إرث الإمبراطوريات لا يتلاشى
أفاد مصدر ميداني بسقوط 4 شهداء نتيجة استهداف مجموعة من المواطنين أثناء انتظارهم للمساعدات شرقي دير البلح وسط قطاع غزة. أفاد مصدر ميداني بأن جيش الاحتلال فجّر روبوتات مفخخة في وسط خان يونس، تزامنًا مع غارة جوية استهدفت شرق المدينة. وزارة الدفاع الروسية تقول إنها أسقطت 26 طائرة مسيرة أطلقتها أوكرانيا فوق 5 مناطق داخل روسيا "هيونداي" تتفوق على "فولكسفاغن" عالميًا في أرباح التشغيل بالنصف الأول "جنرال موتورز" تحقق رقماً قياسياً جديداً في مدى السيارات الكهربائية الإمارات تنفذ عملية الإنزال رقم 69 وتُدخل 500 طن من المواد الغذائية إلى غزة وزير الخارجية المصري تم الاتفاق على أن يدير قطاع غزة فريق مكون من 15 شخصية فلسطينية من التكنوقراط، بإشراف السلطة الفلسطينية، وذلك لفترة مؤقتة مدتها 6 أشهر. شركة الخطوط الملكية المغربية تطلق خدمة ويفي مجانية على متن طائرات "دريم لاينر" الجزائر ترفض بشكل قاطع إجراء صادر عن وزارة الخارجية الفرنسية مادونا تدعو بابا الفاتيكان لزيارة غزة وتحذر من فوات الأوان
أخر الأخبار

إرث الإمبراطوريات لا يتلاشى

المغرب اليوم -

إرث الإمبراطوريات لا يتلاشى

بقلم : عبدالله بن بجاد العتيبي

عرف التاريخ القديم والحديث ممالك كبرى وإمبراطوريات عظمى تجمع بين القوة والتوسع وفرض الهيمنة ويستحضر الناس الكثير من نماذجها المعروفة، أما ورثتها فهم لا ينسونها تمجداً وفخاراً، وأما خصومها فيستذكرونها بشيء من النقد العميق، وبقية الناس يفعلون ذلك للاتعاظ والاعتبار أو للدرس والفهم.

لا يوجد في التاريخ كله إمبراطورية قامت ولم تسقط، فهي جميعاً تقوم وتتصاعد قوة ونفوذاً ثم تضعف وتضمحل وتسقط أو تتساقط ثم تتلاشى، ولكن إرثها الإمبراطوري لا يتلاشى مثلها، بل يتحوّل إلى ملهمٍ دائمٍ وأوهامٍ متحكمة وربما خطيرة تتشكل في الوجدان الجمعي للأمم والشعوب التي تمثلها، وتتشكل تلك الأوهام والأحلام عبر قومياتٍ أو آيديولوجيات وخطاباتٍ يراد لها التماسك والتأثير وتبني جميعاً على منظوماتٍ من الأفكار والمفاهيم وربما الأحزاب والجماعات التي تبقيها حاضرة في الذهن تحوّلها إلى مشاريع وبرامج عملية، فمستقلٌ ومستكثرٌ.

تتوجه هذه الآيديولوجيات والمنظومات إلى خلق «نوستالجيا» متمكنة وجدانياً وثقافياً وسياسياً وتعتمد على خطابٍ هوياتي عميقٍ تتوارثه الأجيال لمواجهة التحديات وتستخدمه القيادات للتأثير في الحاضر والمستقبل.

عرفت العصور القديمة الإمبراطوريتين الفارسية والرومانية وغيرهما الكثير، وشهدت العصور الوسيطة الإمبراطورية الإسلامية باسم «الخلافة» على اختلاف مراحلها، وعرفت العصور الحديثة الإمبراطوريات الروسية والبريطانية والفرنسية، وأميركا لدى عدد من المؤرخين تعد الإمبراطورية الأقوى في التاريخ.

الإمبراطورية الروسية القيصرية سقطت، ولكن إرثها الإمبراطوري استمر في ثنايا «الشيوعية» في إمبراطورية «الاتحاد السوفياتي» ثم عاد صريحاً مع الدولة الروسية المعاصرة وخطابها القومي والوعي الذي يعبّر عنه الرئيس بوتين في كلماته المطوّلة التي يتناول فيها التاريخ بتفصيل.

الإمبراطورية الفارسية انتهت قديماً، ولكن إرثها يتناقل في إيران، في الدولة الصفوية والقاجارية والبهلوية وتجلى بقوة بعد «الثورة الإسلامية». والإمبراطورية العثمانية سقطت على يد كمال أتاتورك في تركيا، ولكن إرثها تجلى في خطابات وأحزاب عند نجم الدين أربكان وتلاميذه وأفصحت عن نفسها مع إردوغان، وإرث هاتين الإمبراطوريتين يعني القارئ العربي كثيراً لأنها تعمل في منطقتنا وتتقاطع سياساتها وطموحاتها واستراتيجياتها مع دولنا وشعوبنا.

هذا السياق دعوة للتأمل والتفكير وليس له غرض في أي أحكام معيارية أو أخلاقية، بل هو قراءة في الخلفيات العميقة للواقع المعيش سياسياً واجتماعياً وثقافياً بما يمنح المتابع للأحدث والصراعات الإقليمية والدولية رؤية أفضل للدوافع والمؤثرات التي لا تظهرها الأرقام ولا الإحصاءات، ولكنها تكمن خلف ذلك كله، وتأثيرها أقدم وأعمق.

الإمبراطورية الإسلامية عبّرت عنها قرونٌ من «الخلافة الإسلامية» الراشدة والأموية والعباسية والعثمانية، وهي إمبراطورية كبرى وقد سقطت جميعها على مراحل تاريخية متفاوتة، ولكن إرثها الإمبراطوري ما زال موجوداً، وقد تحوّل لأوهامٍ في تصوّر التاريخ وسلسلة من الأوهام لاستعادته، وتجلت تلك الأوهام في آيديولوجيات وجماعات وتنظيماتٍ عرفت بجماعات الإسلام السياسي وهي بنت منظوماتٍ فكرية ومفاهيمية وثقافية واسعة ومتشعبة لإعادة تلك الخلافة وفق نموذج خاص عملت عليه هذه الجماعات.

وقد انتشرت هذه الجماعات في الدول العربية الوارثة لأمجاد الخلافة الإسلامية وفي تركيا الوارثة للخلافة العثمانية، وشيء من ذلك تسرّب لإيران (الثورة الإسلامية) بعدما تبنّت سياسات ما سمّاه المفكر المغربي عبد الله العروبي «تسنين التشيّع» في تفاصيل طويلة ومهمة، ومن الطبيعي أن يوجد مثل هذا الإرث الإمبراطوري على تنوعه في هذه الأماكن.

الأمثلة توضح شيئاً من هذا السياق، وباكستان وماليزيا على سبيل المثال دولتان مسلمتان، ولكن ليس لهما إرث إمبراطوري خاص، ولهذا فالخطاب الإمبراطوري لديهما مستجلب من أوهام استعادة الخلافة الإسلامية، فخطاب أبو الأعلى المودودي الإمبراطوري لجأ للأمة والخلافة الإسلامية لأنه هو شخصياً قادمٌ لباكستان من الهند، والهند لها سياقٌ حضاري مختلفٌ تماماً عن طرحه وفكره، والأمر نفسه مع مهاتير محمد في ماليزيا الذي استجلب خطاباً إمبراطورياً ليس له ولا لبلاده، ولكنه أخذه من دولٍ أخرى واستورده وعمل عليه.

يصح هذا حتى في الإمبراطوريات الحديثة، فتجد دائماً بقايا تعبر عن هذا الإرث الإمبراطوري في الفكر والتاريخ كما في السياسة والثقافة، والإمبراطورية البريطانية التي لا تغيب عنها الشمس انتهت، ولكن إرثها لم ينتهِ، وما دول «الكومنولث» إلا تشبث بها من نوع خاص ضمن سياقات أخرى تعبر عن المعنى نفسه، والإمبراطورية الفرنسية الاستعمارية انتهت، ولكن فرنسا ما زلت تتشبث بالمنظمة «الفرانكفونية» حتى لا ينطفئ ذلك الإرث، و«الكومنولث» البريطاني و«الفرانكفونية» الفرنسية تضم كل واحدة منهما عشرات الدول المنتشرة حول العالم.

هذه الخلفيات التاريخية العميقة تمنح الباحث قدرة على قراءة بعض السياسات والاستراتيجيات للدول المعاصرة، كما تمنح قدرة على فهم الدوافع التي تجعل بعض القيادات وبعض الدول تنفق المليارات وتدعم الجماعات أو الأحزاب أو تنشئها من العدم وتستبع الآلاف المؤلفة من البشر بالآيديولوجيات والخطابات والشعارات في مشاريع إقليمية ودولية لاستعادة شيء من ذلك الإرث وإحيائه والبناء عليه وبمثل هذا الإرث تدير صراعات الحاضر وتبني توسعات المستقبل.

التفاهمات والاتفاقات السياسية تحكم الدول والتزاماتها الحالية، ولكنها لا تلغي أي إرثٍ أو تاريخٍ يتمّ استحضاره والبناء عليه أو الترويج له، وقد شهدت العقود القليلة الماضية صراعاتٍ كبرى في منطقتنا بين مشاريع ثلاثة كبرى؛ هي المشروع الطائفي والمشروع الأصولي ومشروع الاعتدال العربي، وبسبب قوة التدافع تنازلت بعض الدول والجماعات عن مشاريعها المباشرة وخططها العملية وسياساتها المعروفة، واضطرت للتعامل مع واقع جديد فرضت قوة الأطراف الأخرى وتوازنات القوى إقليمياً ودولياً، ولكن الإرث سيبقى موجوداً على الدوام، والوعي به مهمٌّ في الحاضر والمستقبل.

في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، استغرب العالم جميعاً من الإعلان عن محاولة انقلابية في ألمانيا، فيها تنظيمٌ خطط لإسقاط النظام والحكومة والاستيلاء على المؤسسات الدستورية ولديه آيديولوجيا صارمة وسلاح ومستعد لارتكاب الجرائم لتحقيق المشروع، ويقوده أمير ومساعدون في قطاعات مختلفة، والمفارقة في هذا الخبر العجيب هي التي تؤكد هذا السياق وأن بعض الإرث الإمبراطوري الحقيقي أو المتوهم قادرٌ، على الدوام، على التعبير عن نفسه بأشكال متعددة وطرائق مختلفة، وهي لا تبقى دائماً في عالم الأفكار فحسب، بل تتجلَّى أحياناً على الواقع وتؤثر فيه.

أخيراً، فقد كتب الشاعر الألماني غوته يوماً قائلاً: «الذي لا يعرف أن يتعلم دروس الثلاثة آلاف سنة الأخيرة، يبقى في العتمة».

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

إرث الإمبراطوريات لا يتلاشى إرث الإمبراطوريات لا يتلاشى



GMT 14:15 2024 الأربعاء ,15 أيار / مايو

في ذكرى النكبة..”إسرائيل تلفظ أنفاسها”!

GMT 12:08 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

مشعل الكويت وأملها

GMT 12:02 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

بقاء السوريين في لبنان... ومشروع الفتنة

GMT 11:53 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

“النطنطة” بين الموالاة والمعارضة !

GMT 11:48 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

نتنياهو و«حماس»... إدامة الصراع وتعميقه؟

أزياء كارمن سليمان أناقة معاصرة بنكهة شبابية وجرأة في اختيار الأزياء

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 11:19 2019 الجمعة ,08 آذار/ مارس

راموس يُجبر إيسكو على الاعتذار

GMT 19:38 2019 الجمعة ,08 شباط / فبراير

طريقة وضع مكياج ناعم وبسيط للمرأة المحجبة

GMT 02:51 2018 الخميس ,18 تشرين الأول / أكتوبر

تمتّعي بالراحة والنشاط داخل فندق ريجينا باليوني في روما

GMT 17:24 2018 الإثنين ,08 تشرين الأول / أكتوبر

تويوتا سوبرا الجديدة كلياً ستظهر في معرض ديترويت

GMT 16:30 2017 السبت ,09 كانون الأول / ديسمبر

طارق الشناوي يتحدث عن أسرار الأعمال الفنية على "أون بلس"

GMT 10:16 2016 الجمعة ,09 أيلول / سبتمبر

5 حيل للتغلب على مشكلات الشعر الأسود

GMT 21:11 2017 السبت ,14 تشرين الأول / أكتوبر

"اتحاد تمارة" يتعرض لاعتداء في مباراته أمام مولودية آسا

GMT 07:50 2016 الأربعاء ,07 كانون الأول / ديسمبر

الملك محمد السادس يتوسط المواطنين داخل مطعم في نيجيريا
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
RUE MOHAMED SMIHA ETG 6 APPT 602 ANG DE TOURS CASABLANCA MOROCCO
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib