سماحة الإسلام ليست كفراً

"سماحة الإسلام" ليست كفراً

المغرب اليوم -

سماحة الإسلام ليست كفراً

عبدالله بن بجاد العتيبي
بقلم : عبدالله بن بجاد العتيبي

«توضيح الواضحات من أصعب الصعوبات، هذا حديث العلم والمعرفة، ومن يحسب أن فهمه الخاص وفهم جماعته وحزبه للإسلام هو الإسلام الحقيقي والخالص الذي نزل على الرسول الكريم فقد أبعد النجعة وضيّق واسعاً وتشدد وتطرف دون اعتبار لقيمة الشهادتين ولأركان الإسلام، تماماً كما صنع الخوارج من قبل وتصنع جماعات الإسلام المعاصرة من «جماعة الإخوان» إلى «تنظيم القاعدة» و«تنظيم داعش».
«التسامح» و«التعايش» بين البشر والأديان، بين الشعوب والمعتقدات، مبادئ إنسانية نبيلة وقد عاش البشر قروناً مع أضدادها من الكراهية والتكفير والقتل والقتال، فأبادوا بعضهم بعضاً باسم الله والدين والطائفة والمذهب.
إنهما مبدآن إنسانيان نبيلان، لهما أصل ثابت في نصوص الأديان وأصل قويٌ في خبرات البشر، وهما يمثلان نتيجة تطور فلسفي وفكري حضاري من جهة ونتيجة تجارب مريرة لم يجن منها البشر سوى الدمار والهلاك، ولينظر كل عاقلٍ إلى الدول التي تتبنى هذه النظرة الضيقة والمتطرفة للإسلام ماذا جنت مجتمعاتها وشعوبها، وما أفغانستان إلا مثالٌ معاصر، وثمة دول تخلّت عن التطرف، ولكن ما زالت تدفع أثماناً باهضة من واقعها ومستقبلها.
يجلس شخصٌ مترفٌ يطلق عثنونه ويدّعي الزهد على أريكة وثيرةٍ ويفتح بثاً في مواقع التواصل الاجتماعي لا يحضره إلا متطرفو الأرض ثم يستجر كل عفن «الصحوة» وخطابها وفتاوى رموزها وتكفيرييها ليهاجم دولاً عربيةً قائدة ورائدةً من أريكته، فيدخل في الإسلام حكاماً وشعوباً وهو لا يرف له جفن.
أليس الإسلام دين السماحة؟ ألا يعرف هذا «الحنيفية السمحة»؟ ألا يستحضر هو وأتباعه ومؤيدوه كل نصوص السماحة في الإسلام؟ الجواب ببساطة هو أنهم يعرفونها جيداً، ولكنهم يفترقون في التعامل معها على طريقتين: الأولى، تجاهلها وتغييبها وعدم ذكرها واستحضارها لأنها لا تخدم المشروع الأصولي والسياسي الذي يتبنّونه، والثانية، تناولها بعد وضعها في سياقٍ ضيقٍ اختاروه، فيضعون لها من التحرّزات والاشتراطات ما يفقدها قيمتها وتأثيرها، فإن جاء فقهاء آخرون وعلماء معتبرون وأظهروها للناس وأبانوها للكافة ثارت ثائرة هؤلاء المتطرفين وقامت قيامتهم.
«التسامح» و«التعايش» مفهومان كبيران دينياً وإنسانياً، في الإسلام وغيره من الأديان، ومثلهما مفاهيم كثيرة ومتعددة مثل «الإنسانية» و«الحب» و«السلام»، والعداء لهذين المفهومين هو عداء لمنظومة متكاملة من المفاهيم الدينية والإنسانية، وانحياز سافرٌ لأضدادها من مفاهيم الكراهية والبغضاء والتكفير والدماء، وأي عاقلٍ قرأ التاريخ ووعاه يعلم أن هذه المفاهيم تؤدي إلى التطور والحضارة والسعادة بينما تؤدي أضدادها إلى التخلف والتطرف والشقاء.
مهما تشدد المتطرفون فإن «سماحة الإسلام» أوضح من أن يغطوها أو يغيبوها، ومهما زينت لهم صراعات التاريخ والمذاهب أن يزيدوا في التطرف ليجبروا المسلمين على اتباع منهجهم الضيق فإنهم لن يفلحوا، ولهم في ما صنعه «الخوارج» في التراث الإسلامي وما صنعته «الفرق» و«الطوائف» المتطرفة نموذج يوضح لهم فشل كل هذه المساعي وإن انتشرت وأثّرت لفتراتٍ معينة من التاريخ، وعمليات الاختباء خلف بعض الفتاوى القديمة أو الشخصيات التي قضت نحبها لن يجديهم شيئاً، فالزمان والمكان والظروف تختلف في فترات متقاربة من الزمن فضلاً عن المدد الطويلة والأزمنة المتطاولة.
أخيراً، ما أجمل ما كتبه الشاعر الكبير الجواهري في مثل هؤلاء الدعاة المتطرفين حين قال: وهؤلاء الدعاة العاكفون على/ أوهامهم صنماً يهدونه القربا
الحابطون حياة الناس قد مسخوا/ ما سنّ شرع وما بالفطرة اكتُسبا
والفاتلون عثانيناً مهرأة/ ساءت لمحتطب مرعى ومحتطبا

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

سماحة الإسلام ليست كفراً سماحة الإسلام ليست كفراً



GMT 08:38 2025 الأحد ,09 شباط / فبراير

اختلاف الدرجة لا النوع

GMT 20:02 2025 الأحد ,19 كانون الثاني / يناير

عالم جديد حقًا!

GMT 06:19 2025 الأحد ,12 كانون الثاني / يناير

جانب فخامة الرئيس

GMT 19:43 2025 السبت ,11 كانون الثاني / يناير

أصول النظام السياسى

GMT 19:56 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

عيد سعيد!

أنغام تتألق بفستان أنيق وتلهم عاشقات الأناقة في سهرات الخريف

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 17:49 2025 الإثنين ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

المتحف المصري الكبير يجذب 19 ألف زائر يوميا
المغرب اليوم - المتحف المصري الكبير يجذب 19 ألف زائر يوميا

GMT 19:51 2025 الإثنين ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

لاريجاني يؤكد رفض إيران التفاوض على برنامجها الصاروخي
المغرب اليوم - لاريجاني يؤكد رفض إيران التفاوض على برنامجها الصاروخي

GMT 09:18 2025 الثلاثاء ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

ناصر بوريطة يتعهد بدعم 350 فاعلاً غير حكومي ماديا خلال سنة 2026
المغرب اليوم - ناصر بوريطة يتعهد بدعم 350 فاعلاً غير حكومي ماديا خلال سنة 2026

GMT 01:06 2025 الثلاثاء ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

بسمة وهبة تدعم زوجة كريم محمود عبد العزيز وتشير لنهايتهم
المغرب اليوم - بسمة وهبة تدعم زوجة كريم محمود عبد العزيز وتشير لنهايتهم

GMT 04:27 2012 الإثنين ,17 أيلول / سبتمبر

زيت نخالة الأرز قادر على خفض الكولسترول

GMT 06:18 2019 الأربعاء ,29 أيار / مايو

موجبات التوظيف المباشر في أسلاك الشرطة

GMT 20:34 2018 الأربعاء ,05 كانون الأول / ديسمبر

موعد انطلاق بطولة مجلس التعاون الخليجي للغولف في مسقط

GMT 03:33 2018 الأربعاء ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

"الموناليزا"النيجيرية تعود إلى موطنها إثر العثور عليها

GMT 18:27 2017 السبت ,16 كانون الأول / ديسمبر

سويسرا تطرد فرنسياً تونسياً بشبهة الإرهاب

GMT 10:45 2017 الجمعة ,13 تشرين الأول / أكتوبر

تعرفي على ديكور الحفلات في الهواء الطلق في الخريف

GMT 03:59 2017 الثلاثاء ,11 تموز / يوليو

ريهانا عارية الصدر في ثوب حريري فضفاض

GMT 07:41 2016 الإثنين ,05 أيلول / سبتمبر

تفاصيل جريمة قتل بشعة في أحد أحياء الدار البيضاء

GMT 16:12 2025 الخميس ,24 إبريل / نيسان

وزير الخارجية الأردني يلتقي نظيره الهنغاري

GMT 01:06 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

بيتكوين تقترب من 100 ألف دولار مدفوعة بفوز ترامب

GMT 05:10 2022 الجمعة ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

كريم بنزيما أفضل لاعب في العام جلوب سوكر 2022
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
RUE MOHAMED SMIHA ETG 6 APPT 602 ANG DE TOURS CASABLANCA MOROCCO
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib