم مراد باطنا يقترب من الانتقال إلى "انطاليا التركي"

GMT 04:17 2012 الجمعة ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

كوزوميل جزيرة الشعاب المرجانية ومتعة هواة الغطس

GMT 10:00 2017 الخميس ,19 تشرين الأول / أكتوبر

النجمة أمل صقر تكشف أن المجال الفني يعج بالمتحرشين

GMT 11:01 2024 الثلاثاء ,27 شباط / فبراير

أبرز عيوب مولودة برج العذراء
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
RUE MOHAMED SMIHA ETG 6 APPT 602 ANG DE TOURS CASABLANCA MOROCCO
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib