الفرنسي الذي تحدى ماركس
زلزالان بقوة 4.9 و4.3 درجات يضربان ولاية باليكسير غربي تركيا دون تسجيل خسائر أميركا تسمح لسوريا باستئناف عمل سفارتها في واشنطن هانيبال القذافي يغادر سجن بيروت بعد عشر سنوات من التوقيف في قضية اختفاء الإمام موسى الصدر تركيا تؤكد على وحدة سوريا وتحذر من مخاطر تقسيمها ترامب يهدد بمقاضاة BBC بعد كشف تلاعب تحريري في وثائقي حول أحداث الكابيتول تجمعات مؤيدة ومعارضة أمام البيت الأبيض خلال أول لقاء بين ترامب والرئيس السوري الانتقالي أحمد الشرع نتنياهو يدعو إلى تشكيل لجنة تحقيق رسمية بشأن أحداث السابع من أكتوبر 2023 في خطاب مثير للجدل أمام الكنيست الولايات المتحدة تنفذ ضربتين جوّيتين ضد قاربين لتهريب المخدرات في المحيط الهادئ وتقتل 6 أشخاص وسط جدل قانوني دولي إعتقالات واعتداءات إسرائيلية على الفلسطينيين في الخليل والقدس ورام الله مع تحطيم قبور بمقبرة باب الرحمة منظمة الصحة العالمية تحذر من أزمة إنسانية في غزة مع انتظار أكثر من 16 ألف مريض للعلاج في الخارج
أخر الأخبار

الفرنسي الذي تحدى ماركس

المغرب اليوم -

الفرنسي الذي تحدى ماركس

أمير طاهري
بقلم - أمير طاهري

 

حتى بعد فترة طويلة من قيادة دنغ شياو بينغ الصين للخروج من المأزق الماركسي الذي خلقه ماو تسي تونغ، كان الخطاب الرسمي يركز دائماً على الحرف «ب» الذي يرمز إلى البروليتاريا (طبقة العمال). ولقد أكدت القيادة شرعيتها بالرجوع إلى الطبقة العاملة، أي المنتجين في اقتصاد العرض. ومن هذه الزاوية، كان منتجو فائض القيمة هم محور السياسة الاقتصادية.

لكن في مداخلاته الأخيرة في النقاش العام، أضاف الرئيس الصيني شي جينبينغ حرفاً جديداً، وهو حرف «م» الذي يرمز إلى المستهلك. وشدد على ضرورة إعطاء الأولوية لمصالح المستهلك في صياغة الاستراتيجية الاقتصادية للجمهورية الشعبية.

يعكس التحول من حرف «ب» إلى حرف «م» التغيرات الجذرية التي شهدتها الصين في ظهورها كقوة اقتصادية عالمية حديثة.

قبل عشرين عاماً، كان الصينيون منتجين، يزودون العالم بمنتجات رخيصة لا يستطيع معظم مواطني جمهورية الصين الشعبية تحمل تكلفة شرائها. أما اليوم، ورغم ذلك، تحتل الصين المرتبة الثانية في سوق الاستهلاك بعد الولايات المتحدة، ومن المتوقع أن تتجاوزها في تعادل القوة الشرائية للمستهلك (ppp).

عندما كان المنتج محور السياسة، كان من المفترض أن تحسين مستويات المعيشة لا يمكن أن يتحقق إلا بارتفاع الأجور والرواتب. ولكن اتباع هذا المسار كان سيحرم الصين من إحدى مزاياها النسبية، ألا وهي العمالة الرخيصة. فارتفاع الأجور والرواتب سيجعل السلع والخدمات الصينية أكثر تكلفة، مما يؤدي إلى خسارة أو تقلص أسواق التصدير لديها.

يبدو أن الاقتصاديين الصينيين، في أثناء بحثهم عن خيارات أخرى، عثروا على اقتصادي فرنسي شبه منسي من القرن التاسع عشر، ذلك الذي تحدى المد الصاعد للاقتصاد الماركسي في عصره وتركيزه على منتج فائض القيمة، أي الطبقة العاملة.

المنافس الفرنسي لماركس الذي أُعيد اكتشافه هو فريدريك باستيا، الذي تُرجم كتابه «المرئي وغير المرئي» إلى اللغة الصينية في عام 2014، ووفقاً لأفضل المعلومات المتاحة، فقد بيعت منه ملايين النسخ. أعقبت ذلك ترجمة مجموعة من الخطب التي ألقاها باستيا خلال فترة خدمته عضواً في الجمعية الوطنية الفرنسية.

من المرجح أن الرئيس الصيني شي اطَّلع على كتاب باستيا قبل عقد من الزمن، عندما اكتشف هو وقادة صينيون آخرون أطروحة الألماني كارل شميت بشأن السياسة.

أوضح شميت لشي كيف يمكن اكتساب الدولة للشرعية من خلال النجاح في فرض الانضباط، وضمان الأمن، وتوفير الرخاء، والحد من الفساد.

من جانبه، علّم باستيا أشياء عدة منها: تقليص آلية الدولة إلى أصغر حجم ممكن، مما يسمح لطاقات ما يسمى المجتمع المدني بممارسة دور أكبر. وبينما كان الاقتصاديون الماركسيون يدعون إلى التخطيط المركزي وزيادة الإنفاق الحكومي، أظهر باستيا أن الدول الأكثر نجاحاً التي أنشأتها الثورة الصناعية تمكنت من الحفاظ على حصة الناتج المحلي الإجمالي التي تسيطر عليها الدولة عند الحد الأدنى.

الطرح التالي الذي قدمه باستيا هو أن تحسين مستويات معيشة المواطنين لا يمكن أن يتحقق فقط من خلال رفع الأجور والرواتب، لأن ذلك قد يؤدي إلى ارتفاع الأسعار من خلال التضخم، ويؤدي بالتالي إلى نتيجة عكسية. وقد أظهر أن أكثر من 60 في المائة من التحسينات في مستويات المعيشة في الدول الصناعية في أوروبا الغربية في القرن التاسع عشر جاءت من خلال خفض الأسعار وليس من خلال رفع الأجور. وأدى هذا الاقتراح إلى أكبر فرضية طرحها باستيا: إن الطريقة الأضمن لتحسين حياة البشرية جمعاء هي التجارة الحرة في نظام اقتصاد السوق.

إذا كانت الأسعار المنخفضة هي مفتاح الازدهار، فسوف يحتاج المنتجون إلى مزيد من المستهلكين، أي توسيع الأسواق التي يمكن أن تعزز الإنتاج الضخم الذي يُخفض التكاليف. بعبارة أخرى، إذا وسَّعت الطلب فستكون قد حققت هدفك.

بأسلوبه الساخر المميز الذي دافع به عن أطروحاته، اقترح باستيا أن الحكومة في ذلك الوقت، التي كانت قلقة بشأن البطالة الجماعية، بدلاً من تبني الحمائية، يجب أن تحرق باريس ثم تعيد بناءها من خلال توظيف مئات الآلاف من الأشخاص وخلق طفرة اقتصادية.

في أكثر صورها راديكالية، سوف تُترجمُ هذه الفرضية إلى سياسة عدم فرض رسوم جمركية. يقول الرئيس الأميركي دونالد ترمب، الذي من الواضح أنه ليس من المعجبين بشخصية باستيا، إنه يعد الرسوم الجمركية أجمل كلمة في قاموس اللغة الإنجليزية، وهو مصمم على تفكيك أكبر قدر ممكن من الهيكل الذي أقامته أربعة عقود من العولمة.

لذا، فإننا نشهد مشهداً غير مألوف، حيث يقف زعيم دولة رفعت أولاً راية التجارة الحرة العالمية لعقود من الزمن في مواجهة زعيم دولة أخرى قائمة على النظريات الماركسية للاقتصاد الموجَّه، بصفته معارضاً ومؤيداً لمذهب باستيا بعدم فرض الرسوم الجمركية. وغنيٌّ عن القول إن نظام باستيا -على الرغم من أنه كان سوف يرفض مثل هذه العبارة- فهو نظام مناهض للحمائية.

إن اكتشاف القادة الصينيين لباستيا، نقيض محبوبهم السابق ماركس، هو خبر سار لكلٍّ من الصين والعالم. ومع ذلك، سيكون من الخطأ تحويل الباستيّة -إذا أمكن صياغة مثل هذا الشعار- إلى عقيدة راسخة.

والأهم من كل ذلك، أن باستيا لم يكن على دراية بالهياكل الحكومية الحديثة التي حوَّلت كتاب توماس هوبز «اللفياثان» إلى آلة تنظيمية في خدمة المصالح الخاصة، والآيديولوجيات العصرية الرائجة، وعبادة الضحية الوهمية.

لم يفز باستيا بالنقاش حتى في منتصف القرن التاسع عشر في فرنسا، عندما لم تكن «اللفياثان» بالتأكيد آلة تحكم شاملة كما هو الحال مع الجهاز الحكومي الصيني اليوم.

تضع حرب الرسوم الجمركية الحالية ترمب في موقع الحمائي المستوحى من ديفيد ريكاردو، ناهيكم بكارل ماركس، في مواجهة شي جينبينغ الذي اكتشف آدم سميث عبر فريدريك باستيا. يُظهر هذا الصراع أن الأفكار أيضاً لها سوق حرة ويمكن أن تنتشر في اتجاهات مختلفة على مدى فترات زمنية مختلفة.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الفرنسي الذي تحدى ماركس الفرنسي الذي تحدى ماركس



GMT 19:27 2025 الإثنين ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

الفرح ليس حدثاً

GMT 19:13 2025 الإثنين ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

من نيويورك إلى غزّة

GMT 19:10 2025 الإثنين ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

تلك الصورة في البيت الأبيض

GMT 19:07 2025 الإثنين ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

زغلول النجّار.. ودراما الإعجاز العلمي

GMT 19:04 2025 الإثنين ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

لبنان: المفاوضات وأزمة السيادة المنقوصة

GMT 19:02 2025 الإثنين ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

طيور المحبة بين الرياض والقاهرة

GMT 18:58 2025 الإثنين ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

الخوف على السينما فى مؤتمر النقد!

GMT 18:55 2025 الإثنين ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

السيمفونية الأخيرة

أنغام تتألق بفستان أنيق وتلهم عاشقات الأناقة في سهرات الخريف

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 17:49 2025 الإثنين ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

المتحف المصري الكبير يجذب 19 ألف زائر يوميا
المغرب اليوم - المتحف المصري الكبير يجذب 19 ألف زائر يوميا

GMT 19:51 2025 الإثنين ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

لاريجاني يؤكد رفض إيران التفاوض على برنامجها الصاروخي
المغرب اليوم - لاريجاني يؤكد رفض إيران التفاوض على برنامجها الصاروخي

GMT 01:06 2025 الثلاثاء ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

بسمة وهبة تدعم زوجة كريم محمود عبد العزيز وتشير لنهايتهم
المغرب اليوم - بسمة وهبة تدعم زوجة كريم محمود عبد العزيز وتشير لنهايتهم

GMT 04:27 2012 الإثنين ,17 أيلول / سبتمبر

زيت نخالة الأرز قادر على خفض الكولسترول

GMT 06:18 2019 الأربعاء ,29 أيار / مايو

موجبات التوظيف المباشر في أسلاك الشرطة

GMT 20:34 2018 الأربعاء ,05 كانون الأول / ديسمبر

موعد انطلاق بطولة مجلس التعاون الخليجي للغولف في مسقط

GMT 03:33 2018 الأربعاء ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

"الموناليزا"النيجيرية تعود إلى موطنها إثر العثور عليها

GMT 18:27 2017 السبت ,16 كانون الأول / ديسمبر

سويسرا تطرد فرنسياً تونسياً بشبهة الإرهاب

GMT 10:45 2017 الجمعة ,13 تشرين الأول / أكتوبر

تعرفي على ديكور الحفلات في الهواء الطلق في الخريف

GMT 03:59 2017 الثلاثاء ,11 تموز / يوليو

ريهانا عارية الصدر في ثوب حريري فضفاض

GMT 07:41 2016 الإثنين ,05 أيلول / سبتمبر

تفاصيل جريمة قتل بشعة في أحد أحياء الدار البيضاء

GMT 16:12 2025 الخميس ,24 إبريل / نيسان

وزير الخارجية الأردني يلتقي نظيره الهنغاري

GMT 01:06 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

بيتكوين تقترب من 100 ألف دولار مدفوعة بفوز ترامب

GMT 05:10 2022 الجمعة ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

كريم بنزيما أفضل لاعب في العام جلوب سوكر 2022
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
RUE MOHAMED SMIHA ETG 6 APPT 602 ANG DE TOURS CASABLANCA MOROCCO
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib