إيران إما الحديث أو عدمه هذا هو السؤال

إيران: إما الحديث أو عدمه... هذا هو السؤال

المغرب اليوم -

إيران إما الحديث أو عدمه هذا هو السؤال

أمير طاهري
بقلم - أمير طاهري

مع إرسال إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب إشارات متضاربة بشأن نياتها حيال التعامل مع إيران، تنقسم القيادة في إيران مرة أخرى حول كيفية الرد.

يحاول أحد الفصائل رسم صورة قاتمة تمنح فيها الولايات المتحدة لإسرائيل الدعم الكافي لإلحاق هزيمة ثقيلة بإيران لاستكمال الهزائم التي لحقت بالفعل بحلفاء طهران في العراق، وسوريا، ولبنان، واليمن. ومثل هذه الهزائم من شأنها أن تشجع معارضي النظام داخل وخارج البلاد على النزول إلى الشوارع والاستيلاء على السلطة، في حين سيفعل «الحرس الثوري» - الذي يعاني من المعنويات المتدهورة - ما فعله نفسه في سوريا، أي الهروب تحت ظلال الأزمة الاقتصادية لإنقاذ نفسه.

يقول الفصيل نفسه إن الأزمة الاقتصادية الراهنة قد استنزفت إرادة وطاقة قاعدة الدعم المتضائلة للنظام الحاكم، ما يجعل تغيير النظام احتمالاً حقيقياً للمرة الأولى.

إذن، كيف يمكن التفاوض على مثل هذا المنعطف الخطير من الطريق؟ يقترح كبار شخصيات ذلك الفصيل، بمن فيهم الرئيس مسعود بزشكيان، فتح المحادثات التي تهدف إلى منع الحرب والسماح للأمور بالهدوء.

لكن مع من ينبغي أن يتحدث؟ من المفترض أن التحدث إلى الولايات المتحدة محرم بحسب المرشد علي خامنئي الذي يستشهد بفتوى مؤسس النظام الخميني بهذا الشأن، إضافة إلى قانون من قوانين «المجلس الإسلامي»، أي البرلمان الإيراني الذي يؤيد الحظر.

والجواب هو: الثلاثي الأوروبي «فرنسا وألمانيا وبريطانيا العظمى»، الذي تصادف أن تجمعه بواشنطن علاقات آنية مضطربة. تذهب النظرية إلى أن الدول الثلاث سوف ترحب بانقلاب دبلوماسي لاستعادة جزء من الهيبة التي فقدتها إثر قرار الرئيس دونالد ترمب باستبعادها من مبادرته للسلام في أوكرانيا وخططه بشأن مستقبل غزة.

لكن ما الذي قد يتحدث عنه المرء من دون أن يضطر إلى تقديم تنازلات تُسفر عن خسارة هائلة في ماء الوجه؟ يقترح حزب «المحادثات» أن تعرض إيران تجميد برنامجها النووي لمدة عامين إلى ثلاثة أعوام، قبل أن تقرر مع نهاية تلك المدة الاتجاه الذي ينبغي عليها أن تسلكه. وفي الآونة الراهنة، تُنفق إيران موارد طائلة على برنامج لا يوجد له أي استخدام مدني أو عسكري واضح ومُبرر.

وفي المقابل، سوف يستخدم الثلاثي الأوروبي الآلية التي يوفرها قرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة رقم «3221» لتجنب فتح الطريق أمام اتخاذ أي إجراء عسكري ضد إيران. والقرار المذكور أعلاه ينتهي العمل به في أكتوبر (تشرين الأول) المقبل، مما يجعل أي نتيجة غير مقصودة أمراً ممكناً. إن التوصل إلى اتفاق مع الأوروبيين من شأنه أن يساعد في التخفيف من الضغوط المفروضة على إيران، وضخ بعض الحيوية في الاقتصاد الإيراني المحتضر، والمساعدة في منع اندلاع ثورة شعبية واسعة النطاق.

أولئك الذين يُسوقون للتحليل المذكور أعلاه يفترضون أن الولايات المتحدة وإسرائيل سوف تقفان مكتوفتي الأيدي وتراقبان كيف يرتد الخصم الإيراني إلى الحياة من حافة الهاوية.

يُعارض هذا التحليل الفصيل الذي لا يزال موالياً تماماً للمرشد، والذي يُصر على أن أي إظهار للضعف من شأنه أن يُسرع الخطوات نحو تغيير النظام. ونصيحته هي الوقوف بثبات والاستعداد للحرب. والخطوة الأولى هي بناء صندوق للمجهود الحربي. ويكون ذلك من خلال خفض المعروض من العملات الأجنبية في السوق للسماح للعملة الوطنية بالهبوط إلى مستويات أدنى. فالعملة التي كانت تساوي 650 ألف ريال إيراني مقابل الدولار الواحد، تحتاج الآن للهبوط إلى مستوى 900 ألف ريال مقابل الدولار الواحد.

هذه حيلة استخدمها الحلفاء عندما غزوا واحتلوا إيران في الحرب العالمية الثانية. ولأن نفقاتهم في إيران كانت بالعملة المحلية، فقد أجبروا على تخفيض قيمة الريال بنسبة 50 في المائة.

الآن، يلجأ النظام الإيراني إلى هذه الحيلة نفسها لزيادة القوة الشرائية للدولة مع خفض القوة الشرائية للأسر الإيرانية، بما في ذلك الأفراد العسكريون والموظفون المدنيون بالدولة. وللتعويض جزئياً عن ذلك، يُمنح الأفراد الرئيسيون المطلوبون في الحرب مكافآت استثنائية.

والمرشد، الذي يبسط سيطرته على قوات القانون والنظام، قد وضع هذه القوات في حالة تأهب جزئية لوأد أي تمرد في مهده. ويترافق ذلك مع حملة قمع واسعة النطاق ضد المعارضين المحتملين، لا سيما في طهران، مع ورود تقارير عن عمليات اعتقال تعسفية.

كل ذلك يعني أن رأس النظام الإيراني ليس مستعداً لأداء جزء آخر من «مرونته البطولية» من خلال قبول صفقة مع أميركا حتى يتسنى له النأي بنفسه مختاراً خارج ولاية ترمب التي تستمر أربع سنوات، وهي اللعبة نفسها التي دفعت سبعة رؤساء أميركيين متتاليين إلى سلوك طريق مسدود، مما سمح للجمهورية الإيرانية بالاقتراب من يوبيلها الذهبي.

واليوم، فإن الحديث أو عدم الحديث ليس مجرد مسألة مطروحة فقط بالنسبة للفصائل المتنافسة في طهران، وإنما أيضاً بالنسبة للقوى التي - سواء كانت على صواب أو على خطأ - قد اقتنعت بأنه لا يمكن أن يكون هناك سلام واستقرار إقليميين من دون إقناع أو إرغام ما سماه فرنسوا ميتران «المشاغب الكبير» على التغيير أو أن يتم تغييره.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

إيران إما الحديث أو عدمه هذا هو السؤال إيران إما الحديث أو عدمه هذا هو السؤال



GMT 17:44 2025 الإثنين ,05 أيار / مايو

الشهادة القاطعة

GMT 17:43 2025 الإثنين ,05 أيار / مايو

دروز سوريا… تاريخ لا يمكن تجاوزه

GMT 17:41 2025 الإثنين ,05 أيار / مايو

لا تطمئنوا كثيرًا..!

GMT 17:36 2025 الإثنين ,05 أيار / مايو

استنزاف الشرع أم تفكيك سوريا؟

GMT 17:34 2025 الإثنين ,05 أيار / مايو

إعادة قراءة لتواريخ بعيون فاحصة

GMT 17:32 2025 الإثنين ,05 أيار / مايو

إيران دون عقوبات: تمكين الحلفاء بديل النووي

GMT 17:30 2025 الإثنين ,05 أيار / مايو

هل عاد زمن العطارين؟

أمينة خليل تتألق في الأبيض بإطلالات عصرية ولمسات أنثوية

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 14:41 2023 السبت ,22 إبريل / نيسان

زلزال بقوة 4.5 درجة في اليونان

GMT 07:39 2019 الخميس ,24 تشرين الأول / أكتوبر

"الغجر يحبُّون أيضًا" رواية جديدة لـ"الأعرج"

GMT 15:40 2019 السبت ,21 أيلول / سبتمبر

كيفية اختيار لون المناكير المناسب

GMT 23:58 2018 الجمعة ,14 كانون الأول / ديسمبر

ساني يهزم نيمار في سباق رجل جولة دوري أبطال أوروبا

GMT 19:43 2018 السبت ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

البدواوي يكشف أن "حتا" شهدت إقبالاً كبيراً من السياح

GMT 14:00 2018 الجمعة ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

نادي "إشبيلية" يرغب في التعاقد مع ماركوس يورينتي

GMT 00:51 2018 الجمعة ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

التلفزيون الملون لم يدخل بيوت الآلاف في بريطانيا

GMT 00:29 2018 الخميس ,08 تشرين الثاني / نوفمبر

صفية العمري تؤكّد أنها تبحث عن الأعمال الفنية الجيدة فقط
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib